“الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة”.. عنوان لأول برنامج وطني لمناهضة العنف ضد النساء، في الفترة من 2015 وحتى 2020، ومع العام الأخير له، نجد قطاعًا كبيرًا من السيدات والفتيات، لا يعلمن الكثير عن تلك الاستراتيجية، ربما يرجع السبب إلى قلة الدعاية المرتبطة بها بوسائل الإعلام، وفقًا لتصريحات انتصار السعيد المحامية، ورئيس مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، والتي ترى أنه سيتم مد العمل بتلك الاستراتيجية لخمس سنوات إضافية مُقبلة.

النهوض بأوضاع المرأة

كلف رئيس مجلس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب، المجلس القومي للمرأة، بإعداد الاستراتيجية باعتبارها الآلية الوطنية المنوط بها النهوض بأوضاع المرأة في مصر، بالتعاون مع الجهات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، لضمان تعظيم الجهود المبذولة لخفض مُعدلات العنف الأسري والمجتمعي الموجه ضد المرأة والفتاة وتأهيل ضحاياه تجنبًا للعزلة والسلبية والانزواء وتحقيقًا للأمن والاستقرار.

السفيرة مرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة، قالت إن تدشين الاستراتيجية يُعد تتويجًا لسلسلة الجهود التي بذلها المجلس منذ إنشائه لمكافحة العنف ضد المرأة والفتاة، بحانب السعي لتوفير الإرادة السياسية والعمل المشترك بين الوزارات المعنية وأجهزة الدولة الحكومية وغير الحكومية والأزهر والكنيسة، ومشاركة المجتمع المدني لإعداد إستراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة.

وقعت الاستراتيجية على 12 بروتوكول مع الوزارات المعنية، لمكافحة كافة أشكال العنف ضد المرأة، من عنف أسري أو اقتصادي أو عنف اجتماعي أيضًا، وكافة أشكال العنف الفردي والجماعي.

المجلس القومي للمرأة لا ينشر تقاريرًا دورية حول تطبيق الاستراتيجية

العنف ضد المرأة

ملاحظات على الاستراتيجية

مؤسسة “نظرة” العاملة في مجال حقوق المرأة، أبدت عدة ملاحظات على محتوى الاستراتيجية عقب انطلاقها، منها القصور في تعريف أشكال العنف المبني على أساس النوع، وعدم الإشارة إلى عنف فاعلي الدولة، لكنها رأت أن إقرار الاستراتيجية في حد ذاته يُعد خطوة هامة للتصدي للعنف ضد النساء، والعمل على تحقيق احتياجات الناجيات من العنف.

بجانب قلة الدعاية والحملات المتعلقة بالاستراتيجية، ذكرت “نظرة”، أن العديد من منظمات المجتمع المدني، حاولت مُتابعة تطبيق محاور الاستراتيجية، ولكن لم يكتمل الأمر بسبب عدم وجود آليات واضحة لمراقبة عمل محاور الاستراتيجية، كما أن المجلس القومي للمرأة لا ينشر تقاريرًا دورية حول تطبيق الاستراتيجية، وعلى الجانب الآخر لا تعلن أي من الوزارات والجهات المعنية تنفيذ الاستراتيجية بشكل منظم، فهناك صعوبة لتقييم عمل الاستراتيجية ومتابعة عملها.

ونشرت بعض المنظمات، توصيات مُشتركة حول وجود آلية لمتابعة الاستراتيجية الوطنية، وخاطبت المجلس القومي رسميًا للتشاور حول هذه التوصيات دون تلقي رد من قبل المجلس، في الوقت الذي تزداد فيه أشكال العنف ضد المرأة، وهو ما يستلزم متابعة الاستراتيجية حتى لا تتحول لحبر على ورق، وفقا لمؤسسة “نظرة”.

“من الممكن أن يمتد عمل الاستراتيجية لفترة أخرى”.. المحامية انتصار السعيد

غياب الدعاية الكافية

بعد مرور 5 أعوام على انطلاق الاستراتيجية، وفي العام الأخير لها، لم تخرج أي بيانات بأرقام أو إحصائيات أو ورقة عمل عما قدمته خلال السنوات الخمس الماضية، أو إحصاء لجرائم العنف التي تصدت لها.

ووفقا للمحامية انتصار السعيد، فإنه من الممكن أن يمتد عمل الاستراتيجية لفترة أخرى، كما أن غياب الدعاية الكافية حولها بوسائل الإعلام والصحف يجعلها بعيدة عن قطاع كبير من السيدات اللاتي تتعرض للعنف، فهناك خط ساخن لتلقي الشكاوى لا يتم الإعلان عنه ولا تعرفه السيدات اللاتي تتعرضن للعنف والتواصل معه، بالإضافة لوجود 9 بيوت فقط لاستضافة السيدات، وهنا يصبح الرقم قليل ويحتاج لمزيد من أماكن الاستضافة، مع وضع آليات أكثر وضوحًا وتحقيقًا لاحتياجات النساء بشكل عام.

