محدش كامل وكل واحد له عيبه، مشغولة الناس بغيرها ومحدش عجبه نصيبه.

عارفين إننا بالعيب متكونين، ورغم عيوبنا بالكمال مدعين، نفتح بيبان النقص نُطل على غيرنا، ماشيين نعد للغير، نلملم ذنوبهم، ننصب محاكم، وكل واحد فينا قاضي.

بنردد جمل إن الكمال لربنا، مجرد جملة فاضية، لو حد مصدقها كان بص جواه، اتعرف على مشاكله وحلها، لكننا مش مهتمين نتحسن، جدتي كانت دايمًا تقولي ربنا لما وزع الأرزاق محدش عجبه رزقه، بس لما وزع العقول كل واحد عجبه عقله، أمثال كتير كنت بسمعها، ومش بهتم، يمكن الواحد كل ما بيكبر قدرته علي التأمل بتزيد، وفكرة المراجعة.

الناس اللي ليل نهار ينشروا كلام أو صور فيها تصريح أو إشارة إن كل واحد يخليه في حاله، كام واحد من الناس دي هو فى حاله؟

للأسف أحنا بنطالب الناس باللي إحنا مش بنعمله، واللي هو أصلًا بيأذينا، سواء أذي مادي أو معنوي، جلسات النميمة اللي بتدور فى أوقات كتير، هل هي بتدور في مديح شخص؟

بالتأكيد بتدور لانتقاد شخص مش موجود، ناس كتير بتحاول تكون ملايكة علي جثث الآخرين، زمان فى أحد الأماكن اللي اشتغلت فيها، كان فيه زميلة “حمارة شغل” زي ما بنقول علي الشخص اللي بيشتغل كتير ومجتهد، كانت بتشتغل كتير قوي، لطيفة جدا مع الناس، تقدر تعمل أكتر من مهمة فى نفس الوقت، لكن كانت بتتشات كتير، وبيجليها تليفونات كتير، صحيح عمر دا ما أثر علي مستوى أداءها، لكن بعد شوية كان فيه واحدة تانية برضه بتشتغل كتير، ولطيفة بدرجة أقل، كانت طول الوقت بتقول بشكل واضح وصريح أنا مش بحب الشات، مش بحب التليفون، لما يحصل إنه يجي رسالة من المركز الرئيسي كانت بترفض ترد وهي اللي قدام الكمبيوتر، وتقوم تنادي المدير يرد هو، كان موقف غريب قوي، لكن ظهرت الفكرة بعد شوية، هي بتحاول تسيء للبنت التانية، وتكشف عيوبها إذا اعتبرنا ان الشات والتليفون عيب.

الناس اللي مشغولة بعيوب ومشاكل الآخرين، هو مش بيعملوا كدا اهتمام، الانشغال دا سببه حاجة من اتنين، إما حالة حقد علي الشخص الآخر، واستكتار لنعم أو مميزات عنده، وبالتالي بيفضل النوعية دى من الناس تدور وتفتش عن عيوب ومشاكل، عيوب أحيانا بيتم اختلاقها، لمجرد إننا ننفي عن الشخص دا إنه متميز أو عنده حاجة أحسن.

الحاجة التانية إن النوعية دي من الناس بتعاني من ضعف وجُبن إنها تواجه نفسها وتصلح مشاكلها، وعلشان تنشغل وما يكونش عندها وقت تفكر فى أحوالها بتفضل تفتش فى أحوال غيرها، ويمكن دا أصل مثل إن باب النجار مخلع.

اهتمام بعض الناس وانشغالهم بأحوال غيرهم بيحول الجو العام لحالة مسممة، مفيش تصالح ولا قبول للنفس ولا الآخر، طول الوقت انتقادات وآراء سلبية، وبيخلي النفوس تشيل، النفوس المتعبية خنقة وضيق، بتخلي المقابلات واللقاءات حمل، بتخلي اي حاجة مشتركة ضغط وعبء.

كل دا بيصعب الدنيا أكتر ما هي صعبة، ويخلينا معقدين ونكديين، والحزن والبؤس مسيطر علينا، لو رجعنا لفكرة إننا كلنا فينا عيوب، كل عندنا نقص، نقتنع بالفكرة، اللي يقدر يعالج مشاكله خير وبركة واللي ما يقدرش يتقبل نفسه زي ما هي، ويتقبل كمان إن الآخرين عندهم عيوبهم، وإذا كان صاحبك على عيبه، فليه تقبل تصادق حد وتفضل تطلع عيوبه وتتكلم عنها، او تفضل توجه له لوم وتقصير.

أحنا بشر خطائين، عندنا نقصنا ومشاكلنا، اللي عامل من نفسه ملاك لو يوم وقف قدام المراية وراجع نفسه هيشوف عيوبه، الأمثال كتير بتوعي وترشد إننا نبص علي نفسنا الأول، واحنا محتاجين نعمل دا، علشان ما نبقاش بنقابل شخص مش طايقنا، أو احنا مش طايقنه، ويبقي الجو تقيل، والطاقة السلبية بتشل تفكيرنا وبتدمر روحنا.

علشان نقدر نكمل بأقل قدر من الضرر النفسي محتاجين كل واحد يركز فى نفسه ومشاكله، ويبطل يمد مناخيره فى حياة غيره، طالما محدش طلب مساعدته

علشان كلنا نستريح كل واحد يخليه فى حاله.