التحرش الجنسي، والتعنيف اللفظي، والنظرات القاتلة إلى أجسادهم كأنهم عرايا، مخاوف وأسباب عدة تمنع النساء من نزول الشوارع في أيام العياد، فلم يقتصر الأمر على الشوارع المعروفة والأحياء الشعبية فقط، بل وصل الأمر إلى كافة الشوارع حتى الراقية منها.
ووصل الأمر، إلى حمل النساء تخوفات من التعنيف الذي تتلقاه داخل المنازل أيضًا.
مواسم التحرش والشرطة النسائية
في أيام الأعياد من كل سنة، تشهد عددًا من المناطق انتشار واسع للشرطة النسائية، والتي تتمركز في أبرز الأماكن التي ينتشر بها شكاوي التحرش، وتكون عادة بقلب المدينة في وسط البلد بالقاهرة وفي مناطق التنزه والسينمات.
وتقود إدارة مكافحة العنف ضد المرأة بمديرية أمن القاهرة حملة من عناصر الشرطة النسائية بمحيط دور السينما في القاهرة.
ورغم تخصيص الإدارة، غرفة عمليات مكبرة بإدارة مكافحة العنف ضد المرأة مرتبطة بجميع غرف العمليات لتلقي الشكاوى من الضحايا وسرعة فحصها، وزيادة عناصر الشرطة النسائية في مترو الأنفاق بالتنسيق مع شرطة النقل والمواصلات وفى بعض الأماكن الحيوية للتصدي لظاهرة التحرش في الأعياد، ولطمأنة الفتيات للنزول والتنزه في الأعياد، إلا أن هذا لم يمنع من حدوث وقائع التحرش.
القومي للمرأة: 283 شكوى في عيد الأضحى
يُعد المجلس القومي للمرأة، الآلية الوطنية المعنية بشئون المرأة وفقًا للقانون رقم 30 لسنة 2018 بشأن إصدار قانون تنظيم المجلس القومي للمرأة، حيث تنص المادة 7 في بنديها 13 و14 من القانون على اختصاص المجلس بتلقي ودراسة الشكاوى الخاصة بانتهاك حقوق وحريات المرأة واحالتها على جهات الاختصاص، وإبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاكات لحقوق وحريات المرأة.
وأعلن المجلس القومي للمرأة، جميع أشكال العنف ضد المرأة، خاصة التحرش في المناسبات والأعياد، واستقبل مكتب شكاوى المرأة طوال أيام عيد الأضحى المبارك وحتى هذه اللحظة 283 شكوى منها 207 شكوى على الرقم المختصر 15115، و76 شكوى عبر الرسائل على تطبيق “واتساب” على رقم 01007525600.
وأكدت مديرة مكتب شكاوى المرأة بالمجلس، أمل عبد المنعم، أن الشكاوى الخاصة بالتحرش الجنسي والابتزاز والتهديد بشكل عام جاءت فى المرتبة الأولى، حيث استقبل المكتب 149 شكوى من فتيات تعرضت لذلك خلال فترات سابقة وترغب فى تقديم بلاغات، فيما جاء فى المرتبة الثانية شكاوى لفتيات تعرضن للتحرش خلال أيام العيد.
وأوضحت مديرة المكتب، أنه فيما يتعلق بشكاوى التحرش السابق ذكرها فقد تم تقديم المساندة الاجتماعية والقانونية حيث تم توعيتهن بالإجراءات القانونية الواجب اتخاذها وامكانية توفير محامي متطوع بالمجان لرفع القضية وفقا للحالة، وفى حالة الابتزاز والتهديد تم التأكيد عليهن بعدم الخوف والاستسلام لهذه التهديدات، وأن المجلس يساندهن بكل قوة حتى يحصلن على حقوقهن.
