“تتخني بفلوس وتخسي بفلوس”.. هكذا أعرب والد فاطمة فضل، الفتاة الجامعية عن غضبه عندما طلبت منه الذهاب لطبيب لاتباع نظام غذائي لإنقاص وزنها الذي طالما سخر منه أصدقائها.

“فاطمة” لم تكن الوحيدة التي تعرضت للتنمر بسبب السمنة، فالمجتمعات العربية تربط بين زيادة وزن الفتاة المقبلة على الزواج وصعوبة إيجاد شخص مناسب لها، وعليها تقبل من يتقدم لها خوفا من شبح العنوسة.

حلم خسارة الوزن يطارد الفتيات للوصول إلى جسد رشيق، أموال طائلة تنفق على شراء منتجات التخسيس والوصفات الطبية والأطباء.

ووفقًا للمسح الصحي السكاني لعام 2014، أظهر أن الموروثات الاجتماعية أهم التحديات التي تواجه المجتمع، حيث تعاني 85% من السيدات من زيادة في الوزن، وأكثر من 40% منهن وصلن للسمنة المفرطة”

هاجر سعد، صاحبة الـ 30 عام، تعيش في ريف مدينة الجيزة، منذ نعومة أظفارها وهي مختلفة عن أقرانها، تتميز بجسد ممتلئ، لطالما منعها من ممارسة العديد من الأنشطة بحجة أن لها شكل أكبر من عمرها.

ظلت الفتاة الثلاثينية تعاني من تنمر المحيطين بها، بسبب وزنها الزائد، لا تستطيع أن تجلس مع أصدقائها أو ذويها دون الإشارة إلى مدى بدانتها ومن سيوافق عليها كزوجة، وبالطبع يقال لها هذا الكلام على أنه دعابة، حتى أطلقوا عليها لقب “بكبوظة”.

حاولت كثيرًا اتباع نظم غذائية، حتى إنها أصيبت بفقر دم، تسبب في إغماءات عدة لها، ولم ينقص وزنها سوى عدة كيلوجرامات قليلة، ما تسبب في مرورها بأزمة نفسية، خاصًة بعدما تقدم لها أشخاص غير مناسبين، بحجة أنها غير مرغوبة.

 خطبة بالإكراه

“فاطمة” طالبة في السنة الأخيرة بالجامعة، تقول أدرس الإعلام، أتمنى أن أكون مقدمة برامج، لكن كل من حولي يخبرني بأني لن أنجح، ويكثرون من إلقاء النكات السخيفة المتعلقة بزيادة وزني.

وتكمل “ما أثار غضبي حقًا هو أبي عندما تقدم لي ابن خالتي، ووافق على الفور، وعندما رفضت غضب وأخبرني أنها فرصة العمر بالنسبة لي، ولن أجد من هو أفضل من هذا، لذا على أن أقبل”.

ورغم اعتراض الفتاة على قرار والدها إلا أنه أتم الخطبة بحجة أنه يعرف مصلحتها أكثر منها، وأنها لن تستطيع أن تلتحق بأي وظيفة بسبب وزنها الزائد، وعليها أن تقبل بما تهديها الحياة من فرص دون التفكير أو الاختيار.

 خلطات غير موثوقة المصدر

شيماء محمد، تبلغ من العمر 33 عام، جربت عدد من الوصفات الطبية غير موثوقة المصدر، حتى تتخلص من وزنها الزائد، الذي يمنع “عدلها” أو نصيبها من في الزواج، تعاني الفتاة من السمنة منذ أن دخلت الجامعة، ولا تعرف السبب، تأكل فقط القليل من الطعام لكن يزيد وزنها.

ظلت طوال سنين الجامعة وحدها، لم تستطع أن صنع أصدقاء، تشعر بأنها سيئة المظهر طوال الوقت، لم تخوض تجارب عاطفية مثل صديقاتها، لأن الرجال لا يبحثون عن فتاة بدينة.

بدانة

بعد أن أنهت الجامعة عملت في مدرسة قريبة من منزلها، وظلت نظرات المحيطين لها تحرقها، تعلم أنها ممتلئة لكن لا تستطيع أن تفعل شيء حيال ذلك، إلى أن جاءت لها صديقتها بوصفة سحرية من أحد العطارين.

شعرت وقتها بأنها استردت أملها في امتلاك جسد رشيق، خاصًة بعدما أصبحت في الـ27 من العمر، وأطلق عليها “عانس” في مجتمعها، وبعدما تناولت الوصفة الطبية شعرت بإعياء شديد وذهبت إلى المستشفى.

بعدما أفاقت من الإغماء علمت أنها تعرضت لتسمم بسبب مادة ما كانت تتناولها باستمرار، ونصحها الأطباء بعدم شراب منتجات مجهولة الهوية لما لها من تأثير ضار على الجسد.

ومن وقتها ولم تلجأ “شيماء” إلى أي وسيلة لإنقاص وزنها، لكنها ظلت تتهرب من شبح العنوسة الذي أصبح يرافقها في كل مكان، وتتهرب منم نظرات من حجولها لجسدها باشمئزاز.

 بيزنس العمليات الجراحية للتخلص من السمنة

تنتشر إعلانات التخلص من السمنة على صفحات الفيس بوك، ما بين إجراء لعمليات جراحية، والاعتماد على الأعشاب، وغيرها من الطرق خاصًة للمقبلين على الزواج، ومن يحلمون بجسد رشيق.

وإعلان أخر عن إمكانية الدفع بالتقسيط يقول “الشتاء هيخلص.. يعنى الهدوم الشتوى اللى كانت بتدارى الكرش والدهون الزايدة خلاص هتتشال فى الدولاب.. علشان كدة معانا هتقدروا تلبسوا براحتكم، لأنكم هتستفيدوا بخصم على عملية تكميم المعدة وكمان بالتقسيط، يعنى توفير ووزن أقل فى عرض واحد، الحقوا عرض تكميم المعدة لأنه لأخر شهر أبريل بس، ادفع 10 آلاف جنيه وقسّط الباقى على مدار سنة واحدة بس.. مش مطلوب غير بطاقة حضرتك وبطاقة الضامن ووصل مرافق حديث ومفردات مرتبك”.

أستاذ الجراحة بطب عين شمس مؤسس الجمعية المصرية لجراحات السمنة المفرطة، الدكتور خالد جودت، قال إن مصر تشهد إجراء 30 ألف جراحة سمنة مفرطة سنويا، وأوضح أن جراحات السمنة شهدت تطورات كثيرة خلال الـ 50 عاما الماضية.