تُنزل الجمهورية الإيرانية الإسلامية عقوبة الإعدام بحق الأطفال وكبار السنّ طبقًا للقانون والشرع المطبق هناك، حتى بلغ الأمر حد تباهي الرئيس الإيراني بتاريخه الحافل بالإعدامات وتصفيه معارضيه، وسط إدانات دولية حقوقية موسعة.
نظرة عامة
طبقت عقوبة الإعدام في كل المجتمعات العالمية، إلا أن النظرة لحكم الإعدام تتغير في كل دولة تبعًا لمنظورها السياسي ومذهبها الديني، في الوقت الذي تسعي فيه كافة المنظمات الحقوقية وعلى رأسها منظمة العفو الدولية، لإلغاء تلك العقوبة السالبة للروح، وفي جميع القضايا دون استثناء، مهما كانت طبيعة الجريمة أو ظروفها، بل وتعتبر تلك العقوبات انتهاكًا لحقوق الإنسان.
تحتل إيران مركز الصدارة في الشرق الأوسط والمرتبة الثانية عالميًا في تنفيد عقوبات الإعدام
الأوضاع الإيرانية
تحتل إيران مركز الصدارة في الشرق الأوسط والمرتبة الثانية عالميًا في تنفيد عقوبات الإعدام، بعد الجمهورية الصينية، وعلى الرغم من أن عقوبة الإعدام تصدر عن أبشع القضايا وخاصة تلك المتعلقة بجرائم القتل والخيانة العظمي وغيرهما في عدة دولة، إلا أن القضاء الملالي يصدرها على أبسط القضايا بل ويستخدمها كسلاح للتخلص من المعارضين السياسيين والقضاء على أصحاب القضايا التي تثير اللغط في المجتمع الإيراني، فتجد أن تلك العقوبة حصدت أرواح أطفال، ونساء وشباب لا تستعدي قضاياهم بالنظر لمنظور العدالة وتناسب الجريمة مع العقاب هذه الأحكام.
المخدرات السبب
تنوعت القضايا التي صدر فيها حكم الإعدام لمواطنين إيرانيين بين سياسية، ودينية، وأخرى اجتماعية، كأن آخرها إعدام محمود موسوي، بتهمة التجسس على قائد فيلق القدس السابق في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، دون وجود أي أدلة تثبت ذلك الاتهام.
شرب الخمر أيضًا في تصل عقوبة حد الإعدام، إذ نفذت السلطات الإيرانية الحكم في مرتضي جمالي، 55 عامًا، بتهمة شربه للخمر، في سجن وكيل آباد، ويعد هذا السجن أشهر السجون التي تتم فيها عمليات الإعدام السرية في إيران، ودانت منظمة العفو الدولية هذا الحكم كما استنكره نشطاء حقوقيون وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام معارضة التي أشارت إلى أن سجل القضايا الخاص بـ”جمالي” لا علاقه له بحكم الإعدام، وأن التهم المنسوبة إليه تعد تبريرًا لفجاجه الحكم.
سجلت منظمة العفو الدولية إعدام 4 أشخاص على الأقل كانت أعمارهم تقل عن 18 عامًا
وفي سجن كرج المركزي نفذت السلطات حكم الإعدام على 12 شخصيًا بتهمة الاتجار بالمخدرات، فقامت العديد من التظاهرات في ضواحي البلاد، بسبب تنفيذ الحكم، ودانت منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة الحكم وقالت “لم تتوفر في المحاكمة أدنى أسس العدالة في محاكمة هؤلاء المتهمين و معظمهم لا يتوافر له محامين للدفاع عنهم، بالإضافة إلى أن محاكمتهم لم تتعد 20 دقيقة”.
إعدام أطفال ونساء
أعدمت السلطات الشاب شايان سعيد بور، 21 عامًا، على ارتكابه جريمة قتل عندما كان عمره 17عامًا، وقالت نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، ديانا الطحاوي، إن إعدام شايان كان انتقاميًا وقاسيًا، وهو طفل له تاريخ طويل من المرض العقلي، وهو أمر ممنوع منعًا باتًا المضي قدمًا في إجراءات الإعدام بحقه من يصاب به، وبالرغم من المعارضة الدولية فإن السلطات الإيرانية استهزأت مرة أخرى بعدالة الأحداث.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يحكم فيها النظام الملالي، على طفل بالإعدام بسبب جريمة ارتكبها في حداثته، فقد أعدمت زينب سكاوند، وهي في سنّ الـ24، على جريمة قتل زوجها وهي في عمر 18عامًا، ولم يلتفت القضاء إلى ملابسات القضية، ولصغر سنها، وتجاهل كل منظمات العفو الدولية وحقوق الإنسان التي نادت، بالنظر في القضية مرة أخري لصغر سنها، وقام بتنفيذ حكم الإعدام عليها.
