بعد خروج نادي يوفنتوس، من ثُمن نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ليون الفرنسي، كان متوقعًا إقالة مُدرب الفريق ماوريسيو ساري، وهو ما حدث بالفعل بعد موسم غير موفق للمُدرب الإيطالي صاحب الفكر الهجومي غير المتناسب مع فلسفة السيدة العجوز ولا إمكانات اللاعبين الموجودين بقائمة النادي، إلا أنه لم يكن متوقعًا على الإطلاق أن تأتي إدارة البيانكونيري بأندريا بيرلو نجم الفريق السابق كمدرب جديد للفريق الأول، بعد أيام قليلة فقط من إعلان توليه تدريب فريق الشباب بالنادي.
كان هناك اختيارات عديدة، على طاولة إدارة يوفنتوس، كالأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مدرب توتنهام ووصيف أوروبا السابق الذي يبقى بلا عمل حتى الآن، أو سيميوني إنزاجي مدرب لاتسيو الذي قدم مواسم أخيرة رائعة مع الفريق السماوي، لكن الإدارة يبدو أنها حسمت قرارها بتعيين بيرلو ومفاجأة الكل في خيار غريب، ويبدو أنه اقتصادي من الدرجة الأولى، خاصة مع دفع قيمة الشرط الجزائي الكبير في عقد ساري المُقال من تدريب الفريق.
من الدار للنار
يُعد اختيار بيرلو، لتدريب السيدة العجوز، كالإتيان من الدار للنار، إذ يُعاني يوفنتوس من مشاكل وأزمات عديدة منها الفنية ومنها المعنوية، كما أنه بدون خبرة تدريبية تُذكر، ويعتمد فقط على رصيده ومشواره الكبير في الملاعب كنجم كبير حظي بفرصة الفوز بأكبر الألقاب كدوري الأبطال وكأس العالم، ويُعتبر الإتيان به مخاطرة كبيرة من اليوفي، خاصة وأنه ظل مُحتكرًا للقب الدوري الإيطالي طوال الـ 8 سنوات الماضية، وخُسارته للبطولة يُعد تراجعًا مؤسفًا.
تولي بيرلو، تدريب يوفنتوس، قد يُمهد لرحيل نجم الفريق الأبرز كريستيانو رونالدو إلى باريس سان جيرمان، خاصة وأنه ألمح عن عدم رضاه عن الأوضاع بيوفنتوس وطالب بتعيين مدربًا صاحب خبرات واسم كبير ليُعدل أوضاع النادي، ولكنه فوجئ باختيار بيرلو مثل الجميع، وربما يعجل ذلك من رحيله وخوض تجربة جديدة في فريق العاصمة الفرنسية، مما يعني تدمير البيانكونيري تمامًا باختيار واحد فقط للإدارة وهو ما لن يسامحهم عليه الجماهير أبدًا.
اختيار مُفاجئ
الأمر المدهش في ذلك الاختيار، أن بيرلو نفسه لم يكن مستعدًا لتولي ذلك المنصب، وهو لم يخض حصة تدريبية واحدة في مسيرته، لا سيما وأنه تولى تدريب فريق الشباب قبل أسبوع واحد من تعيينه مُدربًا للفريق الأول، ليس لديه أي خبرات أو مسيرة تدريبية تُذكر، مثل نماذج سابقة ونجح بيب جوارديولا مع برشلونة وكان متولي فريق الشباب لفترة، وزيدان مع الريال وكان مساعدًا لأنشيلوتي لفترة، وأخيرًا فرانك لامبارد مع تشيلسي وسبقه بعدة تجارب تدريبية مع فرق بالدرجة الأولى كديربي كاونتي.
وهو ما يجعل بيرلو، يواجه مواقف أول مرة يختبرها في موقعه الجديد كمدرب مع اليوفي، فعندما تكون لاعبًا فأنت مسئول عن نفسك وتستطيع التحكم في مستواك، لكن كمدرب أنت مسئول عن 11 لاعبًا ولن يكون بمقدورك أن تجعلهم جيدين إلا بخبرات وممارسة التدريب كثيرًا والقيام بمحاكاة موسم أو أكثر وتجربة تلك المواقف والظروف المختلفة مع اللاعبين وفي المباريات حتى يكون لديك خبرة للتعامل معها عندما تدرب يوفنتوس، ولكن الآن هو يترك كل الأمر للصدفة إما أن ينجح أو يفشل وهي مغامرة غير محسوبة مع فريق كبير ينافس على كل البطولات كاليوفي.
تكرار تجربة زيدان
هدف الإدارة الأبرز من ذلك الاختيار وإعطاء بيرلو عقد لمدة موسمين، هو تكرار تجربة نجاح زيدان مع ريال مدريد، القريبة نوعًا ما من حالة بيرلو، رغم الفوارق الكثيرة الشخصية والفنية وكذلك خبرات العمل كمدرب من قبل، وجميعها تصب في صالح النجم الفرنسي، ونجح بها في الفوز بكل الألقاب الكبيرة مع الملكي وأدهش الجميع، كما تطور كثيرًا كمدرب مع الوقت وبات أفضل من الناحية التكتيكية التي كانت تنقصه من قبل، وهو ما يفتقده تمامًا بيرلو ولن يؤتي التكرار لنفس الحالة بالنتيجة نفسها دائمًا.
وكان لدى زيدان، فريق كبير دعمه للفوز بالألقاب مع الريال وعلى رأسهم رونالدو في عز تألقه، وكذلك راموس وبيل ومارسيلو ومودريتش وكروس وبنزيمة، وهو ما يفتقده يوفنتوس فأغلب اللاعبين دون المستوى، باستثناء 3 أو 4 فقط بكل القائمة رونالدو نفسه وكذلك ديبالا ورابيو وربما دي ليخت والباقي دون الجودة المطلوبة لتحقيق النجاح مع مدرب شاب دون تجارب سابقة وخبرات تساعده على إخراج أفضل ما لدى هؤلاء داخل الملعب.
السقوط في الفخ
المقارنة دائمًا بين تلك التجارب تكون أفضل بالقياس مع تجارب في نفس البيئة أو المحيط، وبالدوري الإيطالي نفسه صاحب الطبيعة المختلفة تمامًا عن الليجا أو البوندسليجا في ألمانيا، وهنا تجد التجارب خاصة مع نجوم من نفس جيل بيرلو مع ميلان مؤسفة، وتبعث بفأل سيء للمايسترو في تجربته الأولى.
فتجربة زملائه غير الناجحة “جاتوزو – سيدورف – إنزاجي” مع ميلان، انتهت بنهايات مأساوية ومؤسفة لأغلبهم، حيث اختفوا عن الساحة التدريبية بشكل خافت، ربما جاتوزو فقط استمر مع نابولي، ولكنه لا يقدم مستوى جيد، وربما يُفاجئ بيرلو الجميع ويتألق رفقة اليوفي، ويحقق رهان الإدارة عليه وهنا ستخرس كل الأصوات المنتقدة لذلك القرار وتلك التجربة، فكرة القدم ليس لديها معايير ثابتة أو ثوابت عامة بل هي ساحرة ومجنونة كما تلقب.