آثار جائحة كورونا على سوق الدواء المصرية، ليست كالأزمة التي ألمت بالسوق قبل 4 سنوات، إذ تسببت في نقص عدد كبير من الأدوية، لكن في النهاية السوق تأثرت خلال الأيام الماضية، وجعلت البعض يقف أمام الصيدليات، راجيًا: “أرجوك أعطيني دواءً”، في إشارة إلى نقص أدوية، لاسيما لبعض الأمراض المزمنة.
جائزة لقطاع الدواء
“جائزة كبرى، وإشادة من الحكومة والمواطنين”.. هكذا بدأ محمود عبدالمقصود، رئيس شعبة الصيدليات بالاتحاد العام للغرف التجارية، حديثه عن أزمة نقص الدواء بالسوق، في ظل انتشار فيروس كورونا “كوفيد-19″، بأن شركات الأدوية لم يتوقف إنتاجها للأدوية كافة، ولم يشعر أحدًا بكارثة 2016، في إشارة إلى أزمة نقص الأدوية الشهيرة.
يضيف: “منذ فبراير الماضي، وشركات الأدوية المقيدة في البورصة المصرية، تتعامل مع الوضع الطارئ الذي فرضته الجائحة، بمزيد من التركيز على الأدوية المرتبطة بعلاج كورونا، مستدركًا، في الوقت ذاته: كان الوضع سيئًا للغاية للحصول على الكمامات، ومواد التطهير، بداية الأزمة”.
ويعزو “عبدالمقصود”، سبب الأزمة، لإقبال المواطنين على شراء أدوية ما يٌسمى بـ”بروتوكولات وزارة الصحة” التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي.
أزمة نقص أدوية كورونا، سببها سلاسل الصيدليات، على العكس من ذلك، يرى رئيس شعبة الصيدليات بالاتحاد العام للغرف التجارية “هذه السلاسل أرسلت مساعدات طبية لوزارة السكان والسكان”.
ويقول، إنه بعد اختفاء “بنادول”، و”فيتامين سي”، وغيرهما من أدوية تقوية المناعة، وسيولة الدم، اضطرت بعض الصيدليات للتعامل مع “مهربي الأدوية الأجنبية”، مشيرًا إلى أن مصر أفضل حالاً من أمريكا بكل سلطاتها الدوائية في ظل أزمة كورونا.
سلاسل الصيدليات “باب خلفي” للأدوية المُهربة
أكد أيمن عثمان، أمين عام نقابة الصيادلة، أن التسعيرة الجبرية للدواء، لابد أن تتم من خلال الهيئة العليا للدواء، موضحًا أن أية أدوية مُهربة لا تخضع للرقابة، وتدخل لمصر دون تسجيلها أو تسعيرها، لذلك يكون المتحكم في سعرها من يقوم بتوزيعها على الجمهور.
وتابع “عثمان”: “من يبيعها للجمهور ليست الصيدليات المتواضعة الحل، بل السلاسل الكبرى التي استغلت أزمة كورونا”.
كورونا والأمراض المزمنة
وأكد أمين عام النقابة، أنه حدث نقص في بعض أدوية الأمراض المُزمنة، والتي استخدم جزءً منها في بروتوكول كورونا، مثل: أدوية السيولة “البلافكسش، والكليكسان، والإسبرين”، مشيرًا إلى أن هذه الأمور في طريقها إلى زوال بمجرد اختفاء الإصابات بفيروس كورونا.
التتصدى للسلاسل
شدّد محمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة، على أن الأدوية الأجنبية المهربة، هي سبب الأزمة، فبعضها باع الـ”بنادول” المصري بـ620 جنيهًا، فيما يبلغ ثمنه 16 جنيهًا، كما باعت شريط “الإيمويوم” بـ100 جنيه، وثمنه 35 جنيهًا.
وأشار “الشيخ” إلى أن الجهات الرقابية ضبطت شحنات أدوية مهربة لأدوية “بروتوكول كورنا”، وتخزينها لإحداث أزمة، وظهور هذه الأدوية بأسعار مبالغ فيها، كما رأينا في سلاسل الصيدليات التي أصبحت قنابل موقوتة في أزمات الدواء.