ولم يقتصر الأمر على التحرش فقط فقد أضافت مديرة المكتب أن الشكاوى التي تلقتها غرفة العمليات خلال أيام العيد تضمنت أيضاً 134 شكوى أخرى متنوعة ما بين شكاوى أحوال شخصية واستفسارات قانونية وشكاوى عنف أسرى، وتم تقديم الدعم القانوني والتأكيد على ضرورة الحضور إلى مقر المكتب سواء بالقاهرة أو بفروع المجلس بالمحافظات لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
ارتفاع شكاوى التحرش
وكان المجلس القومي للمرأة، أعلن عن تلقي الخط المختصر للمكتب رقم 15115 عدد 6 شكاوى خاصة بالتحرش بالنساء والفتيات، خلال أيام عيد الأضحى المبارك الماضي في عام 2019، وقد تركزت الشكاوى في اليوم الأول والثاني للعيد بينما لم يتم تلقى شكاوى خاصة بالتحرش خلال ثالث ورابع أيام العيد، وهو ما يجعل عدد “238” شكوى هذا العيد كبير جدا.
يذكر أن المجلس القومي للمرأة قد طالب بشكل متكرر فتيات وسيدات مصر ممن تعرضن لأي شكل من أشكال التحرش بضرورة تقديم بلاغات رسمية ضمانا لحقوقهن، مؤكدا على دعمه الدائم لهن ومساندتهن اجتماعيا وقانونيا، ويتم ذلك من خلال تلقى أي شكوى او استفسار عبر الخط المختصر رقم 15115، أو عبر تطبيق الواتس اب على رقم٠١٠٠٧٥٢٥٦٠٠ أو على الإيميل [email protected] ، أو على صفحه المجلس الرسمية على الفيس بوك.
تومسون رويترز: القاهرة ثالث أخطر مدينة من حيث العنف الجنسي
في عام 2017 أجرت المؤسسة الحقوقية “تومسون رويترز”، استطلاع في 19 مدينة من المدن الكبرى في العالم، سألت خبراء في قضايا المرأة عن أي المدن الضخمة في العالم آمنة للنساء والتي تحتاج إلى بذل المزيد لضمان عدم تعرض النساء لخطر العنف والتحرش الجنسي والممارسات الثقافية الضارة والحصول على الرعاية الصحية والتمويل والتعليم.
وطبقًا لنتيجة استطلاع “تومسون رويترز”، جاء تصنيف القاهرة بصفتها المدينة الأخطر على النساء، وثالث أخطر مدينة من حيث العنف الجنسي، وهي الدراسة التي رفضها القومي للمرأة ولم يعلق عليها.
عقوبات قائمة وتعديل يحمي بيانات الضحية
تخشى معظم الفتيات من الإبلاغ عن وقائع التحرش اللاتي تعرضن لها في الشارع، لذلك تصبح الأرقام التي يدلى بها القومي للمرأة أو مراكز دعم المرأة عن عدد شكاوى التحرش غير دقيقة، في ظل صمت البعض لخوفهم من عدم تصديق روايتها أو التعرض لأذى من أهل المتحرش.
وتصل عقوبة المتحرش التي نص عليها قانون العقوبات في المادتين 306 مكرر (أ) تنص أنه في حالة التعرض للغير لا تقل العقوبة عن ستة أشهر وغرامة قد تصل الى عشرة آلاف جنيه، كما حددت المادة 306 مكرر (ب) ان لا تقل العقوبة عن سنة وغرامة تصل إلى 20 الف جنيه مع تغليظ العقوبة والغرامة في حالة وجود سلطة محددة على المجنى عليها.
وفي 8 يوليو الماضي وافق مجلس الوزراء المصري، على مشروع قانون يقضي بحماية سمعة المجني عليهم في جرائم هتك العرض والتحرش، عبر عدم الكشف عن هويتهم.
وجاء في نص المشروع “أن يكون لقاضي التحقيق لظرف يُقدره، عدم إثبات بيانات المجني عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، أو في المادتين 306 مكررا أو 306 مكررا ب، من ذات القانون، أو في المادة 96 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، وينشأ في الحالة المشار إليها، ملف فرعي يضمن سرية بيانات المجني عليه كاملة، يعرض على المحكمة والمتهم والدفاع كلما طُلب ذلك”.
ويهدف هذا التعديل إلى حماية سمعة المجني عليهم من خلال عدم الكشف عن شخصيتهم في الجرائم التي تتصل بهتك العرض، وفساد الخلق، والتعرض للغير، والتحرش، الواردة في قانون العقوبات وقانون الطفل، خشية إحجام المجني عليهم عن الإبلاغ عن تلك الجرائم.