ثلاثة أشهر حاسمة في صراع الانتخابات الأمريكية، والمقرر إجراؤها في 3 نوفمبر المُقبل، مُنافسة شرسة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بادين، نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لمدة ثماني سنوات.
تختلف المعركة الانتخابية هذه المرة، والتي تأتى في ظل انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية، وحالة الركود التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي، بعد انتعاش اقتصادي خلال ولاية ترامب الأولى، والتي رفع خلالها شعار “أمريكا أولًا”.
ولأول مرة، استخدم ترامب، الدين لاكتساب تأييد الإنجيليين في أمريكا متهمًا بايدن” الكاثوليكي” بأنه “ضد الرب، فهو ضد السلاح”.
وخلال ولايته، اكتسب ترامب عداءات دول عديدة من خلال فرض عقوبات اقتصادية على تلك الدولة، خاصة روسيا والصين وإيران.
كورونا والانتخابات
منذ تفشى فيروس كورونا في العالم، تعامل ترامب مع الفيروس باستخفاف شديد، خلال الأيام والأسابيع الأولى من انتشاره، إذ رفض حتى استخدام القناع، واتهم الصين بتصدير الفيروس إلى دول العالم، كما اتهم منظمة الصحة العالمية بمحاباة الصين، وانسحبت الولايات المتحدة من المنظمة، ورغم محاولات السيطرة على الفيروس، إلا أنه أصاب أكثر من 5 ملايين أمريكي، وسط تزايد أعداد الوفيات، مما أدى إلى إغلاق الولايات، ودخل ترامب مع صراعات مع حكام الولايات.
وطرح ترامب تأجيل الانتخابات الرئاسية، وهو ما قوبل بالرفض، وحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”، جاءت هذه الفكرة إليه بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تقدم منافسه بايدن، كما يشك ترامب في إمكانية التصويت عبر البريد على نطاق واسع ويخشى أنه قد يكون هناك تزوير في الأصوات.
تكشف الصحيفة، أن تفشي الجائحة تسبب في دمار الاقتصاد الأمريكي، ووضع آلاف الشركات على حافة الإفلاس، كما خسر ملايين الأمريكيين وظائفهم.
وبحسب” نيويورك تايمز،” ظل شعار “أمريكا أولاً” تسمية خاطئة إلى حد كبير، حيث كشفت البنية التحتية السيئة للرعاية الصحية عن نقاط ضعف النظام، كل هذا سيؤثر على نتيجة الانتخابات في نوفمبر 2020.
السياسة الصينية
تُهيمن “سياسة الصين” على الساحة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المثير للاهتمام أن المرشحين الرئيسيين يتنافسان مع بعضهما البعض للظهور “أكثر صرامة” مع السياسة الصينية الحالية، وفقًا لتقرير صحيفة صنداي جارديان البريطانية.
ترامب، فرض عقوبات اقتصادية على الصين كادت تصل إلى حرب تُجارية عالمية، تحولت في الفترة الأخيرة إلى حرب سفارات، بعدما أغلقت أمريكا سفارة صينية في هيوستن، وردت الصين بالمثل.
ويبدو أن الإجماع بين الحزبين بشأن الموقف من الصين واحد، وأن الموقف الصارم الذي اتخذه ترامب بشأن الصين سيستمر بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات نوفمبر.
تدخلات خارجية
ويشير تقرير للاستخبارات الأمريكية، إلى أن بعض الدول الأجنبية تحاول التأثير على تفضيلات الناخبين وتغيير السياسات الأمريكية و”زيادة الشقاق” في البلاد، لكن رئيس جهاز مكافحة التجسس أضاف أنه سيكون “من الصعب على خصومنا التدخل أو التلاعب بنتائج التصويت على نطاق واسع”.
وقال إن العديد من الدول “لديها تفضيلًا لمن سيفوز في الانتخابات”، لكن رئيس مكافحة التجسس قال إنهم “قلقون بشكل أساسي” بشأن الصين وروسيا وإيران.
وكشف تقريرًا للمخابرات الأمريكية، أن الصين تفضل هزيمة ترامب في الانتخابات على الرغم من أنه ليس من الواضح أن بكين تفعل الكثير للتدخل في حملة 2020 لمساعدة جو بايدن.
ويشير مسؤولو المخابرات، في أول تقييم علني لهم إن روسيا تستخدم مجموعة من الأساليب لتشويه سمعة جو بايدن، لا فتيين إلى أن موسكو تسعى جاهدة لمحاولة التدخل في حملة 2020 لمساعدة ترامب.
