يدعم الطرق الصوفية، يهاجم السلفية، أنقذته الموسيقى التصويرية، الإخراج ضعيف ويحتاج إلى مجهود أكثر من ذلك، الفيلم مُقتبس من فيلم إسرائيلي يُدعى “مكتوب”، يحاول إبراهيم عيسى التقرب من الجمهور من خلال هذا العمل، ضيوف الشرف بالعمل كانوا مفاجأة، خطوة جريئة من المنتج أحمد السبكي أن يبيع الفيلم لمنصة إلكترونية قبل عرضه بالسينمات، هكذا تباينت ردود الأفعال حول فيلم “صاحب المقام”، والذي بدأ عرضه في أول أيام عيد الأضحى المبارك على منصة “شاهد. نت”.

بعد ساعات من طرح فيلم “صاحب المقام”، على منصة “شاهد.نت” السعودية،تم تسريبه على العديد المواقع الإلكترونية المختلفة، ليُصبح في متناول الجميع، وهو ما حقق له نسبة مشاهدة عالية، فاستطاع الفيلم إشباع رغبة عدد كبير من محبي السينما، خاصة  بعد غياب صناعة الأفلام لعدة شهور بسبب بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.

فيلم صاحب المقام

تسريب الفيلم، كان له أسبابًا إيجابية وأخرى سلبية، فمع وصوله إلى أكبر نسبة مشاهدة إلا أنه أثار حالة من الجدل بعد طرحه بساعات، ويرجع ذلك إلى طبيعة كاتب القصة والسيناريو والحوار إبراهيم عيسى.

الخلاف حول الفيلم، وقضيته وحول حبكته الدرامية، ومغزاه ورسالته، لم يكن فقط بين الجمهور، بل وصل إلى النقاد الفنيين أيضًا، فهل الهدف منه كما قال البعض دعم الأضرحة والأولياء، ومهاجمة السلفيين أم إعمال العقل والرغبة في الأخذ بالأسباب.

“صاحب المقام” يدعو إلى إعمال العقل وعدم الاعتماد على الأولياء والأضرحة وما شابه.. الناقد الفني طارق الشناوي

إعمال العقل

الناقد الفني طارق الشناوي، يرى أن فيلم “صاحب المقام” له إيجابياته كما له سلبياته، وبالتالي كان من الطبيعي أن تحدث حالة الجدل الفكرية المتواجدة حاليًا، والتي صُنعت منذ البداية تربصًا باسم الكاتب إبراهيم عيسى، لأنه معروف بتوجهاته الفكرية والسياسية، معقبًا: “لكن الغلطة التي وقع بها الجميع هي هل الفيلم يدعم الأولياء والأضرحة أم لا، وهل هذا ما رمى إليه صناع العمل؟”

يجيب الشناوي، قائلًا: “الفيلم يدعو إلى إعمال العقل وعدم الاعتماد على الأولياء والأضرحة وما شابه وتم توضيح ذلك من خلال أكثر من مشهد في الفيلم، وما رصده الفيلم حول مدعي الدين فهو حقيقي مائة بالمائة والجمهور تأكد من ذلك خلال السنوات الماضية”.

ويضيف الشناوي، أن ضيوف الشرف كان لهم ظهور مميز وأداء عبقري ومنهم من ظهر في مشهد وحيد كسلوى محمد علي وفريدة سيف النصر، وكان حضور مميز لإبراهيم نصر أيضًا، كما أن الموسيقى التصويرية خدمت الفيلم جدًا في نقل الحالة الوجدانية للجمهور.

أشعل الجدل المفقود

الناقد الفني محمود قاسم، يقول: “حالة الجدل الفكرية التي خلقها فيلم صاحب المقام صحية جدًا وافتقدناها منذ فترة طويلة، حيث التف الجمهور حول عمل فني وينتقده بشكل إيجابي أو سلبي ويضع الجمهور في محل تفكير افتقدته السينما المصرية”.

ويضيف قاسم، أن العمل على المستوى الفني جيد تمثيليًا، والتجربة أظهرت الأبطال في مباراة تمثيلية لُعبت بحرفية، واحترمت عقل المشاهد، وكان للفنانة يسرا نصيب خاص من هذا الوهج الفني، والتي تثبت كل يوم أنها قادرة على التميز مهما كان حجم الدور الذي تقدمه.

