قرار جديد من الهند ببناء معبد هندوسي على أنقاض مسجد “بابري”، الذي هُدم على يد متطرفين هندوسيين في عام 1992 أمام أنظار العالم، بعدما أزاح رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي الستار عن اللوحة التذكارية لبدء أعمل إقامته، ويقع في مدينة أيوديا في أتر برديش الهندية، كما كان يعد واحدًا من أكبر المساجد في ولاية اوتار براديش.

وذلك عقب قرار المحكمة العليا في الهند العام الماضي بالسماح للهندوس، ببناء معبد على أنقاض مسجد “بابري”، ومن المتوقع أن نتهي في عام 2022، ويوافق قرار بناء المعبد الذكرى الثانوية لإنهاء الامتيازات الخاصة لولاية جامو وكشمير وهي الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند.

قضت السلطات الهندية بنشر عناصر الشرطة في شوارع مدينة أيوديا شمالي البلاد، معلنةً بدء جماعات هندوسية الأسبوع المقبل بناء معبد في موقع يطالب به المسلمون منذ عقود.

 

تاريخ المسجد

سمي مسجد “بابري” نسبة إلى أول إمبراطور مغولي حكم الهند ويُدعى الإمبراطور “بابر”، وقد أنشأه نائبه في عام 1528م، وكانت توجد على مختلف أجزاء المسجد نقوش عربية وفارسية.

مسقط رأس الإله راما

في عام 1855 خلال عهد الأمير واجد علي شاه حاكم إقليم أوده، صرح الهندوس أن المسجد أقيم على مسقط رأس الإله راما، وأن الإمبراطور بابر هو من أمر بهدم معبدًا هندوسيًا كان قائمًا على هضبة راماكوت ثم بنى مسجدًا عليه.

مبررين موقفهم تجاه هدم المسجد بأن الإله راما ولد في ذلك المعبد الهندوسي الذي أزيل منذ زمن بعيد، أن جزءًا من فناء المسجد يحتوي على المكان الذي ولد فيه الإله الهندوسي على الرغم من أن المسلمون في مدينة أيوديا ظلوا يصلون في هذا المسجد من دون انقطاع لأربعة قرون.

ووفقًا لكتب تاريخية فإن الإنجليز آنذاك أشعلوا الفتن في الإقليم ليبرروا استيلائهم عليه، خصوصًا عقب ثورة الهند الكبرى في عام 1857، وشجعوا على وضع كتب تاريخية تقول إن بابر هدم المعبد الهندوسي الذي كان قائمًا في المكان حيث مسقط رأس الإله راما، ثم أنشأ عليه مسجدًا.

تصاعد الأزمة

في عام 1885 حاول كاهن هندوسي أن يقيم سقفًا فوق المنصة التي كان الأمير واجد علي شاه قد سمح بإنشائها في فناء المسجد، لكن اعترض المسلمون على ذلك ولجأوا إلى المحكمة العليا التي أصدرت في عام 1886 حكمًا لصالحهم، على الرغم من أن رئيس المحكمة هندوسيًا من البراهمة.

وفي عام 1934، نشبت اضطرابات طائفية بين الهندوس والمسلمين في أيوديا، ولحقت أضرار عدة بالمسجد أصلحتها الحكومة البريطانية، في عام 1936، حدث خلاف بين المسلمين أنفسهم، فزعم الشيعة أن المسجد لهم بينما زعم أهل السنة أنه لهم، وحكم مدير الأوقاف حينذاك انه “مسجد سني” لأن منشئه كان “سنيًا” والمسجد من هذه الناحية القانونية يتبع هيئة الأوقاف السنية في ولاية أوتار براد.

هدم مسجد بابري

في 23 كانون الأول 1949، توجه كاهن هندوسي يدعى أبهيه رام داس، ومعه نحو 50 من مريديه تلاميذه وتسلقوا جدران المسجد في جنح الظلام ووضعوا تماثيل للإله راما داخل المسجد، وانطلقوا في الصباح يبشرون بأن “الإله راما ظهر في المسجد”.

وأمر مأمور البلدة وفقًا لسلطاته القضائية بتعيين حارسًا هندوسيًا على مبنى المسجد وكاهنًا رسميًا على نفقة الحكومة، وخرج فرمان رسمي بمنع المسلمين من الاقتراب أكثر من مسافة 200 ياردة من المسجد بحجة حفظ الأمن.

 ولم تحرك الحكومة ساكنًا، لكنها اكتفت بمنع المسلمين والهندوس من المساس بالمبنى وتغيير معالمه، لجأ المسلمون إلى المحاكم، وأيدت الحكومة وفقًا لما جاء في ملفات القضية، واكتفت المحكمة بوضع قفل على باب المسجد دون إصدار حكم حول ملكية المسجد.

في 6 ديسمبر عام 1992 هدم مجموعة من الهندوسيين المسجد أمام أنظار العالم وكانوا اتباع مؤسسة وصلت لحكم الهند سنة 1998، وراح 2000 شخص ضحايا لنزاع في ذلك الوقت، وفي سبتمبر 2010 أصدرت محكمة هندية قرارًا بتقسيم موقع المسجد إلى ثلاث، ثلث للمسلمين، وثلثان للجماعات الهندوسية.

نشرت السلطات الهندية أفراد الشرطة في كل أنحاء الهند تحسبًا لوقوع أي أحداث عنف طائفي قبل صدور الحكم، وساد الشارع حالة من القلق والترقب وظل المواطنين داخل منازلهم وخزنوا المواد الغذائية.

في نوفمبر 2019 ، قضت المحكمة العليا في الهند حكم بمنح ملكية الموقع للهندوس وتخصيص مكان آخر لبناء مسجد للمسلمين، فرضت السلطات الهندية حصارا في المدينة وأغلقت المتاجر والمدارس ورفض المسلمون الحكم وطالبو بالإستئناف.