تطورت العلاقات البريطانية- الروسية إلى الأسوأ، خلال الأعوام السابقة، كما أنها تتجه نحو التأزم والتعقيد بين البلدين.

وذهبت العلاقات بين لندن وموسكو إلى أدنى مستوياتها، منذ تسميم العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال، في مدينة سالزبيري جنوب غربي بريطانيا.

ومنذ اتهام بريطانيا للكرملين في عام 2018، بالتورط في محاولة تسميم الجاسوس الروسي السابق، سيرجي سكريبال، وابنته، في مدينة سالزبري الإنجليزية، واستمر صامتاً حتى اليوم.

واندلعت حرب كلامية بين الطرفين فيها تهديدات متبادلة، قد أدت في بعض الأحيان لإغلاق مصالح اقتصادية، ودبلوماسية مشتركة في موسكو، ولندن.

وبعد أن دعت لندن، لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، لاطلاع الأعضاء على مستجدات الأمور في تحقيق حول هجوم بغاز الأعصاب، استهدف عميلاً روسيًا مزدوجًا سابقًا، وابنته.

وكانت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، قالت في حينها، إنه من المرجح جدًا أن تكون روسيا وراء الهجوم على العميل السابق سيرجي سكريبال، وابنته يوليا المحتجزين في المستشفى في حالة حرجة، وهي الاتهامات التي تنفيها روسيا جملةً وتفصيلاً .

وفي نفس السيّاق، قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن موسكو ليس لها أي دور في تسميم الجاسوس الروسي المزدوج السابق، وابنته في بريطانيا، مضيفًا أنّ اتهام روسيا ليس له أساس من الصحة.

وكانت أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أنّ بلادها ستطرد 23 دبلوماسيًا روسيًا ردًا على الهجوم بغاز الأعصاب الذي استهدف عميلاً روسيًا سابقًا في جنوب إنجلترا الأسبوع الماضي، مضيفة أن أمامهم أسبوعًا لمغادرة البلاد.

اختراق الأوراق

مصدران على دراية مباشرة بإختراق الأوراق التي سٌربت قبل الانتخابات البريطانية، يقولان إنه تم الحصول على وثائق تجارية أمريكية، وبريطانية سرية- تسربت من قبل انتخابات بريطانيا 2019، إذ سُرقت من حساب البريد الإلكتروني لوزير التجارة السابق ليام فوكس، بمعرفة قراصنة روس.

فيما نقلت وكالة “رويترز” البريطانية، التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها، لأن تحقيقًا لتطبيق القانون جارٍ، أنّ المتسللين دخلوا الحساب عدة مرات بين 12 يوليو، و 21 أكتوبر من العام الماضي.

وامتنعوا عن تحديد المجموعة أو المنظمة الروسية التي يعتقدون أنها مسؤولة، لكنّهم قالوا إن الهجوم يحمل بصمات عملية مدعومة من الدولة.

وأكدت الوكالة على أن المملكة المتحدة ترفض التعليق على التقرير حول اختراق البريد الإلكتروني لوزير التجارة السابق، ولم يرد الكرملين على الفور على طلب التعليق.

ومن بين المعلومات المسروقة 6 شرائح من الوثائق التي تشرح بالتفصيل المفاوضات التجارية البريطانية مع الولايات المتحدة، والتي أبلغت “رويترز” عنها العام الماضي، أنه تم تسريبها ونشرها عبر الإنترنت من خلال حملة تضليل روسية.

وأكد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، هذا التقرير الشهر الماضي، قائلاً إن “الجهات الروسية” سعت للتدخل في الانتخابات “من خلال التضخيم الإلكتروني للوثائق الحكومية المكتسبة، والمسروعة بشكل غير مشروع”.

لم تتمكن “رويترز” من تحديد أي حسابات بريد إلكتروني، تم اختراقها ومتى تم اختراقها لأول مرة.

وتقول متحدثة باسم الحكومة البريطانية: “هناك تحقيق جنائيّ مستمر في كيفية الحصول على الوثائق، وسيكون من غير المناسب التعليق أكثر في هذه المرحلة”.

وأضافت أن الحكومة لديها “أنظمة قوية للغاية لحماية أنظمة تكنولوجيا المعلومات من المسؤولين والموظفين”.

