تحولت ليبيا  إلى لغز كبير  لاسيما في العلاقة بين حكومة “الوفاق”، وتركيا التي تتحالف علنًّا مع المرتزقة.

كما تحولت أموال الشعب الليبيّ، ومقدراته إلى لقمة سائغة بيد النظام التركيّ، إذ سُخرت تلك الأموال وعائدات النفط لدفع رواتب مرتزقة وعناصر المجموعات الإرهابية، التي تعيث في ليبيا فسادًا، وساعدت في تأجيج الصراع المسلح بين حكومة فايز السراج، والجيش الوطني الليبيّ.

و تولت حكومة “الوفاق” السُلطة في ليبيا، بعد سنوات من الفوضى التي أطاحت بنظام مُعمر القذافي.

قبل 4 سنوات،  اتفق السياسيون على تولي فائز مصطفى السراج، رئاسة الحكومة، المٌقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتوالت التساؤلات حول من هم الأجانب الموجودون على الأراضي الليبية  وما دورهم في النزاع الدائر بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وبين قوات حكومة الوفاق بزعامة فائز السراج؟، وما العائد الخفي من وراء قتال هؤلاء الأجانب خارج حدود بلدانهم وإلى أي جنسية ينتمون؟

17 ألف “مرتزق” في ليبيا

وأشارت تقارير حقوقية إلى أن الحكومة التركية، لم تتوقف بعد عن إرسال مجندين “مرتزقة” إلى الأراضي الليبية ، رغم التحذيرات الدولية من تدهور الأوضاع أكثر مما آلت إليه، ووفقاً لإحصائيات “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإن أعداد المجندين الذين ذهبوا إلى طرابلس حتى الآن،  نحو 17000 “مرتزق” من الجنسية السورية من بينهم 350 طفلاً  سنّ الـ 18.

ألفي دولار الأجر الشهري لـ”المرتزق”

في حين بلغ تعداد الجهاديين الذين وصلوا إلى ليبيا، 10 آلاف بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية، فيما عاد من مرتزقة الفصائل الموالية لتركيا نحو 6 آلاف إلى سورية، بعد انتهاء عقودهم وأخذ مستحقاتهم المالية، في حين تواصل تركيا جلب المزيد من عناصر الفصائل “المرتزقة” إلى معسكراتها وتدريبهم.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز” الإماراتي، إن المرتزقة الموالين لتركيا، عادوا إلى الأراضي السورية، لأن عقودهم انتهت، بعدما حصلوا على عقود لمدة 3 أشهر، وتم التمديد لبعضهم لمدة شهر، لكنّ البقية عادوا إلى سوريا عبّر تركيا، وبدأ بعضهم بالفعل بتسجيل أسمائهم للعودة مجددًا إلى ليبيا.

تركيا ترسل ما بين 3500 و3800 مقاتل سوري إلى طرابلس

وأشار “عبد الرحمن”، إلى أن الداخل الشهري للمرتزق السوري المشارك في القتال بليبيا، يصل إلى ألفي دولار، بالإضافة لإمكانية حصوله على الجنسية التركية، وتعويضات في حال إصابته، أما المرتزقة الآخرين، فلا يتقاضون رواتب شهرية.

تأجيج الصراع الليبي

وفي هذا الصدّد، ذكر تقرير أميركي- يوليو الماضي، أن تركيا أرسلت ما يتراوح بين 3500 و3800 مقاتل سوري إلى ليبيا.

الجيش الأمريكي: المرتزقة ليسوا من “القاعدة” أو “داعش”

وأوضح التقرير الصادر عن المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية، أن أنقرة أرسلت ذلك العدد من المقاتلين “مدفوعي الأجر” إلى ليبيا خلال الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري، بحسب ما نقلته صحيفة “واشنطن بوست “الأميركية.

