يوماً بعد يوم تثبت تركيا والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنهما أداة لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، مما يزيد من أعداء أردوغان الدوليين ويهدد دولته، حيث يخوض أردوغان سلسلة من الهجمات والمواجهات التي لايمكن الانتصار فيهما ضد أعداء صنعهم بنفسه.

وفي منطقة جغرافية واسعة النطاق من سوريا إلى ليبيا مروراً بالعراق، ووصولاً إلى أذربيجان، يصطدم أردوغان بقوة إقليمية ودولية أكبر من أن يقوم بمواجهتها، في مقدمتها مصر وفرنسا والسعودية واليونان والإمارات وروسيا، فضلاً عن أطراف أصغر.

الكماشة التركية في المنطقة

أصبح تهديد تركيا لأمن واستقرار الشرق الأوسط واقعًا ملموسًا بسبب أفعالها في العديد من البلدان، ويعود هذا الضعف العربي، إلى غياب مشروع موحد يمكن أن يقاوم التحديات الحالية ويضمن المصالح المشتركة.

ويقول تقرير لصحيفة “آراب نيوز” البريطانية، يرتبط المخطط التركي – على الرغم من الطبيعة العلمانية للدستور التركي – ارتباطًا وثيقًا بالإسلام السياسي ومناصريه، مثل الإخوان المسلمين، الذين يعملون داخل العالم العربي.

وكانت تركيا معروفة بكمالها، ومعدلات نمو اقتصادي عالية، ورفاهية وسياسة خارجية تقوم على “صفر من المشاكل” مع الدول الأخرى، لكنها مرت الآن بتغيرات جذرية، متجنبة ما سبق وتورطت في صراعات داخلية في سوريا والعراق وليبيا، مما أدى إلى علاقات متوترة مع معظم دول الخليج العربي.

وتعمل تركيا، على رعاية وتحريض مجموعات سياسية معينة، معلنة بوضوح مؤخرًا أنها تعتزم إحياء الحقبة العثمانية واستعادة مكانتها الرائدة في العالم الإسلامي.

الجيش التركي - تعبيرية

قواعد عسكرية

أنشأت تركيا، قاعدة طارق بن زياد العسكرية في عام ،2015 وقاعدة خالد بن الوليد في عام 2020.

وفي الصومال، أنشأت قاعدة في مقديشو في عام 2017، وفي العراق، تمتلك تركيا ما يصل إلى 15 قاعدة عسكرية، أهمها قاعدة بيشقا في ضواحي الموصل.

وفي سوريا، حولت تركيا مراكز المراقبة التي أنشأتها بموجب اتفاقية إدلب الموقعة مع روسيا في مارس إلى قواعد عسكرية في جرابلس وعزاز وعفرين والباب، بالإضافة إلى قاعدة موراك في وسط سوريا، وهي أبعد هذه القواعد من الحدود السورية التركية.

وتسعى تركيا للسيطرة على موارد التعدين في سوريا،واحتكار عقود إعادة الإعمار في البلاد، وكذلك للسيطرة على قطاع الطاقة في العراق.

كما تستغل تركيا المقاطعة العربية القطرية لتصدير منتجاتها هناك والاستفادة من دعمها المالي لدعم عملتها، كما استغلت الوضع المضطرب في ليبيا، حيث وقعت على اتفاق ترسيم الحدود البحرية ليمكنها من الاستيلاء على بعض موارد النفط والغاز الليبية.

الجيش التركي - تعبيرية

نزاعات غارقة

يبدو أن أردوغان، الذي أعلن منذ فترة طويلة عن سياسة خارجية “بعدم وجود مشاكل مع الجيران”، غارقًا في نزاعات مع الجميع في كل مكان تقريباً، بحسب ما أوردت صحيفة “نيوورك تايمز”، وهوما أدى إلى عزلته، وإحباط  الحلفاء مثل الولايات المتحدة برفضه لسنوات اتخاذ إجراءات حازمة ضد تنظيم داعش.

ويقول سينجيز كاندار، الباحث الزائر في معهد جامعة ستوكهولم للدراسات التركية: “أعتقد أن هذا مؤشر على مدى اليأس الذي يشعرون به، وتركيا تتحدى الحلفاء والأعداء على سواء سعياً وراء دور أكبر على المسرح العالمي”.

ويشير التقرير الأمريكي، إلى أن السياسة الخارجية التركية، اتخذت مؤخرًا منعطفًا قويًا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تركيا ودعم حكومة الوفاق

سرعان ما ظهر الدعم العسكري والتكنولوجي، من تركيا لحكومة الوفاق الوطني، لإعطائها اليد العليا في كفاحها ضد الجيش الوطني الليبي.

ويرى هوارد إيسينستات، المتخصص في تركيا، والأستاذ المساعد في جامعة سانت لورانس وكبير زملاء غير مقيمين في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط: “ليبيا جزء من مجموعة من القصص المترابطة، حيث ترى تركيا بوضوح أنها قادرة على لعب دور أكبر على المسرح العالمي، وترى أن حلفائها الغربيين لا يدعمون ذلك بالضرورة، وكانت على استعداد للعب الكرة القوية لتأكيد ما تراه مصلحة وطنية”.

وتابع إيسينستات: “من وجهة نظر تركية، فإن هذا يمثل دورًا له حق كبير مثل أي دولة أخرى، ولديه القدرة على لعبه”.

ويوضح أوزغور أونلوهيساركلي، مدير مكتب صندوق مارشال الألماني في أنقرة ، أن تركيا تريد تعزيز موقعها كقوة إقليمية وزيادة بصمتها الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهذا بدوره يؤدي إلى منافسة جيوسياسية مع بعض البلدان، كما هو الحال مع فرنسا .