وبحسب تقرير آخر لصحيفة نيويورك تايمز، قال المسؤولون إن الصين تفضل هزيمة ترامب وكانت تدرس ما إذا كانت ستتخذ إجراءات أكثر عدوانية في الانتخابات.
البيت الأبيض
البيت الأبيض اعترض في وقت سابق على استنتاجات مفادها أن موسكو تعمل على مساعدة ترامب، وأعرب الديمقراطيون عن قلقهم المتزايد من أن وكالات الاستخبارات ليست صريحة بما فيه الكفاية بشأن تفضيل روسيا له، وأن الوكالات تقدم الصين على أنها المناهض لترامب لتحقيق التوازن في الانتخابات.
حقائق غير مرغوبة
يبدو أن التقييم يميز بين ما أسماه “مجموعة الإجراءات” التي تستخدمها موسكو للتأثير على الانتخابات واستنتاجها بأن الصين تفضل هزيمة ترامب.
فيما يرى مسؤول أمريكي، أطلع على المعلومات الاستخباراتية، إنه من الخطأ مساواة البلدين، ويضيف إلى أن روسيا هي إعصار قادر على إلحاق الضرر بالديمقراطية الأمريكية الآن. ويؤكد في الوقت ذاته إن الصين أشبه بتغير المناخ، حيث إنها التهديد حقيقي والخطير، لكن على المدى الطويل.
أثار المشرعون الديمقراطيون نفس النقطة بشأن التقرير، الذي وجد أيضًا أن إيران كانت تسعى “لتقويض المؤسسات الديمقراطية الأمريكية، الرئيس ترامب، وتقسيم البلاد” قبل الانتخابات العامة.
وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والنائب آدم بي شيف، رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب، في بيان مشترك: “لسوء الحظ، لا يزال أن البيان يتعامل مع ثلاثة فاعلين ذوي نوايا وقدرات مختلفة كتهديدات متساوية لانتخاباتنا الديمقراطية”.
فيما قال ترامب: “آخر شخص تريد روسيا رؤيته في منصبه هو دونالد ترامب لأنه لم يكن هناك من كان أشد صرامة مني تجاه روسيا”. وأضاف إنه إذا فاز بايدن بالرئاسة، فإن “الصين ستمتلك بلادنا”.
وفى الوقت نفسه، هاجم مساعدو بايدن وحلفاؤه ترامب، قائلين إنه انحاز مرارًا وتكرارًا إلى الرئيس فلاديمير بوتين بشأن ما إذا كانت روسيا قد تدخلت لمساعدته في عام 2016، ويقول توني بلينكين، كبير مستشاري نائب الرئيس السابق: “لقد دعا دونالد ترامب علنًا وبشكل متكرر، وشجع، بل وحاول الإكراه على التدخل الأجنبي في الانتخابات الأمريكية.
المُخابرات الأمريكية
ووفقاً لتقرير شبكة فويس أوف أمريكا، فكثف مسؤولو المخابرات والمسؤولون الآخرون في الأيام الأخيرة نشرهم للمعلومات حول جهود التدخل الأجنبي، وأرسلت وزارة الخارجية نصوصًا إلى الهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم للإعلان عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للحصول على معلومات عن قراصنة الانتخابات المحتملين.
وقالت ليا غابرييل، المبعوثة الخاصة ومنسق GEC، “لقد أخذت بكين أيضًا صفحة من قواعد اللعبة الروسية، مستفيدة من مواقع المؤامرة والقنوات بالوكالة لدفع المعلومات المضللة والدعاية بهدف تقويض الأعراف والمؤسسات الديمقراطية”. وأضافت أن تهديد المعلومات المضللة من جانب الصين وروسيا أمر حقيقي وخطير.
وصرحت غابرييل لإذاعة صوت أمريكا: “لن تتسامح الحكومة الأمريكية مع التدخل الأجنبي في انتخاباتنا”، ويعمل GEC مع شركائنا في جميع أنحاء العالم الذين يشاركون المعلومات حول التدخل في الانتخابات والتكتيكات التي رأوا أنها تستخدمها من قبل روسيا وغيرها.
ويضيف التقرير إن أهداف روسيا العامة هي “التشكيك في قيمة المؤسسات الديمقراطية” و “إضعاف المصداقية الدولية والتماسك الدولي للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها”.
ويشير جيريمي باش، المسؤول السابق في إدارة أوباما: “حقيقة أن الخصوم مثل الصين أو إيران لا يحبون سياسات الرئيس الأمريكي هو أمر طبيعي”، “ما هو غير طبيعي ومقلق وخطير هو أن خصمًا مثل روسيا يحاول بنشاط إعادة انتخاب ترامب.”