مع بداية ملء سد النهضة بالانتهاء من المرحلة الأولى له بسعة 4.5 مليار متر مكعب، أصبح من المُتوقع أن تُعاني مصر نقصًا في حصتها من المياه خلال الفترة المُقبلة
وعند ملء سد النهضة، حتى لو على سبع سنوات فستخسر مصر حوالي 25 مليار متر مكعب من المياه، و 3 ملايين أفدنة زراعية من إجمالي 8 ملايين فدان، بالإضافة إلى نقص شديد في الإنتاج السمكي بالبلاد.
تداعيات سد النهضة على الإنتاج السمكي
وفقًا لما رصده معهد التخطيط القومي، في سلسلة من الأوراق عن تداعيات أزمة سد النهضة على إنتاج الأسماك في مصر، فإنه من المتوقع أن يؤثر انخفاض منسوب مياه النيل وزيادة ملوحة المياه على الخريطة السمكية.
وبحسب المعهد، فإن حوالي 12 نوعًا من الأسماك المستوطنة في نهر النيل والبُحيرات والمزارع السمكية، بالإضافة إلى أن “إستاكوزا المياه العذبة” معرضة إما للنقص الشديد أو الاختفاء نهائيًا من نهر النيل وفروعه وبحيرة ناصر وغيرها من البحيرات بالإضافة إلى المزارع السمكية.
و يُقدر إنتاج الأسماك المُعرضة للانقراض، بحوالي 5.1 مليون طن يمثل حوالي 75 %من إجمالي الإنتاج القومي من الأسماك، بقيمة تقدر بأكثر من 28 مليار جنيه، بالإضافة إلى المخاطر التي تقع على أسماك البلطي، التي تُعتبر السمكة الأولى في مصر، ومن أهم الأسماك المنتجة والأكثر قبولًا لدى غالبية المستهلكين، حيث تسهم بأكثر من 60% من إجمالي الإنتاج السمكي المصري، بقيمة تقدر بحوالي 8.21 مليار جنيه طبقًا لأسعار 2018.
الأكوابونيك وانقراض الأسماك
الأكوابونيك، هو زراعة تكاملية بين النبات والأسماك، يعتمد فيه على مخلفات الأسماك في تغذية النبات، وتغذية الأيماك من مغذيات النبات التي يتم إضافتها للماء من كالسيوم وبوتاسيوم ونيتروجين، وفقًا لتعريف الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
ويعمل النبات، في نظام الأكوابونيك كفلتر بيولوجي في النظام،إذ تتخمر فضلات الأسماك وبقايا غذاءه، وينتج عنها النتريت ثم يتحول بالتخمر إلى نترات ثم يتحول إلى غاز الأمونيا القاتل الذي يقضي على حياة الأسماك، وهنا يأتي دور النبات الذي يمتص النترات الطبيعية كسماد عضوي له ويحول دون تحوله إلى أمونيا لحماية الأسماك.
ويتميز نظام الأكوابونيك، بأنه سهل التشغيل والإدارة، حيث يعمل بشكل تلقائي من خلال “كنترول” يتحكم في العمليات اليومية لضخ المياه وتقليبها، وضخ نسب الأكسجين في الماء التي تحتاجها الأسماك والنبات.
الزراعة السمكية
هشام حجاج، دكتور اقتصاد وعلوم سياسية، وصاحب مزرعة الأكوابونيك “آل حجاج”، يقول إنه قضى 20 عامًا بين أوربا وأمريكا وانبهر بفكرة الزراعة المائية “الهيدروبونيك”، والمعروفة باسم الزراعة على المياه.
ويضيف حجاج، أن الزراعة على المياه هي الحل لإنهاء أزمة نقص المياه في مصر، ثم تطور الأمر ليندمج بها تربية السمك واستخدام فضلاته كسماد طبيعي للنبات، وبدأ مشروعة بأحواض متراصة بجوار بعضها، متصل بها أنابيب وبها أسماك.
ويوضح دكتور الاقتصاد والعلوم السياسية، أن النبات يحصل على غذائه من فضلات الأسماك دون الحاجة للكيماويات، ورغم أن المشروع تكلفته المادية مرتفعة في بداية الأمر، إلا أنه مربح وموفر للمياه، إذ يتم تغذية الأسماك عن طريق وضع نبات السراخس، والحوض يملئ نفسه حتى مستوى معين بشكل تلقائي عن طريق النظام التكنولوجي.
ويشير حجاج، إلى أنه لتثبيت التربة الطينية في المياه، توضع الشتلات في مواد إسفنجية، ويُدفع بالأكسجين لتقليب المياه وتحريك الأسماك والتخلص من الروائح الكريهة، مؤكدًا أن الأكوابونيك توفر حوالي 95% من المياه.
المحاصيل الزراعية المنتجة
وعن المحاصيل الزراعية التي يمكن زراعتها في نظام “الأكوابونيك” يقول حجاج، إنه يمكن زراعة المحاصيل الورقية والمحاصيل الثمرية في نظام الأكوابونيك والمحاصيل الورقية مثل الخس، والشبت، والكزبرة، والبقدونس، والكرنب، والجرجير، والفجل.
ويضيف حجاج، أنه يمكن زراعة المحاصيل الثمرية مثل الطماطم، والفراولة، والخيار، والباذنجان، والبسلة، والفاصوليا، واللوبيا، والفلفل، وغيرها.
استهلاك المياه في الزراعة
تحصل مصر على حصة من المياه قدرها 55.5 مليار متر مكعب في العام من نهر النيل، و1.3 مليار متر مكعب من الهطول المطري الفعلي في الأجزاء الشمالية لدلتا النيل، و2 مليار متر مكعب السنة من المياه الجوفية غير المتجددة من الصحراء الغربية وسيناء ليكون إجمالي حصة مصر من المياه سنويًا 58.8 مليار متر مكعب.
تُعاني مصر من أزمة في الفقر المائي، إذ تبلغ احتياجات المياه للقطاعات المختلفة 79.5 مليار متر مكعب في العام، ويستهلك القطاع الزراعي، أكثر من 85% من إجمالي حصة مصر في المياه، ورغم مُعاناة فقد البلاد للأراضي الزراعية، إلا أنه تم التوسع في زراعة الصحراء، حيث يبلغ إجمالي الدخل الزراعي 260 مليار جنيه مصري، ويوظف 29% من السكان.
الدكتور أشرف يونس، رئيس قسم التنمية البشرية والاقتصاد بكلية الثروة السمكية جامعة السويس، يقول إن أنظمة الزراعة السمكية النباتية التكاملية من أهم الأنظمة المستدامة للإنتاج السمكي، وتهدف الاستدامة في قطاع الاستزراع السمكي إلى إنتاج أقصى كمية ممكنة من الأسماك والأحياء المائية الأخرى كالنباتات وباستخدام أقل كمية من المياه للمحافظة على الموارد المائية المتاحة.
ويضيف “يونس”، أن المنتج السمكي الناتج يكون عالي الجودة، وخالي من الأمراض، ولأن النظام يعتمد على إعادة استخدام المواد فلا ينتج منه المعادن الثقيلة والمبيدات والمضادات الحيوية كما يخضع للمواصفات القياسية المتعارف عليها دوليًا.
ويوضح “يونس”، أنه يمكن استخدامالزراعة السمكية النباتية، كأسلوب تنقية طبيعي للبيئة، عن طريق وضع الأحواض على الأسطح، أو في أماكن قريبة من مساحات تتعرض للتلوث، بالإضافة إلى كونه مشروع جيد خاصًة لربات البيوت.