في خطوة مفاجئة، أعلن السودان، مقاطعة مفاوضات سد النهضة، المقرر استئنافها غدًا الإثنين، لعدم التزام إثيوبيا بالأجندة المتفق عليها بشأن قواعد الملء وتشغيل السد، جاء ذلك بعد تعليق مصر مشاركتها في المفاوضات.

وكشفت الخرطوم، عن رفضها للعودة للمفاوضات، دون التزام أديس أبابا بالأجندة المتفق عليها، مؤكدة أن التفاوض مرتبط بتوفر شرط حصر التفاوض في قضايا ملء السد وتشغيله، بعد إعلان الاتحاد الأفريقي استأنف المفاوضات ومناقشة التحفظات خلال المناقشات، وهو ما رفضته إثيوبيا في وقت سابق.

واقترحت إثيوبيا، على السودان ومصر مناقشة قضية تقاسم المياه خلال الجولة الماضية ما أدى إلى تعليق المفاوضات، حيث اعتبرت القاهرة والخرطوم المقترح الإثيوبي تراجعا عن اتفاق المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث عام 2015.

جرس إنذار

يشمل إعلان المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة، مصر والسودان وإثيوبيا، والمكون من 10 بنود أمان السد والتعاون في الماء الأولي والاستخدام المنصف والمناسب للمياه وعدم الإضرار لأي طرف إضافة إلى الالتزام بالقانون الدولي والثقة المتبادلة.

ويقول السفير أحمد حجاج، الأمين العام الأسبق منظمة الوحدة الإفريقية، بأن قرار السودان بتعليق المفاوضات جاء بعد تعثر العديد من المفاوضات السابقة وتعنت الجانب الأثيوبي، معتبرًا إياها “جرس إنذار” .

وتابع بأن خطوة السودان، يجب أن تجبر الاتحاد الإفريقي علي إعادة حساباته نحو المفاوضات، ووعيه بوضعه كوسيط محايد للقضية مصيرية لدول حوض النيل أجمع .

سد النهضة

بينما يضيف هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن السودان كان متحالفًا على طول الخط مع إثيوبيا اعتقادًا من نظام عمر البشير السوداني أن إثيوبيا حليف وصديق وأن السد سيكون له فوائد لإثيوبيا والسودان معًا، وأن الضرر سيقع على مصر وحدها، ورغم سقوط البشير إلا أن هذه السياسية استمرت مع قوى الحرية والتغيير التى اعتبرت إثيوبيا حليفا بعد الدور الذى لعبته فى الوساطات التى جرت ، وأيضا بسبب الميل نحو التفرقة على حساب العروبة.

واستطرد رسلان، فى الوقت الحالى تتغير مواقف السودان تجاه السد بعدما أدركوا خطورته الشديدة على السودان، وأن إثيوبيا لا تهتم بهم إطلاقا ولا بمصالحهم ، وأنها لا تقيم لهم وزنا،و لذلك نجد هذه المواقف الآن ، ولكن بعدما حققت اثيوبيا ما تريد ولم تعد بحاجة إلى السودان ولن تهتم لمواقف السودان أو احتجاجاته.

ومنذ انطلاق مفاوضات سد النهضة نحو قبل عقد، تطالب دولتا المصب السودان ومصر إثيوبيا باتفاق ملزم حول قواعد ملء سد النهضة وتشغيله مع وجود مرجعيات وآليات لفض النزاع في حال بروز خلافات مستقبلا، وهو ما ترفضه إثيوبيا التي تقترح أن يكون الاتفاق وفق قواعد استرشادية وليس ملزما .

وبخصوص فترة ملء الخزان، ترى مصر أنه يجب ألا تقل عن سبع سنوات، ويكون الملء في موسم الفيضانات فقط، في حين تريد إثيوبيا ملء السد خلال ثلاث سنوات، ويستمر الملء طوال العام.