من جانبها، سجلت منظمة العفو الدولية إعدام 4 أشخاص على الأقل في إيران كانت أعمارهم تقل عن 18 عامًا عند ارتكاب الجريمة، وهم: أمين صداقت، ومهدي سهرابي فر، وأمیر علي شادابي، وتورج عزيز.
تاريخ دموي
“منظمة مجاهدي خلق” المعارضة الإيرانية، قالت إن الرئيس الإيراني حسن روحاني يعد الداعم الأساسي لزيادة نسبة الإعدامات في إيران، إذ شهد تاريخه بسجل حافل من التصفيات الجسدية للمعارضين عبر اقتراحه، عام 1980 بشنق المعارضين والمتآمرين عقب مراسم صلاه الجمعة ليشهد المواطنون هذه العملية وتصبح ذات تأثير أكبر.
عقوبة الإعدام تعتبر أبشع عقوبة ترتكبها الدول في حق الإنسانية
وفي عام 1999 قام بتصفية سكرتيرًا للمجلس الأعلى للأمن الوطني بطهران، كما كان نصيب الاحتجاجات الطلابية والشعبية في طهران كبيرًا من الإعدامات، وأكد حينها أن أي حركة احتجاجية وانتهازية سيتم التعامل معها بحزم وستنزل بها اقصى العقوبات التي تصل حد الإعدامات.
تقارير معارضة
منظمة العفو الدولية كشفت في تقريرها السنوي أن ثلت عمليات الإعدام في العالم من نصيب النظام الإيراني، وإنه حطم الرقم القياسي في تنفيد تلك الأحكام، موضحًا أنه على الرغم من تضاعف عدد عمليات الإعدام في العراق، إلا أن إيران لا زالت تحتفظ بالمرتبة الثانية في تنفيذ عمليات الإعدام، ومازال عدد الأشخاص الذين يتم إعدامهم من أسرار الدولة الكبرى.
كما دانت كبيرة مديري الأبحاث وكسب التأييد ووضع السياسات في منظمة العفو الدولية “كلير الغار”، الدول التي تنفذ عقوبة الإعدام، وقالت إن عقوبة الإعدام تعتبر أبشع عقوبة ترتكبها الدول في حق الإنسانية، فلا توجد أدلة موثوق بها توكل لأي قضاء توقيع عقوبة الإعدام، بغرض خفض معدلات الجرائم، وأن أحكامًا رادعة كالسجن المشدد ستكون أكثر نفعًا وعدلًا.
الرئيس حسن روحاني، أعدم منذ توليه الحكم ما لا يقل عن 3800 شخصًا
وأشارت نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية ديانا الطحاوي، إلى أن التقارير السنوية بشأن عقوبة الإعدامات، كشفت أن إيران من القلة القليلة دوليًا التي توقع عقوبة الإعدام على أشخاص مصنفين من فئة الحداثة، وأن تلك الممارسات يجب التوقف عنها.
إحصاءات دولية
رصدت منظمة العفو الدولية أن إيران نفذت ما لا يقل عن 251 عملية إعدام في إيران في 2019 فقط، معربةً عن قلقها من أن 90 حدثًا على الأقل توجد أسماؤهم على قوائم الإعدام الإيرانية، لافته إلى رفضها تلك الاحكام لكونها تنتهك الحق في الحياة المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وأشارت الإحصاءات الصادرة من “منظمة مجاهدي خلق” إلى أن الرئيس حسن روحاني، أعدم منذ توليه الحكم ما لا يقل عن 3800 شخصًا، نفذ منها على الملأ 219 حكمًا، من بينهم 105 سيدة، وشددت المنظمة على أن “روحاني” لعب دورًا كبيرًا في انتهاك حقوق الإنسان في إيران، ونناشد المجتمع الدولي والأمم المتحدة، محاسبة النظام الإيراني، ورئيسه على تلك القوانين.
نصوص قانونية
تعلل السلطات الإيرانية موقفها من إصدار حكم الإعدام وتنفيذه على المتهمين بمختلف قضاياهم بكونها متفقة مع الشريعة الإسلامية، فبموجب قانون العقوبات الإسلامي، يعاقب متعاطي المشروبات الكحولية بالجلد 80 جلدة وإن حكم عليه 3 مرات يعدم في المرة الـ4، ويؤكد النظام أن كافة القضايا التي نفذت فيها حكم الإعدام لا تخالف الشريعة الإسلامية ومطابقة للقانون الإيراني، وحقق فيها بشكل مفصل وعادل استدعى إنزال عقوبة الإعدام بحق المتهمين.