أكثر من 30% من النساء المتزوجات تعرضن لشكل من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي

العنف ضد المرأة

مراكز الاستضافة

في عام 2003 أنشأت وزارة التضامن الاجتماعي، منازل خاصة للمرأة المُعنفة تحت عنوان “مراكز استضافة المرأة”، بهدف استضافة المرأة التي تتعرض للعنف وليس لها مأوى للمشورة أو للإقامة لفترة معينة، وتهدف تلك المنازل التي يصل عددها 9 منازل على مستوى الجمهورية، لتوفير الرعاية الاجتماعية والنفسية للسيدة حتى اجتياز ما يمكن أن يطلق عليه الفترة الصعبة التي تمر بها، والتي تتعرض خلالها للعنف.

وفي تلك المنازل، يمكن استغلال مهارات السيدات، ليتكيفن مع المجتمع من جديد، وتلك المنازل يمكن الوصول إليها من خلال الاتصال بمديرية الشئون الاجتماعية إدارة شئون المرأة بالمحافظة التي توجد بها السيدة المعنفة، للوصول لأقرب منزل لها، ولكن مع غياب الدعاية الكافية عن تلك المنازل وطرق الاتصال بها، وأيضا قلة عددها والتي تنحصر بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والمنيا وبني سويف، والدقهلية والفيوم، والقليوبية، يصبح هناك العديد من السيدات لا يستطعن الوصول لتلك المنازل، التي لا يعرفن عنها الكثير أيضا، فهي بحاجة لمزيد من الانتشار، والمزيد من الدعاية الكافية والحملات التوعوية بوسائل الإعلام.

ذكرت مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، أن هناك خطًا ساخنًا للبيوت الآمنة، لكنه غير مُفَعل، ويتم تحويل النساء إلى البيوت الآمنة عن طريق الخط الساخن لمكتب الشكاوى بالمجلس القومي للمرأة، والمنظمات غير الحكومية التي تعمل مع المعنفات، أو في بعض الأحيان عن طريق المستشفيات في حالة البيوت التي كوّنت شبكات وعلاقات جيدة في محيطها.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن أكثر من 30% من النساء المتزوجات تعرضن لشكل معين من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي على يد أزواجهن، وفقا لبيانات المسح السكاني الصحي في مصر لعام 2014.

الإقامة في تلك البيوت تبدأ من 3 أشهر ومن الممكن أن تمتد لـ9 أشهر بعد موافقة وزارة التضامن الاجتماعي، وطاقة تلك البيوت الاستيعابية من 255 لـ235 سيدة، فهي تعمل على توفير فترات آمنة للسيدات، وتحرص على تلقى سيدات جدد، وبسبب قلة الأماكن وقلة الطاقة الاستيعابية، يصبح تحديد مدة محددة لإقامة تلك الفتيات أمر هام، كما أن الإقامة في البيوت الآمنة مجانية إذا كانت المرأة بلا دخل أو عمل، وإذا كانت السيدة المعنفة عاملة فتساهم بقيمة 25% من دخلها في نفقات بيت الاستضافة المقيمة فيه، ويمكن اصطحاب الأطفال معها حتى سن 12 عاما.

تبع العاملون في البيوت الآمنة المختلفة تعريف العنف طبقًا لمفاهيمهم هم

العنف ضد المرأة

أوجه القصور

تُعاني البيوت الآمنة، من عدة أوجه قصور تمنعها من تأدية دورها في تمكين الناجيات من العنف بشكل عام، وفقًا لورقة بحث أصدرتها مؤسسة نظرة، وهي غياب المنظور النسوي عن المشروع نفسه وعن القائمين عليه والعاملين به، ويؤثر سلبًا على تعاملهم مع الناجيات وعلى فهمهم لدور البيوت الآمنة، كما أن هناك عدة مشاكل متعلقة بآليات عمل وزارة التضامن الاجتماعي نفسها وإمكانيتها، وعلى رأسها العدد الجغرافي والتوزيع.

ولا يوجد تعريف محدد للعنف في اللائحة المكتوبة، وبالتالي يتبع العاملون في البيوت الآمنة المختلفة تعريف العنف طبقًا لمفاهيمهم هم وحسب إدارة كل جمعية، فتتعامل أغلب البيوت الآمنة على أنها أماكن للإقامة فقط، ولا يوجد برنامج للتمكين الاقتصادي أو برنامج منتظم للدعم النفسي.

وفي أغلب الأحيان، لا تكفي الميزانية وجود محام وبالتالي لا توفر كل البيوت الدعم القانوني اللازم للناجيات إذا احتجن إليه، كما أنه لا يوجد نظام لمتابعة الناجيات بعد الخروج من البيوت الآمنة.