انتهاكات عدة شهدتها السجون المصرية خلال الفترة الماضية بسبب الانعزال التام للمساجين عقب انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد في البلاد، منذ منتصف شهر مارس، دون إتاحة من قبل المسؤولين لأي بدائل أخرى ليطمئن ذوييهم عليهم.
إضراب عن الطعام وافتراش الأرض
في شهر يوليو الماضي، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لـ ليلى سويف، أستاذة الرياضيات في كلية العلوم، زوجة المحامي والحقوقي الراحل أحمد سيف، مع نجلتيها الناشطة الحقوقية منى سيف وسناء سيف، من أمام سجن طرة.
“سويف” ظلت متواجدة أمام سجن طرة لمدة 48 ساعة متواصلة ولم يكن لديها سوى طلب بسيط: “عايزين جواب من علاء”، وظهرت في الصور وهي تفترش الأرض رافضة أن تذهب دون الاطمئنان على ابنها، الذي انقطعت مراسلته عنهم منذ شهر مارس الماضي.
ووفقًا لبيان نشره المرصد المصري للصحافة والإعلام، فإنه تم القبض على الصحفية ورئيسة تحرير موقع مدى مصر الإخباري لينا، ظهر يوم الأحد 17 مايو 2020، من أمام سجن طرة، حيث كانت متواجدة مع الدكتورة ليلى سويف، التي أضربت عن الطعام.
وحاولت “سويف” إدخال أدوات نظافة ومعدات طبية للمرة الـ 22، لابنها المسجون والمضرب أيضًا عن الطعام لما يزيد عن 30 يومًا.
“طبقًا للمادة 38 من قانون تنظيم السجون التي نصت على: أن يكون لكل محكوم عليه الحق في التراسل والاتصال التليفوني بمقابل مادي ولذويه أن يزوروه مرتين شهريًا تحت رقابة وإشراف إدارة السجن”
ممنوع بأمر كورونا
لم تكن ليلى سويف الوحيدة التي تعاني من ذلك، فقد أعلنت وزارة الداخلية تعليق الزيارات بالسجون في مارس 2020 لتفادي انتشار فيروس كورونا، دون تحديد بدائل، ما أدى إلى انقطاع تام لأخبار الكثير من المحتجزين.
انقطاع الزيارات والمراسلات
ألقي القبض على الصحافية الشابة سولافة مجدي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي هي وزوجها المصور الصحفي حسام الصياد، على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا، ووجهت إليهما اتهامات مشاركة جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن العام.
لم يسع والدة سولافة إلا إن تخبر ابنهما أن والديه في رحلة عمل للخارج، وكانت وسيلة التواصل الوحيدة بينهم هي إرسال “خطابات” له لتطمئنهم فيها عن صحتها وتسرد لهم بعض أخبارها داخل سجن طرة، لكن أخبار انقطعت منذ قرار تعليق زيارات السجون في مارس الماضي.
تقدمت والدة سولافة بأكثر من بلاغ آخرها بلاغ للنائب العام، لتتمكن من مراسلة ابنتها كتابيًا، متمنية أن يسمحوا لها بالتواصل معها، أو رؤيتها مع الحفاظ على الإجراءات الوقائية في السجون، منعًا لانتشار كورونا.
لا نعلم عنه شيء
منعت إدارة سجن طرة أن تخرج أي مراسلات من عبد الناصر إسماعيل، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، المقبوض عليه في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، على ذمة القضية 448 لسنة 2019.
شقيق عبد المولى عبد الناصر يقول إنه لا يعلم شيء عن شقيقه، ولم ترد لهم أي أخبار عن حاله داخل السجن منذ تعليق الزيارات بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا، كل ما يسمح به هو ترك طعام وشراب وغيره من المستلزمات الطبية له فقط دون رؤيته، عقب توجيه اتهامات مشاركة جماعة ارهابية في تحقيق أغراضها، بث ونشر شائعات كاذبة، وإساءة استخدام احدى وسائل التواصل له.
رفض القرار
أعلنت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في بيان لها عن رفضها الانتهاكات التي تمارسها وزارة الداخلية تجاه السجناء فيما يخص حقهم في التواصل مع ذوييهم، حيث يعاني الكثير من المحتجزين بالسجون المصرية من الانعزال التام بسبب حرمانهم من حقهم في الزيارة والتواصل.
مؤكدة أنه مدار السنوات أعلنت الحكومة المصرية عن نيتها في تفعيل المادة 38 من قانون تنظيم السجون، والتي تخص تمكين المحتجزين من الاتصال الهاتفي، ففي عام 2008 أعلن النائب العام عن موافقته للسماح للمحبوسين احتياطيًا والمحكومين بإجراء اتصالات تليفونية مرتين شهريًا من داخل السجون.
وزير الداخلية السابق منصور عيسوي في عام 2011 أعلن عن تكليفه لمصلحة السجون بدراسة مشروع إتاحة المكالمات الهاتفية للمحتجزين مرتين أسبوعيًا، وضرورة تركيب مصلحة السجون كبائن تليفونية بالداخل، في 2015 تكرر الإعلان عن بتمكين المحتجزين من الاتصال الهاتفي، بالتنسيق مع وزارة الاتصالات لتركيب خطوط تليفون بجميع سجون الجمهورية.
وتنفيذًا للتعديلات الواردة باللائحة التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالنظر للوضع الحالي في 2020 يجب أن يتم تحقيق تلك الوعود والإعلانات للمحتجزين وذويهم في مصر.
الإجراءات الاحترازية أولا
المحامي نبيه الجندي، يقول إن كل موكليه الموجودين في السجون حاليًا، تم منع الزيارات لكل المساجين، خاصة سولافة وزوجها، حيث يرفض المسؤولون في سجن القناطر تواصله معهم، أو مع أي من موكليه، ومنهم دكتور وليد شوقي القضية رقم 621 لعام 2019، رضوى محمد، وغيرهم.
ويري “الجندي” أنه لا حاجة لمنع الزيارات، لأنه هناك حلول عدة، أهمها الحفاظ على الإجراءات الاحترازية، لمنع انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد داخل السجون، تحت إشراف متخصصين.
وأضاف أنه لا يوجد سعي لإيجاد حلول لأزمة منع أهالي المساجين من التواصل معهم ورؤيتهم والاطمئنان عليهم، فقد تم فتح المساجد واستعادة النشاط الرياضي وغيرها من الإجراءات بالإضافة إلى الحرص على الوقاية، فلما لا يتم تطبيق ذلك داخل السجون المصرية.
وعن الحالة النفسية لأهالي المساجين يختتم حديثه مؤكدًا إنهم يكونوا في حالة يرثى لها، فلا يستطيعوا التواصل مع أبنائهم أو أزواجهم ومعرفة حالتهم الصحية وما يمرون به، وأن ذلك يخالف المادة 38 من قانون تنظيم السجون.