“حكاياتي اللي أنا عشتها كلها تشبه بعضها.. وآخرها زيها زي غيرها”، هل يمكن أن ينطبق هذا “الكوبليه” على الحياة الفنية للهضبة عمرو دياب في الآونة الأخيرة؟، أم أنه كان مجرد “كوبليه” عابر في أحد أشهر أغانيه “حكاياتي اللي أنا عشتها”، والتي تم إصدارها في ألبوم “قمرين” عام 1999؟.
عاش عمرو دياب حالة من النجومية التي لم يسبق لها مثيل في مصر، وجاء ذلك نتيجة ذكائه واعتماده على طريقة مختلفة في التسويق لنفسه بين الجمهور، ليصبح صاحب الشعبية الأولى في مصر والوطن العربي، وهو أيضًا صاحب “الموضة” في الأزياء والشعر وما شابه ذلك، 37 عامًا من التاريخ الفني للهضبة قدم خلالها 32 “ألبوم”، وتعاقد بها مع 3 شركات إنتاج هي صوت الدلتا وعالم الفن وروتانا، إلى أن انتقل إلى الإنتاج الخاص به عام 2015، عن طريق شركة “ناي فور ميديا” التي يمتلكها.
وخلال هذا التاريخ الفني الطويل استطاع عمرو دياب حصد العديد من الجوائز، وتحقيق الكثير من الإنجازات التي لم يصل إليها أحد قبله، والتي كان منها الأعلى مبيعًا في الشرق الأوسط في أعوام 1998 و2002 و2007 و2014، كما أنه أول مغنٍ عربي يدخل موسوعة “جينيس” بحصوله على أكبر عدد من جوائز الموسيقى العالمية لأكثر مبيعات في الشرق الأوسط.
و في عام 2019 حقق عمرو دياب المرتبة الأولى لأكثر الفنانين العرب استماعًا حول العالم، وذلك عبر تطبيق الموسيقى “أنغامي”، حيث وصل عدد المستمعين إلى 147 مليون و500 ألف مستمع، وهو الفنان العربي الوحيد الذي تم عرض صورته في ساحة ميدان التايمز في مدینة نیویورك، على لوحة إعلانات سبوتيفاي، والكثير من الإنجازات الأخرى التي لم يكن إحصاءها هنا لغزارتها، والتي حققها الهضبة، كما أن ثروته المالية إلى عام 2011 قُدرت بـ 41 مليون دولار.
بداية التعاون
مع الانتظار الذي تشهده صفحات السوشيال ميديا، للألبوم السنوي لـ”الهضبة” وحالة الشغف التي لا تنقطع لدى جمهوره، وتعاونه مع شعراء وملحنين منهم القدامى الذين حققوا معه إنجازات جماهيرية كبيرة، أو جدد، أصبح “دياب” “تيمتهم” للنجاح فيما بعد، نجده يقدم للسوق الغنائي المصري رجل الأعمال والمستشار السعودي تركي آل شيخ، عام 2017 من خلال أغنية كانت مسار حديث وجدل لوقت طويل وهي “يا أجمل عيون” التي تحدثت عن برج الحوت، وكان هذا بالتزامن مع شائعات عن “الهضبة” ودينا الشربيني وهي من مواليد برج الحوت أيضًا، وأغنية “أحلى حاجة” بألبوم “معدي الناس”.
انتشرت حينها شائعة تفيد بأن “آل شيخ” يشتري كلمات الأغاني التي يقدمها للمطربين، وهذا بعد أن كان قد قدم عددًا من الأغنيات الخليجية التي كان منها “اعترف” و”أجمل العالم” و”أهلين يا حبي القديم”، ولكن ما قدمه بعد ذلك أثبت قيامه هو بكتابتها، خاصة مع تكرار نفس المعنى والوزن والقافية، في الأغنيات الأخرى التي تعاون فيها مع “دياب”، والتي كان آخرها “غيران” التي تم طرحها منذ عدة أيام.
مستوى أقل
هذا ما أكده الناقد الموسيقي محمد شميس، قائلًا: “قدم عمرو دياب مع تركي آل شيخ خلال الألبومات الثلاث الأخيرة العديد من الأغنيات وكان أبرز تلك الألبومات كل حياتي الذي قدما به 3 أغنيات، والتي ظهرت جميعها بذات التيمة الغنائية في الكلمات”.
وتابع: “سنجد عمرو دياب يبدأ أغانيه بـ يا كل حياتى، يا ساحر، يا ملاك الحُسن، أيضًا تكرار الحديث عن الخيال في أغنية ملاك الحسن، على جناح الخيال في أغنية كل حياتى، وتكرار الحديث عن الصحيان صحيتى الجنون في أغنية ملاك الحسن، عشان تصحى غيرتى في أغنية هَدِّد، تصحى فيا أنا الإحساس بأغنية كل حياتى، فتكرار هذه الكلمات والمعاني يجعل الجمهور لا يشعر بجديد”.
وأضاف “شميس” “أن الأغنيات التي استمر عمرو دياب في تقديمها من كلمات تركي آل شيخ، بعيدًا عن أن البعض منها تم إدراج كلمات خليجية من خلاله، إلا أنه أيضًا لم يكن بمستوى ما اعتاد عليه الجمهور من أغانيه خلال سنوات فنه الطويلة، وعبر عن مستوى أقل مما قدمه عن ذي قبل، ولكن يجب الاعتراف أنه بالرغم من أن الأغاني التي أصبح لدى الجمهور كثير من التحفظات عليها، إلا أنها مازالت تحصل على نسب مشاهدة مرتفعة على يوتيوب ونسب استماع عالية على مواقع الأغاني المختلفة”.
أعمال كأنها لم تكن
لكن الناقد الموسيقي محمود فوزي، يرى أن “حالة الألبومات التي يقدمها “دياب” خلال السنوات الأخيرة، لم تكن كما كانت، وأن اختياراته في كلمات الأغنيات أصبح أقل مما يجب، خاصة الكلمات التي يقوم تركي آل شيخ بكتابتها، والتي اعتمدها خلال الفترة الأخيرة، خاصة أنه يطرحها في أوقات لم يكن عمرو يطرح به أغاني من قبل، وجعلته متواجدًا على الساحة بشكل أكثر من اللازم”.
وأضاف “أن هذه الأغاني أصبحت مسار جدل بين الجمهور حول الأسباب التي تجعل عمرو دياب يغني هذه الكلمات التي لم تنل إعجاب نسبة كبيرة من جمهوره، هل هي الأموال الخاصة بتركي آل شيخ وتعاقدهما معًا؟، أم أن الصداقة هي التي تجعله يقوم بغناء هذه الكلمات، خاصة وأن بعض الأغاني بدأت تأخذ شكل تلميحات وكأنها موجهة؟”.
وأوضح “فوزي”، “أن ما نراه حاليًا أن عمرو دياب اكتفى بما قدمه خلال السنوات الماضية، وأصبح لا يهتم بشكل كبير بما يقدمه من محتوى للجمهور، ولكنه في ذات الوقت لم يخسر، فجمهوره سيظل كما هو، ولكن بعد سنوات سيتوقف على سماع الألبومات القديمة فقط، وكأن ما طرحه خلال السنوات الأخيرة لم يكن، باستثناء بعض النوادر”، وفق قوله.