خلافات عدة شهدها موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أشعلت الأجواء كالنار في الهشيم، إذ تسببت في فتنة كبيرة بعد ان تحولت لخلافات دينية وحروب على الإسلام رغم أنها بعيدة كل البعد عن أن تكون كذلك.

ورغم تأكيد عدد من علماء الدين، على أنه لا يوجد ما يسمى بالمايوه الشرعي أو “البوركيني”، إلا أن صفحات عدة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، استطاعت تغيير مسار الخلاف من حرية شخصية إلى أزمة دينية، مبررين ذلك بأن ما تفعله إدارة الفنادق المختلفة يُعد حربًا على الإسلام، ورغبة في انتشار العُري، للقضاء على تعاليم الدين، في حين أنه يتم السماح لمن يرتدين “البكيني” بنزول المياه.

ترويج لأفكار إرهابية

لم تكتفي تلك الصفحات، بتحويل اختلاف وجهات النظر لحرب طاحنة، بل أخذت في الترويج لأفكارها إرهابية، محاولة من القائمين عليها في تلقين رواد منصات التواصل الاجتماعي بالسموم الفكرية التي طالما سعوا لها على مدار السنوات الماضية.

البوركيني”الدفاع عن الإسلام.. الجهاد.. تنفيذ السنة”، انتشرت تلك الجملة بكثرة وسط منشورات الدفاع عن ارتداء السيدات “للبوركيني”، على الرغم من أنه لا يوجد ما يعرف بالمايوه الشرعي في الإسلام، إلا أنهم حولوها لحرب ضد الإسلام، كمحاولة لإثارة الأزمات بين المواطنين وبعضهم من ناحية، والمواطنين والدولة، من ناحية أخرى.

بل وروجت تلك المجموعات لتصريحات مفبركة على لسان فضيلى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، باستخدام لوجو خاص بالمواقع الإخبارية والإلكترونية، وبداخله هجوم على قرارات الدولة، بالتزامن مع أزمة انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد، وللرد على أزمة “البوركيني”.

كما زجت تلك الصفحات، بقرار إغلاق المساجد، في حربها الإلكترونية، حيث اعتبرته قرار غير مجدي، لأن الصلاة هي التي ستنجي الهالكين من عدوى فيروس كورونا، معتبرين أن الأمراض لا تصيب مؤمن، لذا انتشرت صور لشيخ الأزهر وهو يهاجهم قرار إغلاق المساجد، على الرغم من أنه كان يتبنى مبدأ “لا ضرر ولا ضرار”.

حرب لجان إلكترونية دينية

عمرو فاروق، الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، يقول إن اللجان الإلكترونية للجماعات الإرهابية حاولت خلال أزمة فيروس كورونا أن إشعال الفتن، وإظهار النظام الحالي على أنه يحارب الإسلام، ويحاول القضاء عليه.

ويضيف الباحث في شئون الجماعات الإرهابية: “تعمل اللجان الإلكترونية بشكل ممنهج ومنظم، حيث تحول أي خلاف قائم خاصة على فيس بوك إلى أزمة دينية، ومن هنا يبدأ النقاش ما بين حلال وحرام”.

ويتابع فاروق: “تسعى تلك الجماعات إلى أن تنسب بعض التصريحات للشخصيات المهمة دينيًا، أو أصحاب السلطة الدينية، حتى يشعلوا الأزمة، مثلما حدث في قرار إغلاق المساجد وأزمة البكيني والبوركيني”.

ويؤكد فاروق، أن لجان الإرهبيين تبث أفكارهم بين السطور، محاولة منهم لزعزعة الاستقرار الذي يبدأ بتقسيم الشعب على القضايا، وإشعال الفتنة تجاه النظام الحالي لكونه يحارب الإسلام ويرغب في القضاء على تعاليمه.

شعب متدين بطبعه

أستاذ علم النفس، الدكتور فتحي الشرقاوي، يقول إن الشعب المصري “متدين بطبعه” لذا تجد أن اللجان الإلكترونية الموجودة على صفحات التواصل الاجتماعي تحاول الوصول إليه عن طريق الخلافات الدينية.

ويضيف الشرقاوي: “خاصة تلك التي تمس العادات والتقاليد، في محاولات لإشعال الرأي العام، ونفخ نيران الأفكار الإرهابية داخله، حيث يلعبون على نقطة حرب الإسلام، ليشعروا المواطن بأزمة حقيقة تجعله يتبنى أفكارهم، بكونهم المدافعين عنها”.

ويستطرد أستاذ علم النفس: “هذا نوع من الاستمالات النفسية، وهي أني أحارب معك لأجل قضية مشتركة، لذا ينسبون تصريحات مفبركة لشخصيات ذات قدسية في المجتمع، وجمهورهم الأهم هو الشباب”.

ويؤكد جمال فرويز استشاري الطب النفسي، أن الجماعات الإرهابية تختار حديث التشدد وتُبرز نقطة الحرب على الإسلام لاجتذاب الشباب لأنهم متهورون ومندفعون، وتربة خصبة لنشر أفكارهم المضادة للدولة.

ويضيف فرويز: “لم تعد الجماعات الإرهابية بحاجة إلى تفجير أزمة، أو اصطناع مشكلة، بل أصبح من السهل وصولهم إلى لشباب داخل منازلهم خاصًة عن طريق منصات التواصل الاجتماعي، وتُعد كثرة الأزمات أرض خصبة لبث أفكارهم المتشددة بعد اختيار إحدى تلك الأزمات وربطها بالدين لإشعال الفتن بين الشعب والحكومة تحت راية الإسلام”.