إنها الجميلة ذات العيون الساحرة، والقوام المثالي والدلوعة التي استطاعت أن تطوع مقوماتها الفنية والشكلية إلى أن تكون فنانة محترفة يهواها الجميع، ويتهافت عليها المعجبين والمحبين، فهي شويكار أو “سيدتي الجميلة” اللقب الذي حصلت عليه، بعد مشاركتها في مسرحية تحمل ذات الاسم، وهي من رحلت عن عالمنا اليوم الجمعة، عن عمر يناهز الـ82 عامًا، بعد رحلة فنية حافلة بدأتها وهي في سنّ الـ22.

بلغت أعمال شويكار 178 فيلمًا ومسلسلاً ومسرحية، تألقت بهم جميعًا، وحققت من خلالها نجاحًا كبيرًا.

كان ظهورها الأول كابنه الطبقة الأرستقراطية التي تشبهها شكلاً، وكان من تلك الأعمال فيلم “عراك الأسيّاد”، و”الزوجة 13″، و”آخر فرصة”، و”الباب المفتوح”، وغيرهم.

المسرح الذي برعت به

لم يكن المسرح مكانًا ملائمًا للجميلات من أبناء الوسط الفني المصري، كما اعتادنا منذ سنوات طوال، فهو مكان لأبناء الشخصيات المرحة أكثر منها التي تمتاز بالسمات الشكلية الجميلة، فببحث بسيط سنجد أن من قدمن أدوار بطولة نسائية على المسرح هن قلائل، وإنّ حدث فتجاربهن لم تُكلل بالنجاحٍ المنتظر بشكلٍ كبير.

ولكنّ كان الوضع مختلف تمامًا فيما يخص شويكار، التي شاركت في أول تجاربها مع الراحل فؤاد المهندس، بمسرحية: “أنا وهو وهي” عام 1963 ، وتبعتها بمسرحية: “أنا فين وإنتي فين” عام 1965، والتي أثبتت من خلالها قدرتها على النجاح بالمسرح، والذي ساعده فيه بالتأكيد الشعبية الكبيرة لفؤاد المهندس، التي ساعدت على تقبل الجمهور لها، بالإضافة إلى خفة الدم التي تميزت بها وجعلتها ذات شعبية بالمسرح.

مع تمرسها بالمسرح وتواجد فؤاد المهندس إلى جوارها استطاعت هي أن تكثر القاعدة بأن الجميلات من الممكن أن يكون مكانهن المسرح وأن يؤدين به أدوارًا كوميدية بشكلٍ متميز، وهذا ما قالته هي في آخر ظهور لها مع الإعلامي وائل الإبراشي:” أنا دمي خفيف ووارثة ده عن أهلي وبالتالي قدرت إني أقدم أدوارًا كوميدية على المسرح بشكلٍ متميز وأنجح فيها”.

مع تطور الزمن قدمت شويكار العديد من المسرحيات والتي جاء أشهرها: “السكرتير الفني”، و”حواء الساعة 12″، ولكنّ كانت المسرحية الأهم والتي جعلتها حقًا نجمة مسرح هي “سيدتي الجميلة” التي أظهرت من خلالها الكوميديانة القوية التي تستطيع أن تبتلع المسرح بقوة.

ومع حلول الثمانينيات قدمت مسرحيات: “إنها حقًا عائلة محترمة”، و” روحية اتخطفت”، والتي كانت آخر أعمالها المسرحية مع الفنان فؤاد المهندس، وقدمت بدونه مسرحية وحيدة وهي: “الزيارة انتهت”.

أنا وهو وهي
أنا وهو وهي

وعن دورها في المسرح قال الناقد أندرو محسن: “استطاعت شويكار بأدوارها في المسرح أن تكسر تابوهات الفنانة الجميلة التي لا مكان لها على الخشبة والتي يمكن أن نعتبرها الفنانة الوحيدة الجميلة التي استطاعت أن تنجح على خشبة المسرح بهذا الشكل”.

وأضاف لـ”مصر 360″:” أنّ تواجد فؤاد المهندس إلى جوارها منذ البداية كان له تأثيرًا كبيرًا في تقديمها للجمهور وجعلها كوميدينا من طراز خاص وظهر هذا جليًا في المسرحية الأِهم (سيدتي الجميلة)”.

أدوار مكتملة الأنوثة

مع تقدم شويكار في العمر وحصولها على النضح الفني المطلوب، استطاعت أن تخرج من عباءة الفتاة والسيدة الأرستقراطية التي حكمتها ظروف الزمن بأن تجسد الكثير من هذه الأدوار، ومع حلول السبعينات ظهرت الأنثى المكتملة داخل شويكار والتي أرادت أن تظهرها على الشاشة بشكلٍ جيد، فقدمت أدوار فتاة الليل والقوادة والسيدة التي تستطيع أن تتحكم في من حولها بطريقة أنثوية طاغية.

فكنّا أمام فتاة الليل بفيلم: “طائر الليل الحزين” والقوادة صاحبة أشهر بيت لفتيات الليل بضرب طياب في فيلم: “درب الهوى” الذي مُنع من العرض في بداية طرحه بالأسواق لما به من مشاهد اعتبرتها الرقابة حينها جريئة ليتم الإفراج عنه فيما بعد.

أما دور شويكار في فيلم “سعد اليتيم” فكانت هي المرأة ذات الماضي السيئ، التي تزوجها أحد الفتوات بعد وقوعه في حبها ولكنها استطاعت من خلال أنوثتها الطاغية أن تسيطر عليه وتجعل طوع إشارتها.

كما قدمت من خلال فيلم: “الكرنك” دور السيدة المتحررة التي تقيم علاقة مع شاب يصغرها سنًا، دون أي قيود، لتظهر من خلال هذا الدور أيضًا أنوثتها الطاغية التي جذبت الأنظار إليها بشكلٍ كبير بعيدًا عن دائرة الأدوار الكوميدي التي قدمتها لسنوات.

ولا يمكن لأحد أن يغفل الدور الشرفي الذي قامت به من خلال فيلم: “كشف المستور” والتي ظهرت من خلاله كفتاة ليل تم استغلالها من قبل أجهزة الدولة للإيقاع ببعض أعداء الوطن والتي أظهرت من خلاله قوة شخصية تلك السيدة التي تعرضت للعديد من الظروف التي جعلتها لا تبكي على شئ بالحياة.

مشهد إغراء تؤديه شويكار
مشهد إغراء تؤديه شويكار

العري والإغراء

مع تقديم شويكار لبعض المشاهد التي يوجد بها عُريًا ومشاهد جريئة، كان لها هي رأي في ذلك، قالت في أحد الحوارات الصحفية السابقة لها، إن الأفلام لا تنجح بالعُري، ولكن هذه المشاهد يكون وراءها رسالة فنية، المشكلة أن التفكير دائمًا في “اللي قلع واللي لبس”، ويغمضون أعينهم على الموضوع والتكنيك والرسائل التي يوصلها الفيلم.

ومع تقديم شويكار لأدوار الإغراء، كانت ترى أن أدوار الإغراء من الطبيعي أن تقدم على الشاشة وأنها لم تمانع يوم في تقدميها ولكن في ذات الوقت لم تقدمها بصورة مبتذله، وكانت تقوم بالبوس والأحضان على حد تعبيرها، ولم تخجل يوم من ذلك.