الغرض من الفيلم مناقشة التبرك بالأولياء والأضرحة، ولكن السيناريو لم يخدم الفكرة.. الناقد الفني أندرو محسن

السيناريو لم يخدم الفكرة

فيما يقول الناقد الفني أندرو محسن، إن الغرض من الفيلم هو مناقشة التبرك بالأولياء والأضرحة، وهي قضية هامة، ولكن السيناريو لم يخدم الفكرة كثيرًا، فلم نجد مثلًا تناسق وتناسج قوي بين الشخصيات، وكأنها عبارة عن فقرات منفصلة تم جمعها لصناعة فيلم، والدليل على ذلك هو أصحاب الجوابات التي قام بطل العمل بالذهاب إليهم بها، فلم يوضح على أي أساس أُختير هؤلاء الأشخاص دون غيرهم بالرغم من جمعه الكثير من الجوابات، كما أن المشاهد يشعر كأنهم يعيشون في منطقة واحدة، ولم يظهر الفيلم أيضًا ما تأثير هذه الشخصيات على صراع البطل مع ذاته.

ويتابع محسن: “الفيلم كان مباشر بشكل زائد، والحوار به الكثير من العيوب، وخاصة في شخصية يسرا، والتي أدرك الجمهور منذ ظهورها هدف الشخصية التي تقدمها، وبالتالي أرى أن دور يسرا مفتعل جدًا، كما أن الرمزية التي سعى لها محمد العدل المخرج، لم تكن في صالحه بل أضرته لأنه ظهر بشكل ساذج”.

وعن الصوفية في “صاحب المقام”، يرى أن الفيلم لم يقدم الصوفية كما قال الجمهور بل هناك أعمال أفضل بكثير استطاعت أن تنقل الأجواء الصوفية، والتي لم تكن مؤثرة بشكل كبير من خلال المشاهد التي عرضها العمل.

نجوم الفيلم كانوا متميزين وبشكل خاص آسر ياسين.. عصام زكريا الناقد الفني

إسقاط اجتماعي دون آراء الكاتب

عصام زكريا الناقد الفني، يرى أن فيلم صاحب المقام يختلف عن سابق أعمال الكاتب إبراهيم عيسى، فهو يختلف عن فيلم “الضيف” و”مولانا”، ولم يقدم آراء إبراهيم عيسى في السياسة والدين بشكل زائد عن اللزوم كما كان في الأعمال السابقة، كما احتوى على حبكة سينمائية جيدة، وهناك عوامل جذب مؤثرة في الأحداث تجعل المشاهد يرغب في إكمال الفيلم حتى لنهاية.

ويوضح زكريا، أن ما يُعاب على السيناريو هو بطء الأحداث للدخول في تفاصيل الفيلم وشخصياته في البداية ثم يتم تدارك الأمر بعد ذلك ويسير في شكل سينمائي جيد، كما أن العمل به إسقاط اجتماعي جيد، معقبًا: “نجوم الفيلم كانوا متميزين وبشكل خاص آسر ياسين الذي استطاع أن يرسم التحولات التي حدثت للشخصية بشكل سلس”.

ويضيف زكريا، أن ضيوف الشرف في “صاحب المقام”، كانوا في حالة من التميز التي أضافت للفيلم بشكل كبير جدًا، وكأنهم أبطال حقيقين بالعمل وليسوا أصحاب ظهور شرفي، وخاصة الفنان إبراهيم نصر ومحمود عبد المغني، فمنذ 5 سنوات على الأقل لم نشعر بأهمية ظهور ضيف شرف في عمل فني مثل هذا الفيلم.

ويتابع الناقد الفني، أن الموسيقى التصويرية التي قام بها خالد قمار بالإضافة إلى ظهور وائل الفشني ساهموا كثيرًا في تفاعل المشاهد مع الفيلم، كما أن محمد العدل استطاع أن ينقل روح الفيلم للجمهور بشكل جيد وبكادرات مميزة.