سعر العبوة ما بين 15 لـ30 جنيهًا، تحتاج السيدات لعبوتين تقريبًا شهريًا من عبوات الفوط الصحية للدورة الشهرية، فيراها البعض ثمنًا مناسبًا، بينما لا تستطيع الأخريات تحمله، فيلجأن لاستخدام الفوط القماش، ويأتي ذلك في الوقت الذي يعتقد فيه قطاع كبير من الرجال والسيدات، أن الفوط الصحية من الرفاهيات، ولكنها وفقًا للأطباء تُعتبر من الأساسيات، واستخدامها الخاطئ أو الاستغناء عنها واستخدام الفوط القماش يسبب مشاكل صحية.

الفوطة الصحية و”القماشة”

“لو معايا 15 جنيه هجيب بيهم حاجة للعيال ياكلوها أهم، مش هروح اشتري فوط وكلنا بنستخدم القماشة”.. بتلك الكلمات بدأت “أم محمد”، وهي زوجه لحارس أحد العقارات، وأم لأربعة أطفال في مراحل عمرية مختلفة، ترى أن سعر الفوط الصحية يمكن استغلاله في منافع أخرى لأطفالها، معقبة: “أمي واخواتي وكلنا كبرنا بنحط قماش”.

تلاصق الفوط الصحية جزء قريب ولفترة طويلة من أجساد النساء، وهنا يوضح أطباء النساء والتوليد أن استخدام الفوط القماش، خاصة المصنوعة من مواد غير قطنية لفترات طويلة تسبب أضرار صحية، وأيضًا استخدام الفوط الصحية لفترات طويلة تؤدي لنفس الأضرار، ويجب تغيير الفوطة على الأقل كل 7 ساعات حتى ولو لم تمتلئ بالدماء، منعًا لتكاثر البكتيريا في تلك المنطقة وحدوث المشاكل الصحية.

“أم محمد” من بيئة ريفية، ويمكن أن يطلق عليها سيدة بسيطة، ولكن الأضرار الاقتصادية تشاركها بها مروة عبد الشافي، البالغة من العمر 33 عاما، تعمل محاسبة بأحد المكاتب براتب شهري 1200 جنيه: “الفوط الصحية طبعًا مهمة وتعتبر لناس كتيرة مش غالية، لو واحدة اشترت علبة لنوع نضيف ولا مستورد بخمسين ولا 60 جنيه، بس فعلًا المبلغ ده ممكن يفرق معايا في الشهر، واللي بعمله إني ممكن أفضل بالفوطة يوم كامل علشان محتاجش أشتري أكتر من علبه ومرتبي يكفي”.

الفوط الصحية

تختلف أسعار الفوط الصحية بحسب النوع، فتوجد العديد من الماركات المختلفة، منها الرخصية والغالية، ولكن يحذر الأطباء دومًا من الفوط الصحية مجهولة المصدر، خاصة أن معظة شركات إنتاج الفوط الصحية لا تكتب مكوناتها بشكل كامل، ووفقًا لموقع WebMD، فبعض أعضاء مجلس الشيوخ ومنظمات صحة المرأة في الولايات المتحدة أكدوا أن الأبحاث التي أُجريت في هذا المجال غير كافية، كما أن هناك مواد كيميائية ضارة في بعض أنواع الفوط رخيصة الثمن ومجهولة المصدر، ومنها مثل الديوكسين، ومواد مسرطنة.

اختُرِعَت الفوط الصحية في عام 1888، وكانت مُكوّنة من قطن ولب الأخشاب المتبقي من تصنيعها و تُغلف بأقمشة متنوعة، وأول من صنع هذه الفوط الصحية كانت شركات الضمادات الطبية، التي طورتها عبر القرن العشرين، حتى احتوَّت على مواد ممتصة للبلل وزُوِّدَت بشريطة لاصقة حتى تظهر بشكلها الحالي، والتي تستخدمها النساء كل 28 يوما مع قدوم الدورة الشهرية.

“مبشتريش هدوم أصلًا علشان أشتري فوط صحية”.. هكذا تقول “أم جنى”، والتي تعمل خادمة في أحد المنازل، موضحة أنها لم تقم بشراء ملابس جديدة منذ فترة طويلة، بسبب ارتفاع الأسعار، وبالتالي لا تستطيع شراء الفوط الصحية، وتلجأ لاستخدام قطع القماش، وأوضحت أنها تعيش بأحد الأحياء الشعبية في السيدة زينب، وهناك العديد من الفتيات والسيدات أيضًا لا يشترين تلك الفوط، فهناك أولويات لهن، تفرضها عليهن الحياة.

