بعد نصف عام من جائحة أدت إلى مقتل ما يقرب من 600 ألف شخص، تصاعد السبّاق الدوليّ للحماية من فيروس كورونا إلى مستوى جديد غادر مع مزاعم بأن تطوير اللقاح أصبح هدفًا للهجمات الإلكترونية.
ويمضي العالم خلال هذه الفترة قٌدمًا في السبّاق، لتطوير لقاحًا للمساعدة في السيطرة على وباء كورونا، الذي اجتاح العالم مع بداية العام الجاري، ولا يزال يفتك ويخطف العديد من البشر.
ومنذ الإعلان عن أول إصابة بالفيروس التاجي، كان الناشطون المضادون للقاحات يلمحون بالفعل على “تويتر”، إلى أن الفيروس كان خدعة ” من مؤامرة للاستفادة من لقاح نهائي”.
وبعد ما يقرب من نصف عام، يسارع العلماء في جميع أنحاء العالم إلى إنشاء لقاح لا يزال المنتج المعتمد على بعد أشهر، إن لم يكن سنوات، ولم تقم وكالات الصحة العامة بعد بحملات للترويج له.
صراع استرتيجي
تتصاعد حدة التوترات بين الدول خلال هذه الفترة، على إنتاج لقاح لمواجهة فيروس كورونا، حتى أن أصبح الأمر بعيد تمامًا عن البعد الإنساني للقاح كمواجهة للوباء وكبحه، وأصبح صراعًا استرايتجيًا كالسباق لصاحب الملكية الفكرية للقاح .
وفي ظل الترويج لفكرة اللقاح المجانيّ، بات الشك يخالط العالم، بشأن صدقية المعالجة وتوظيفها باتجاه دوافع صناعة الجائحة، بعد أن بات الأمر واضحًا مع تصاعد الحرب السيبرانية ذات الصلة بالبعد الاستراتيجي لعلاقة هذا اللقاح بمستقبل الصراع بين الدول الكبرى، ومحاولات الهيمنة، وفق لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.
وفي الآونة الأخيرة، زعمت العديد من الدول ومخابر الدواء العالمية، إنّها على وشك إنتاج علاج ولقاح لفيروس كورونا، وسط مؤشرات بتحقيق مكاسب هائلة.
فمن بروكسل إلى برلين، مرورًا بلندن، وباريس ووصولاً إلى موسكو، تواترت تسريبات هذه المخابر مؤكدة أنها بدأت القيام بأولى التجارب السريرية على متطوعين، ضمن آخر مرحلة للدخول في مرحلة الإنتاج الصناعي للقاحات مازالت مختلف الشعوب تنتظرها كآخر منقذ من تبعات هذا الفيروس الخفي، الذي زرع الرعب في أوساط كل البشرية.
تنافس الدول
سلطت صحيفة “ذا برينت” البريطانية الضوء على تنافس الدول خلال هذه الفترة في من ينتج لقاحًا، وتشير الصحيفة إلى تنافس الدول على جرعات من اللقطات المستقبلية، وهي يائسة للخروج من الأزمة العالمية التي ضربت اقتصاداتها.
وتصاعدت المخاوف بشأن الحصول العالمي على اللقاحات، إذ تجاوزت البرازيل 2 مليون إصابة بفيروس كورونا، وتجاوزت الهند أكثر من مليون حالة.
ومن جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة سانوفي بول هدسون، إن الأمريكيين سيحصلون على الأرجح على لقاح الشركة الفرنسية قبل بقية العالم إذا ثبت نجاحه، لأن الولايات المتحدة كانت في المرتبة الأولى لتمويل أبحاثها.
ومن جانب الولايات المتحدة الأمريكية، فتقول الصحيفة إنّ كان العلم والمال، هما: المحركان الرئيسيان حتى الآن، إذ أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات على صفقات اللقطات التجريبية ودول أخرى تحاول مواكبة ذلك.
وتشير تقارير الحكومة إلى أن المخابرات الروسية اخترقت مراكز الأبحاث الدولية التي طورت تطعيمات ضد “كوفيد-19″، تضيف خط مؤامرة تذكرنا بالإثارة .
وقال ديفيد نيديس، متخصص الإنترنت في الرعاية الصحية في شيكاغو، في مقابلة صحفية: “المخاطر أعلى من أي وقت مضى”، مضيفاً “هناك سبّاق للحصول على لقاح أوعلاج، والجائزة ضخمة لمن يأتي على القمة”.
لقاح إكسفورد
ويعتبر لقاح “أكسفورد”، هو اللقاح الأوروبي الوحيد في سباق اللقاحات التي وصلت لمراحل التجارب السريرية، والذي تهيمن عليه الصين وأميركا، ودقت أستاذة علم اللقاحات في جامعة أكسفورد سارة غيلبرت طبول الحرب، عندما قالت في 10 أبريل الماضي، في مقابلة مع صحيفة “التايمز” البريطانية، إنها واثقة بنسبة 80 في المائة من نجاح اللقاح الجديد لفيروس كورونا المستجد، بناءً على تجارب سابقة قاموا بها على أنواع مماثلة من اللقاحات.
وعلق ويليام شافنر، خبير الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت على هذا التصريح، بقوله: “لقد جلست بشكل مستقيم، وأنا أسمع أحد علماء أكسفورد يتحدث عن مدى تقدم اللقاح”.
لقاحات أمريكية
من بين 4 لقاحات أميركية في سباق التجارب السريرية، يوجد لقاحان يستخدما تقنية الحمض النووي الريبي التي أشار إليها “هيل”، وهما: لقاح شركة “فايزر”، و”موديرنا”، وتعتمد تلك التقنية على حقن قطعة من المادة الوراثية بالفيروس التاجي الجديد في الخلايا البشرية لتحفيز المناعة، وهو ما يختلف تمامًا عن تقنية الناقلات.
