بعد مرور أكثر من عامين على اعتقال قوات الأمن السعودية للناشطة الحقوقية لجين الهذلول، عاد الحديث عنها ليتصدر وكالات الأنباء العالمية، وتعالت الأصوات من جديد للمطالبة بضرورة الإفراج عنها، حيث تصدر اسم الناشطة محركات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي من جديد.

تزامنا مع عيد ميلاد لجين، طالب العديد من المشرعون الأمريكيون والبريطانيون، السلطات السعودية بالإفراج عن الناشطة الحقوقية.

عضو مجلس النواب الأمريكي سوزان بوناميشي، غردت عبر صفحتها على موقع التغريد الإلكتروني “تويتر” قائلة: “لجين بلغت من العمر 31 عامًا، وهذه الناشطة الشجاعة قضت عيد ميلادها الثالث في السجن لدفاعها عن حقوق المرأة، وأواصل دعوتي للمملكة العربية السعودية لإطلاق سراحها”، مشيرة إلى أنها تقود حملة مع زملائها لترشيح لجين لجائزة نوبل للسلام 2020.

 فيما اعتبرت علياء هذلول، شقيقة لجين، أن سلامتها مسؤولية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وقالت علياء، عبر حسابها على تويتر: “مؤمنة تمامًا أن حياة لجين وصحتها وسلامتها هي مسؤولية الأمير محمد بن سلمان”، فيما قالت شقيقتهما الثانية لينا: “عيد الأضحى هذا العام يصادف عيد ميلاد أختي لجين، وهي معتقلة في سجون السعودية منذ أكثر من عامين بسبب نشاطها الحقوقي، وتعرضت لأبشع أنواع التعذيب من صعق إلى تحرش جنسي، والتواصل معها مقطوع منذ شهرين”.

أما النائب البريطاني ويرا هوبهاوس، كتب: “لجين مسجونة منذ أكثر من 800 يوم لدفاعها عن حقوق المرأة، واليوم تحتفل بعيد ميلادها خلف القضبان، أتضامن مع لجين وأناشد السلطات السعودية للإفراج عنها“.

القبض على لجين

وفي مارس 2018، بعد عودة لجين إلى محل إقامتها في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة، ألقت السلطات الإماراتية، القبض على الهذلول وسلمتها للسلطات السعودية لاستجوابها، وبعد 3 أيام تم إطلاق سراحها وفُرض عليها حظر سفر.

 وفي 15 مايو 2018، داهمت قوات الشرطة السعودية، منزل الهذلول في المملكة العربية السعودية واعتقلتها، وحجزتها بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 3 أشهر، تعرضت خلالها للضرب والإيهام بالإغراق بالماء والصعق بالصدمات الكهربائية والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب والقتل، وفقًا لتصريحات شقيقتها لينا الهذلول.

وفي 14 يونيو 2018، أعرب العديد من المُكلفين بولايات الإجراءات الخاصة عن مخاوفهم، ودعوا السلطات السعودية للرد على الادعاءات المتعلقة بقضيتها.

لجين الهذلول

لجين الهذلول، هي ناشطة مدافعة عن حقوق المرأة السعودية ضد الحظر المفروض عليها في المملكة والذي بدأ أن ينتهي خلال الفترة القليلة الماضية، وهي من أبناء منطقة القصيم وهي واحدة من أكثر المناطق محافظة من الناحية الاجتماعية لكنها تنتمي إلى أسرة متحررة اجتماعيا وقد أمضت سنوات عديدة من طفولتها في فرنسا.

بدأت لجين، العمل ضد الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة عام 2012، ومن ثم كرست جهودها في الدفاع عن حقوق المرأة السعودية المهدرة وذلك قبل القرارات التي اتخذتها المملكة مؤخرا فيما يخص وضع نساء المملكة.

وفي مقابلة لها مع مجلة “The Time” الأمريكية، أشارت لينا الهذلول شقيقة لجين، إلى أنه خلال الأشهر العشرة الأولى التالية لاعتقال لجين، لم توجه السلطات السعودية للُجين اتهاماتٍ رسمية، ولم يكن سوى ما تقوله وسائل الإعلام السعودية، التي اتهمت لجين “بأنها خائنة وجاسوسة وعميلة لصالح قطر، وحين صدرت بحقها تهم أخيراً، كانت تتعلق جميعها بأنشطتها الحقوقية“.