وأضاف نقيب صيادلة القاهرة، أن النقابة العامة حصلت على أحكام بشطب 25 صيدليًا، بعضهم أعار اسمه لسلاسل صيدليات مشهورة، مؤكدًا أن النقابة ما زالت في طريقها، لأخذ مزيدًا من الأحكام بشطب أي صيدليّ يرتكب أفعالاً مماثلة.
وهاجم سلاسل الصيدليات، قائلاً: هذه كيانات غير قانونية، وصدر ضدها عدد من أصحابها أحكام قضائية، بالشطب نهائيًا من جدول نقابة الصيادلة”، محذرًا بالشطب سنة للصيادلة المعيرين أسمائهم والمنضمين بصيدلياتهم لهذه الكيانات وبالتبعية الغلق الإداري، لصيدلياتهم لمدة عام.
أول اختبار لـ”هيئة الدواء”
كان مطلب المهتمين بالقطاع الدوائي ونقابة الصيادلة أن يكون هناك هيئة عليا للدواء مهتمة بمشاكل هذا القطاع، خاصة بعد أزمة نقص الأدوية التي عاصرتها مصر في عام 2016.
تمت الموافقة على مشروع القانون في 2019 من البرلمان، بعد تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسي، على قرار بتشكيل مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية، يناير الماضي.
تختص هيئة الدواء المصرية بتنظيم تسجيل وتداول ورقابة المستحضرات الوارد والمواد الخام التي تدخل في تصنيعها، وتهدف الهيئة إلى تنظيم وتنفيذ ومراقبة جودة وفاعلية ومأمونية المستحضرات، والمستلزمات الطبية.
وتحل هيئة الدواء المصرية محل وزارة الصحة والسكان، ويحل رئيس مجلس إدارتها محل وزير الصحة والسكان، في الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المتعلقة بتنظيم تسجيل وتداول ورقابة المستحضرات والمستلزمات الخاضعة لأحكام هذا القانون
تسائل مراقبون لملف الصحة، عن دور الهيئة، وأشاروا إلى أن دورها اقتصر خلال الفترة الماضية على إصدار بيانات تحذيرية بشأن استخدامات خاطئة لأدوية السيولة، وغيرها من فوضى علاجات كورونا.
يوضح الدكتور أيمن عثمان، أمين عام نقابة الصيادلة، إن الهيئة شكلت في ظل أزمة كوورنا، وما تزال في طريقها لصُنع كوادرها، لذا من أدار ملف “كورونا” كانت وزارة الصحة والسكان، لأنها الأجدر بها في الوقت الحالي.
وتابع عثمان ” لم توضع الهيئة في اختبار حقيقي إلى الآن”.
ويوافق الرأي السابق، الدكتور محمود عبدالمقصود، رئيس شعبة الصيدليات بالغرف التجارية، قائلاً:” لم نشعر بدورها”.
استعادة دور القطاع العام
عقدت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، في يونيو الماضي، اجتماعًا مع ممثلي عدد من شركات الأدوية لمناقشة سُبل زيادة إنتاجية الأدوية الأساسية المعلنة في بروتوكولات علاج فيروس كورونا، مطالبة بزيادة القدرة الإنتاجية للأدوية خاصة أدوية المناعة، وزيادة ضخها بالصيدليات، لتلبية احتياجات المواطنين، مؤكدة على تذليل أي عقبات أوتحديات تواجه تلك الشركات بالتعاون مع الجهات المعنية، لضمان سير العمل وزيادة الإنتاج.
وهو ما أحدث مردودًا كبيرًا، إذ بدأت بعض شركات القطاع العام فعليًا بإيقاف إنتاج الأدوية غير الضرورية وزيادة معدلات إنتاج المضادات، وخوافض الحرارة، والفتيامينات المرتبطة ببروتوكول العلاج الخاص بجائحة كورونا.
حولت شركة النيل للأدوية، أحد خطوط إنتاجها بالكامل إلى إنتاج الكحول نتيجة لزيادة الطلب، كما أنتجت شركة الإسكندرية للأدوية دواء “بانادول”، ويمثل %40 من حجم مبيعاتها، وهو منتج استراتيجي يدخل ضمن بروتوكول علاج كورونا.
كما ضاعفت شركات، مثل: راميدا، والقاهرة، والعربية، إنتاج أدوية تتعلق بالفيتامينات، وزيادة بالمناعة.