صفقات اللقاحات
ودفع ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعات أخرى، مثل: الاتحاد الأوروبي إلى محاولة اللحاق غالبًا من خلال تجميع الأموال لصفقات خاصة بهم، أو من خلال الضغط للوصول العادل.
وهناك أكثر من 160 مشروع لقاح قيد التنفيذ في الشركات والمؤسسات البحثية حول العالم.
وبدوره، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج، بتحويل أي لقاح طورته الدولة إلى منفعة بالفعل بإطلاق بعض الجنود الصينيين.
طالما اعتبرت شركات ومنظمات الرعاية الصحية أهدافًا رئيسية للهجمات الإلكترونية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التراخي في الأمان نسبيًا، وعدد كبير من نقاط الوصول والأجهزة التي يمكن اختراقها، قيمة المعلومات التي تحتوي عليها هي أيضًا مطمعًا.
قدرت الهجمات على منظمات الرعاية الصحية وعلوم الحياة خلال الوباء، إذ زادت الجرائم السيبرانية في القطاع بنحو 300 ٪ منذ مايو الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي، مايو الماضي، من أن قراصنة يعملون لحساب الحكومة الصينية يحاولون سرقة أبحاث حول لقاحات وعلاجات فيروسات التاجية من المنظمات الأمريكية
وفقًا لمايكل إيبرت، نائب الرئيس التنفيذي للخدمات الاستشارية في تامبا، وفلوريدا، لم تستثمر روسيا في البنية التحتية العلمية التي ستسمح لها بتطوير اللقاحات بالسرعة نفسها التي توفرها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والصين، ودول أخرى.
أزمة عالمية
ويقول “إيبرت”، إن العملية التي بدت أنها تسرق المعلومات بهدوء بدلاً من حبسها مقابل فدية، تظهر مدى يأس روسيا للتوجيه حول كيفية صنع اللقاحات، وكذلك الوصول إليها.
ويضيف: “لا أعتقد أن أي شخص يهتم بالملكية الفكرية وراء اللقاح.. إنهم يرون في ذلك قضية عالمية
ورفض رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، الذي يشارك في البحث عن لقاح، اتهامات القرصنة التي نفاها الكرملين أيضًا”.
وقال الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، كيريل دميترييف، في مقابلة صحفية “هذه القصة كلها محاولة لتشويه سمعة اللقاح الروسي من قبل بعض الاشخاص الذين يخشون نجاحه، لأن اللقاح الروسي يمكن أن يكون الأول في السوق، ويمكن أن يكون اللقاح الأكثر فعالية هناك”.
وقال المركز الوطني للأمن السيبراني في بريطانيا، إن اللقاحات والقطاعات العلاجية في بلدان متعددة استهدفتها مجموعة قراصنة، والتي قال إنها “شبه مؤكد” جزء من معلومات المخابرات الروسية.
واتهمت بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، الأسابيع الماضية، المخابرات الروسية بقرصنة لسرقة اللقاح كورونا.
لقاحات الصين
تقوم العديد من الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، بالتنسيق الوثيق مع القطاع الخاص في محاولة للفوز بسباق تطوير اللقاحات، وتواجه الصين العديد من التحديات، بحسب تقرير وكالة “رويترز”.
ويرى التقرير أن نجاح الصين في خفض عدوى الإصابات، كانت أبرز التحديات، ولذلك يجعل من الصعب إجراء تجارب لقاحات واسعة النطاق، وحتى الآن وافقت بضعة بلدان أخرى فقط على العمل معها، وبعد فضائح اللقاحات السابقة، سيتعين على بكين أيضًا إقناع العالم بأنها استوفت جميع متطلبات السلامة والجودة.
تعمل وحدة البحوث الطبية في جيش التحرير الشعبي الصيني، والتي كانت قوة دافعة في جهود الصين لمكافحة الأمراض المعدية، أيضًا مع الشركات الخاصة بما في ذلك لتطوير لقاحات.
وفي مواجهة هيمنة الغرب التقليدية على الصناعة، تقف الصين وراء ثمانية من أصل مرشحًا للقاحات في التجارب البشرية، مع تجربة واحدة تم تطويرها بشكل مشترك من قبل الجيش، وبين المتسابقين في المقدمة.
كما أنها تركز بشكل أساسي على تكنولوجيا اللقاحات المعطلة- وهي تقنية معروفة جيدًا تم استخدامها لصنع لقاحات ضد أمراض، مثل:الأنفلونزا، والحصبة- وهو أمر يمكن أن يزيد من فرص النجاح.
ويقول مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، بول أوفيت، حول تقنية اللقاح المعطل: “إنها استراتيجية مجربة وحقيقية”.
يضيف: “إذا اضطررت إلى اختيار لقاح أعتقد أنه سيكون على الأرجح الأكثر أمانًا وفعالية، فسيكون هو ذلك، وأوفيت هي أيضًا مخترعة مشاركة لقاح الفيروسة العجلية”.
وبحسب التقرير، فيجب على الصين أيضًا معالجة المخاوف بشأن جودة اللقاحات وقضايا السلامة بعد العديد من الفضائح، بشأن اللقاحات دون المستوى المطلوب في السنوات الأخيرة.
ويشير جيروم كيم، رئيس معهد اللقاحات الدولي، وهي وكالة غير ربحية تم تأسيسها بمبادرة من برنامج الأمم المتحدة للتنمية، إن “الهيئة التنظيمية الوطنية الصينية تعمل على تحسين رقابتها
ويشير إلى أن الصين أصدرت قانونًا- العام الماضي- لتنظيم صناعة اللقاحات، مع فرض عقوبات أشد على البيع والصنع.