وشملت الاتهامات أشياءً مثل المشاركة في مؤتمرات دولية للحديث عن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية، أو التواصل مع بعثة الاتحاد الأوروبي في السعودية، واتهموها أيضاً بأنها تناضل من أجل منح النساء في السعودية حقوقاً منحتها لهن بالفعل الشريعة الإسلامية، وفقاً لقول لينا، كما أن واحدة من الاتهامات تستند إلى قانون الجرائم الإلكترونية”.

وفي مارس من العام الماضي، أفرجت السلطات السعودية مؤقتًا عن 3 ناشطات من بين 11 ناشطة محتجزات في سجون السعودية، وأشارت تقارير حقوقية وصحفية، إلى أن بعضهن أبلغ المحكمة بأنهن تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي خلال فترة استجوابهن.

وأصدرت المحكمة الجزائية بالرياض، أمرًا بالإفراج المؤقت عن الناشطات رقية المحارب وعزيزة اليوسف وإيمان النفجان، بعد تقدمهن بطلب الإفراج المؤقت للمحكمة، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وأفادت المحكمة في قرارها، أنها ستواصل النظر في قضاياهن مع حضورهن لجلسات المحاكمة مطلقات السراح لحين صدور الأحكام النهائية والمكتسبة للقطعية فيما نُسب إليهن.

وفي مايو الماضي، وتزامنًا مع انتشار جائحة كورونا، وتوالي دعوات الإفراج عن السجناء، دعت منظمة العفو الدولية “أمنيستي”، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى إطلاق سراح ناشطات سعوديات، ووصفتهن بـ “مدافعات بارزات عن حقوق المرأة”، بعد عامين من احتجازهن.

السعودية وحرية المرأة

نيفين عبيد الباحثة في النوع الاجتماعي والتنمية، ترى أن المملكة العربية السعودية ليس لديها إتاحة سياسية أو ديمقراطية حقيقية، بالتالي تلجأ للأمور الدعائية، وهذا ما دفعها لاتخاذ بعض القرارات لتحسين وضع المرأة السعودية بشكل يحسن صورتها أمام العالم ليس أكثر، خاصة أن السعودية ممثلة في أكثر من مكان منها مجلس حقوق الإنسان.

وتضيف عبيد، أن السعودية لا تريد ديمقراطية حقيقة بدليل أنها لازالت تحتجز النساء التي دافعت عن حقوق المرأة، حتى بعض القرارات الأخيرة التي أصدرتها، وذلك لأن هؤلاء النساء لديهن خطاب ديمقراطي حقيقي وهو ما يتنافى عما تحمله السلطات السعودية في داخلها بشأن هذا الملف.

وتشير عبيد، إلى أن جميع دول العالم الثالث تسعى في ملف الحريات وما يخص المرأة بطريقة تحسين الصورة الخارجية دون إرادة حقيقة لتغيير الواقع المرير.

لجين الهذلول

واعتقلت الناشطات السعوديات

وانضمت السعودية لـ “اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (سيداو) سنة 2000، وهي مُلزمة قانونا بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة دون تأخير، بما يشمل إلغاء نظام ولاية الرجل.

وأشارت العفو الدولية، إلى اعتقال مجموعة من الناشطات السعوديات في 15 مايو عام 2018، قائلة: “لقد كن يدافعن سلمياً منذ سنوات عن حق المرأة في المملكة في قيادة السيارات، فضلاً عن إجراء إصلاحات أوسع نطاقاً تتعلق بنظام ولاية الرجل القمعي”.

وأضافت المنظمة: “في الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، اعتقل المزيد من زملائهن الناشطات السلميات كجزء من حملة القمع والتشهير التي تشنها السلطات السعودية”.

وقالت مديرة البحوث للشرق الأوسط في المنظمة لين معلوف إنه “من المحزن أن عامين قد مرا الآن وما زالت هؤلاء النساء الشجاعات خلف القضبان، لا سيما وأن النساء السعوديات خلال هذه الفترة يتمتعن ببعض الحقوق الجديدة التي ناضلن من أجلها ببسالة”.

 وتابعت: “قد حان الوقت لأن تتوقف القيادة السعودية عن استخدام القضاء كسيف مسلط على رقاب الناشطات”، مؤكدة أنه لا يمكن اعتبار حملة الإصلاح في المملكة العربية السعودية ذات مصداقية طالما أن هؤلاء النسوة وغيرهن من الناشطات السلميات ما زلن مستهدفات بسبب عملهن.