أردوغان وتبون

الجزائر

سعى أردوغان، خلال لقائه بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، متظاهرًا بتجاهل حساسية التاريخ المؤلم بين الجزائر وفرنسا، إلى الاستفادة منه عن طريق إضافة الزيت إلى النار، لافتًا إلى أنه ناقش ماضي فرنسا في الماضي الاستعماري والإبادة الجماعية في التبون في الجزائر، حتى يصل إلى الأمام لتعزيز الرقم الخيالي لخمسة ملايين جزائري قتلوا على يد فرنسا خلال 132 عاما من الاستعمار.

ونسي أردوغان، بسهولة الفظائع المختلفة التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية وبعد ذلك من قبل الأتراك الشباب ضد الأرمن والأشوريين والأكراد والعرب واليونانيين.

واستدعته وزارة الخارجية الجزائرية بأمر مقتضب، وأصدرت على الفور بيانًا يعيد فيه صياغة تصريحات الجانب التركي.

اليونان

في الآونة الأخيرة، أعلنت السلطات اليونانية، أن الطائرات التركية ارتكبت 50 انتهاكًا جديدًا في المجال الجوي الوطني للبلاد في يوم واحد فقط، ووقعت الانتهاكات في المناطق الشمالية الشرقية والوسطية والجنوبية الشرقية من بحر إيجة عبر مطلع الشهر الماضي، بما في ذلك فوق جزر مثل خيوس وإكاريا.

وذكرت الصحيفة اليونانية، أنه تم تحديد 13 طائرة تركية داخل المنطقة، وانتهكت هذه الطائرات لوائح استخدام الهواء التي وضعتها منطقة أثينا لمعلومات الطيران أيضًا.

ووفقًا لمسؤولين يونانيين، فإن أربع طائرات تركية من أصل 13، كانت مسلحة، وتورط الطيارون اليونانيون معهم في معارك وهمية نتيجة لذلك.

تصاعد التوتر

تصاعدت التوترات بين تركيا واليونان، حيث تعهد الجانبان بالدفاع عن حقوقهما الإقليمية، وفي 6 يوليو ، نشرت صحيفة كاثيمريني اليونانية ما وصفته بـ “سيناريوهات الردع” للدفاع اليوناني ضد تركيا، وتتضمن السيناريوهات استخدام القوة إذا قررت أنقرة إجراء الحفر بالقرب من جزيرة كريت.

ودعت واشنطن أنقرة إلى التوقف فوراً عن الحفر في المياه المتنازع عليها حول قبرص، كما انتقد الاتحاد الأوروبي ، الذي تنتمي إليه اليونان، خطط الحفر التركية بشدة.

فيما تزعم أنقرة، أن الحفر جزء من صفقة أبرمت في 2019 مع حكومة الوفاق الليبية، وهي صفقة رفضتها جميع شرائح المجتمع الليبي والجيش الوطني باعتبارها غير دستورية وغير قانونية.

واتهم وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، في تصريحات صحفية، تركيا “بالابتزاز” ووعد بأن “اليونان مستعدة للدفاع عن حقوقها السيادية.

صورة أرشيفية

إدانة العدوان التركي

وزير الخارجية سامح شكري، عقد اجتماعاً عبر الهاتف في مايو الماضي، مع نظرائه اليونانيين والقبارصة والفرنسيين والإماراتيين، ناقشوا خلاله آخر التطورات المثيرة للقلق في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وندد الوزراء بالأنشطة التركية غير القانونية الجارية في المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية ومياهها الإقليمية، والتي تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي على النحو الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

التشيك

كشفت وثائق سرية عن سلسلة فضائح جديدة، ارتكبتها البعثة الدبلوماسية التركية في دولة التشيك، بعد تورطها في أعمال تجسس غير قانونية بحق معارضين أتراك.

ولفت موقع “نورديك مونيتور” السويدي، أن المعلومات التي جمعتها السفارة جرى توظيفها، في توجيه اتهامات بالإرهاب لمعارضي أردوغان.

وبحسب الوثائق، فقد فتح مكتب المدعي العام في 11 ديسمبر 2018 تحقيقات بشأن 10 مواطنين أتراك تم إدراجهم في ملفات تجسس أرسلها دبلوماسيون أتراك في التشيك دون أي دليل ملموس على ارتكاب مخالفات.

نشر التطرف في الهند

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه صحفة “هندوستان تايمز”، اعتزام تركيا وقطر نشر الفكر المتطرف وتمويل الجماعات المناهضة للهند.

ويرى التقرير الهندي، أن تركيا لعبت دورًا محوريًا بوصفها مركز الأنشطة المناهضة للهند، في ظل سعي أنقرة لاستعادة هيمنتها على العالم الإسلامي، على طريقة الإمبراطورية العثمانية السابقة، وذلك عبر تعزيز نفوذها لدى المسلمين جنوب شرق آسيا.

ويوضح التقرير، أن الرئيس التركي يمول الندوات في الهند لنشر الأفكار المتطرفة ونقل الشباب إلى الهند في رحلات تتحمل تركيا نفقاتها كاملة من أجل المزيد من التلقين الديني.

أذربيجان

تسعى تركيا، لإشعال حرب أرمينيا وأذربيجان على الإقليم المتنازع عليه بينهما “قره باج”، حيث وصلت خلال يومين ماضيين مقاتلات “إف -16” إلى أذربيجان.

وبحسب صحيفة “أحوال” التركية، يبدو أن أنقرة في توسعها بجميع الاتجاهات وتدخلها في جميع الساحات بعد سوريا وليبيا، وتقوم في هذه الأثناء بترسيخ التحالفات مع جمهوريات آسيا الوسطى وخاصة تلك الناطقة بالتركية أو ترتبط مع تركيا بمصالح تجارية واقتصادية.