ويعد اختراق حساب، والتسرب اللاحق للوثائق السرية قبل انتخابات العام الماضي، أحد أكثر الأمثلة المباشرة على محاولات روسية مشبوهة للتدخل في السياسة البريطانية.

في الماضي، نفت موسكو مرارًا مزاعم التدخل في الانتخابات في بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، ودول أخرى.

ووصفت وزارة الخارجية الروسية الاتهامات البريطانية الأخيرة لراب بأنها “ضبابية ومتناقضة”.

وتقول المصادر، إن حساب بريد فوكس الإلكتروني تم اختراقه باستخدام ما يسمى برسالة “التصيد الاحتيالي”، التي تخدع الهدف في تسليم كلمة المرور وتفاصيل تسجيل الدخول.

وتشير إلى أنه لم يتضح ما إذا كان المتسللون الذين سرقوا المستندات التجارية هم نفس الأشخاص الذين سربوها في وقت لاحق عبر الإنترنت.

استفتاء استقلال إسكتلندا

ووجد تقرير برلماني بريطاني،صدر الشهر الماضي، أن موسكو حاولت التأثير على استفتاء على استقلال إسكتلندا في عام 2014، وأن الحكومة البريطانية فشلت في التحقيق بشكلٍ كافٍ في محاولات روسية محتملة، للتأثير على تصويت عام 2016، بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأكد تقرير للجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، أن روسيا تدخلت في استفتاء اسكتلندا عام 2014، وأن الحكومة البريطانية تقاعست عن السعي إلى تقييم عميق، لتدخل محتمل موجه من الكرملين في الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

دعم الكرملين لـ “بريكست”

ربما كان دعم الكرملين، الأقل سرًا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

وفي حينها، قال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ربما يكون سعيدًا بخروج بريطانيا، وينتظر تحسن العلاقات بعد استقالة كاميرون وتولي رئيس وزراء جديد.

أصبحت روسيا جزءًا من الجدل الدائر حول نتائج استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ويزعم داعمو حملة البقاء في الاتحاد أن الكرملين دعم سرًا حملة الخروج، لإضعاف الاتحاد الأوروبي.

ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن التقرير أشار إلى تعذر إيجاد دليل محدد على تدخل روسي في الاقتراع عام 2016 على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي استفتاء آخر نظم عام 2014 حول استقلال اسكتلندا عن بريطانيا، فاز فيه معسكر الرافضين بنسبة 55 في المائة مقابل 45 في المائة.

نواب يدعون للتحقيق

وخلال الآونة الأخيرة، دعا نواب بريطانيون من لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية البريطانية، للتحقيق في أي تدخل روسي في حملة الاستفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست” عام 2016.

وذلك خلال عرض تقريرهم حول النفوذ الروسي على الساحة السياسية البريطانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وخلص التقرير الواقع في 55 صفحة إلى أن النفوذ الروسي في بريطانيا هو بمثابة الوضع الطبيعي وأن هذا الوضع جرى التقليل من أهميته بشكل خطير.

ويقول النائب العمالي كيفن جونز عضو اللجنة: كان يجب أن يحصل تقييم لأي تدخل روسي في الاستفتاء.

تسلط بريطاني- أمريكي ضد روسيا

بعدما، قالت بريطانيا، والولايات المتحدة، وكندا، إن روسيا تحاول سرقة معلومات حول تطوير لقاح لفيروس كورونا، نفى السفير الروسي في بريطانيا أندريه كيلين تورط موسكو في هجمات نفذها قراصنة معلوماتية، للاستيلاء على أبحاث تتتعلق بلقاح ضد “كوفيد- 19”.

وقال كيلين في مقابلة مع برنامج “آندرو مار شو” على تلفزيون “بي بي سي”، إنّ هذه الاتهامات التي وجهتها لندن، وأوتاوا، وواشنطن هذا الأسبوع والمتعلقة بتورط “شبه مؤكد لأجهزة الاستخبارات الروسية، لا أساس لها.

كما نفى “كيلين” اتهامات الحكومة البريطانية، التي أكدت أن “فاعلين روسا” سعوا إلى عرقلة الانتخابات التشريعية في 12 ديسمبر الماضي، عبر نشر وثائق خلال فترة الحملة الانتخابية حول اتفاق تجاري محتمل بين لندن، وواشنطن، عقب بريكست.