وأشار التقرير الأمريكي إلى أن الجيش الأميركي لم يجد دليلاً على انتماء المرتزقة إلى تنظيمات متطرفة، مثل:داعش، أو القاعدة، موضحًا أن الدافع الأكثر ترجيحًا لهم كان “الحزم المالية السخية”، أكثر من الأيديولوجية أو السياسة.

وتسبب وجود المرتزقة على الأراضي الليبية في ارتكاب الكثير من الانتهاكات والجرائم، فقد تم تخريب مدينة ترهونة جنوب شرق طرابلس، ووثقت مقاطع فيديو مصورة وصور عمليات سلبّ للمحلات التجارية، والمنازل، ارتكبها المرتزقة.

يذكر أنه منذ توقيع مذكرتي التفاهم بين الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان، ورئيس حكومة طرابلس فائز السراج، نوفمبر العام الماضي، وبدأ تزايد عدد المجاهدين والمرتزقة، ما أدى إلى تصاعد النزاع المسلح على الأراضي اللبيبة، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من “تداعيات مأساوية”.

وأشار خبراء أمميون إلى أن الاعتماد على المرتزقة ساهم بشكل كبير في تصعيد النزاع في ليبيا، كما قوض احتمالات التوصل إلى حل سلميّ، وكان الخبراء حذروا من أن الاعتماد على المرتزقة ساهم في تصعيد النزاع في ليبيا، وقوض احتمالات التوصل إلى حل سلميّ، وألقى بتداعيات مأساوية على السكان المحليين.

ووصف رئيس مجموعة العمل في الأمم المتحدة كريس كواجا، استخدام هؤلاء المرتزقة بأنه خرق لحظر الأسلحة الحالي الذي فرضه مجلس الأمن، والذي يتضمن حظرًا على توفير أفراد المرتزقة المسلحين، فضلاً عن أنه يعد انتهاكًا للاتفاقية الدولية، لمناهضة تجنيد المرتزقة، واستخدامهم، وتمويلهم، وتدريبهم، والتي تعد ليبيا طرفًا فيها.

وأشار إلى أن نشر “المرتزقة” في ليبيا يزيد فقط من كثرة وغموض الجماعات المسلحة والجهات الفاعلة الأخرى التي تعمل في سياق الإفلات من العقاب، كما أشار الفريق إلى التقارير التي تفيد بأن تركيا انخرطت في عمليات تجنيد واسعة النطاق ونقل المقاتلين السوريين للمشاركة في الأعمال العدائية، لدعم حكومة الوفاق الوطني.

وفي وقتٍ سابق، كان رئيس المنتدى الكردي الألماني، يونس بهرام، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن تركيا تستغلُ معونات مالية من الاتحاد الأوروبي، في تجنيد المرتزقة السوريين وإرسالهم إلى ليبيا، عوض إنفاق تلك الاعتمادات لأجل تخفيف معاناة اللاجئين.

هروب من الفقر

وبحسب ما نقل موقع ” rojinfo”، فإن تركيا تُجند المرتزقة من مناطق نفوذها، في شمالي سوريا، ثم ترسلهم إلى ليبيا، انطلاقًا من مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا. وأن تزايد تدفق المرتزقة السوريين إلى ليبيا، ناجم عن تبعات قانون قيصر الأميركي الذي فرض عقوبات مالية واقتصادية مشددة على سوريا، لأن المقاتلين ينظرون إلى مهمة “الارتزاق” في ليبيا بمثابة مورد مالي مهم، نظرًا إلى الفقر المتزايد في مختلف مناطق سوريا.

المرصد السوري: 481 مقاتلاً بينهم 34 طفلاً ضحايا العمليات العسكرية

وكان المرصد السوري وثق مزيداً من القتلى في صفوف مرتزقة الحكومة التركية، لتبلغ حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا، نحو 481 مقاتلاً بينهم 34 طفلاً دون سنّ الـ 18، كما أن من ضمن القتلى قادة مجموعات ضمن تلك الفصائل.