وقد أخفقت مصر وإثيوبيا والسودان في التوصل لاتفاق حول هذه النقاط مرات عديدة، آخرها كان في محادثات استضافها الاتحاد الأفريقي مؤخرًا.

رؤية غير واضحة

وفي الأونة الأخيرة، دار الخلاف بين الدول الثلاث حول خلافات قانونية بشأن إلزامية الاتفاقية، وكيفية تعديلها، وآلية معالجة الخلافات حول تطبيق الاتفاقية، وربط الإتفاقية بقضايا ليست ذات صلة، تتعلق بتقاسم المياه.

وصرح وزير الري السوداني، ياسر عباس، الأسبوع الماضي، أن أثيوبيا خرجت عن اتفاق المبادئ الموقع بينها وكل من مصر والسودان في 2015، موضحا أن رسالة تلقاها من نظيره الأثيوبي ثير مخاوف جدية فيما يتعلق بمسيرة مفاوضات سد النهضة الحالية والتقدم الذي تحقق والتفاهمات التي تم التوصل إليها بما في ذلك تلك التي شملها التقرير الأخير لمكتب مجلس رؤساء دول و حكومات الاتحاد الافريقي بتاريخ 21 يوليو 2020.

ويقترح الخطاب الأثيوبي أن يكون الاتفاق على الملء الأول فقط لسد النهضة، بينما يربط اتفاق تشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق.

بينما علقت مصر مشاركتها في مفاوضات سد النهضة، الأسبوع الماضي، موكدةً أن إثيوبيا لم تقدم أي قواعد لتشغيل السد.

وبشأن مستقبل المفاوضات في الفترة المقبلة، أوضحأحمد حجاج،  الأمين العام الأسبق منظمة الوحدة الإفريقية، بأن لا يجوز التنبؤات الآن بشأن المفاوضات، فالأمر يرجع لرؤية الرسمي في الأمر، ولكن نأمل في أن يلعب الاتحاد الافريقي دور في القضية في الفترة المقبلة.

بينما يري الدكتور محمد صالح مطر، المتخصص فى الشأن السوداني، بأن تعنت الجانب الإثيوبي يدفع منطقة حوض النيل للهاوية، حيث تريد الهيمنة علي القضية مصيرية من جانب أحادي، وهو ما ترفضه دول المصب، إلا أن انقطاع السودان من المفاوضات قد لا يكون في صالح الطرف المصري بشكل كبير، في حالة إذا تدخلت أثيوبيا في الوسط، بحسب قوله.

وأشار المتخصص في الشأن السوداني، إلى أن المفاوضات الأخيرة بين الدول الثلاث كشفت بشكل أو بآخر بأن أثيوبيا لا تريد أي اتفاق ملزم، حيث تعتبر جميع المناقشات التي تمت في الأمر هي هوامش تستطع تغيرها وتعديلها، وليس ملزمة بها.

وفى حال فشل المفاوضات، سيكون أمام الاتحاد الأفريقي خياران، إما تحويل القضية إلى إحدى اللجان الخاصة التابعة للاتحاد لاستمرار التفاوض، كلجنة الأمن والسلم أو لجنة الحكماء،أو إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي، كما يمكن أن يحيل القضية إلى محكمة العدل الدولية.

اتفاق قانوني

ولفت المتخصص فى الشأن السوداني، إلى أن المناقشات التي تتم في هذه المرحلة تدور حول الزامية الإتفاق القانوني، حيث تم حل جميع المشاكل التي تعلق بالمشاكل الفنية، رغم المخاطر التي لا تزال تلوح بالأفق لدولتي المصب، إلا أن أثيوبيا تضع العقبات لعدم الالتزام بأي اتفاق.

وشدد علي أنه يجب أن يستمر الموقف السوداني بجانب مصر في التمسك باتفاق ملزم، فهو الطريق الوحيد الذي يضمن تشغيل السد بأمان ودون ضرر، لاسيما علي بعض الخزانات والسدود بالسودان، ومسائل الزراعة والري، وغيرها.