الفوط الصحية والدعم

في لبنان صدر قرار بوضع العديد من السلع الغذائية ومنها اللبن المكثف المحلي، ومعجون الأسنان وماكينات الحلاقة للرجال، ضمن سلة الدعم، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلد، وانخفاض الرواتب، ولكن لم يضع القرار الفوط الصحية ضمن الدعم، مما جعل العديد من المهتمون بالشأن النسوي يرفض الأمر، والتأكيد على أنه ليس رفاهية، بل من الأساسيات لدى النساء، كما أن هناك شركة واحدة فقط هي التي تنتج الفوط الصحية في لبنان، وبعد الأزمة الاقتصادية أصبح سعرها غالي بالنسبة للعديد من الفتيات والسيدات.

الفوط الصحية

وزارة الاقتصاد اللبنانية، ردت على الأمر بأنها دعمت المواد الأولية الصناعية الداخلة في صناعة الفوط الصحية، دعمًا للإنتاج الوطني على حساب السلع المستوردة من الخارج، لكن النساء اعتبرت الأمر نوعًا من التمييز الجنسي.

في المغرب انطلقت حملة توقيع إلكترونية تطالب وزارة المالية بتخفيض الضرائب المفروضة على الفوط الصحية وتوفيرها بشكل مجاني للنساء وخصوصا الطالبات في المناطق النائية، باعتبار أن صعوبة وصول الفتيات لهذا المنتج واحد من بين أسباب توقفهن عن الدراسة، وأكد القائمون على الحملة الإلكترونية حينها، أن الفوط الصحية ليست منتجات لتحقيق ترف للنساء.

المبادة المصرية للحقوق الشخصية في مصر، أصدرت تقريرًا بعنوان “الدورة الشهرية في السجون” ضمن حملة تدعو إلى إعادة النظر في حقوق السجينات لتوفير احتياجاتهن بما فيها الفوط الصحية لاستخدامها أثناء دورتهن الشهرية، ولم تصدر أي مبادرات حكومية لطرح الفوط الصحية للنساء مجانا، أو وضعها ضمن السلع المدعومة بعكس بعض الدول.

في فبراير 2018، وفرت إحدى الجامعات في اسكتلندا منتجات صحية خاصة بالمرأة مجانا في إحدى كلياتها، وأعلنت الحكومة الأسكتلندية توفير فوط صحية مجانية للطالبات، نتيجة لجوء بعضهن لاستخدام بدائل منها الجوارب أو الصحف، بسبب فقر أسرهن، كما نشرت شركة بريطانية مختصة بالمنتجات الصحية إعلانات في عدد من الصحف المحلية للفت النظر لما يسمى سيمى بفقر الدورة الشهرية، حيث لا تتمكن واحدة من بين كل عشر فتيات بريطانيات من شراء فوط صحية.

إجازة الحيض

الفوطة الصحية

يبدو أن الحديث عن الحيض والمرأة، ما زال من الأمور الشائكة في مصر، ففي عام 2019 أعلنت إحدى شركات الدعاية والإعلان تخصيص يوم إجازة مدفوع الأجر مع حلول الدورة الشهرية، وشهد هذا الخبر العديد من التعليقات المؤيدة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأيضًا التعليقات الساخرة من الأمر، ليظل الحديث حول الدورة الشهرية للنساء في مصر أمر من الأمور “العيب”، بحسب العديد من النساء.

وتطبق بعض الدول ومنها أندونيسيا وتايوان وكوريا الجنوبية، ما يطلق عليه “إجازة الحيض”، والتي تمنح المرأة خلالها إجازة من العمل يومًا على الأقل مدوفع الأجر، وتقابل تلك الأمور بانتقادات كثيرة لأنها من الممكن أن تعزز صورا سلبية عن المرأة العاملة، وتؤدي إلى ردود فعل سلبية عند توظيف النساء ومنعهن من تولي مناصب قيادية والحصول على رواتب عالية بحجة الغياب المتكرر، نقلا عن تقرير نشره موقع بي بي سي عربي.

كما تعطي الهند إجازات للعاملات في الشركات المختلفة خلال فترة الحيض منذ عام 1947، ضمن مبادرة أطلقتها شركتين هنديتين لمحاربة العادات والتقاليد الهندية المتعلقة بالمحرمات على السيدات خلال فترة الدورة الشهرية، وتمنح تلك الإجازات في أول أيام الدورة الشهرية، وتكون إجازة مدفوعة الأجر كاملا.