“خيرنا لغيرنا”.. لم يكن مجرد هتاف عابر أطلقه المحتجون في ليبيا على أداء ساستهم، وإنما تعبير دقيق عما يحدث في الداخل الليبي، ففى الوقت الذي يُعاني فيه المواطن الليبي من تدنى الخدمات وقلة الإمكانيات وتأخر الأجور، يجد آلاف المرتزقة المقيمون في دولتهم ويحصلون على امتيازات على تهدديهم للسكان الأصليين وترويعهم.
انطلقت الدعوات في ليبيا للتظاهر والاحتجاج بشكل واضح على حكومة فائز السراج التي وصفوها بـ “مهدرة المال العام”، ويسعى الآن الشعب الليبي لمواجهة معاناته والاعتراض على سياسات التدخل الخارجي، مُطالبين بتحسين الخدمات ومنع حوادث النهب والسرقة التي يتعرض عدد كبير منهم لها على يد الميليشيات والمرتزقة التي وصفوهم بـ “المحميين من الحكومة والمدعومين من تركيا”.
الداخل الليبي ينتفض
حالة من التردي العام في مختلف الخدمات المقدمة للشعب الليبي، وهو الأمر الذي ساهم في اتساع الهوة بين الشعب وبين حكومة الوفاق التي اتهمها المتظاهرين بتبديد المال العام وإنفاق أموال ليبيا على المرتزقة، في حين يواصل الموظفين للشهر الثالث على التوالي الحرمان من الرواتب، فضلًا عن تأزم المشهد الداخلي، فخرج الكثيرون يتظاهرون ضد تلك الإجراءات التي وصفوها بـ “الهادرة للحقوق”.
وردد المتظاهرون، في الشارع الليبي، عددًا من الهتافات بينها: “نبّوا فلوسنا، يا رئاسي يا رئاسي الشعب الليبي يأسي، خيرنا لغيرنا”، مُنددين بما تقوم به حكومة الوفاق بالإنفاق على المرتزقة من أموال الليبيين، وكطالبين برحيل المرتزقة المدعومين من تركيا للسيطرة على ليبيا واستعمارها.
الأمر لم يقف عند التظاهرات التي خرجت بالفعل خلال الأسبوع الماضي، بل انطلقت سلسلة من الدعوات للتظاهر على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وكذلك عبر صفحات عدد من المختصين بالشأن الليبي وراح الشعب الليبي يروج الى الحراك الجماهيري من أجل تحسين الأوضاع واخلاء المرتزقة وطرد المحتل الذي يرغب في السيطرة على مقدرات ليبيا ومواردها.
وراحت عدد من القيادات تدعو المواطنين للاحتجاج وعلى رأسهم نائب رئيس الحكومة أحمد معيتيق الذي وصف حكومة الوفاق بأنها تهدر المال العام وتُعلى من مصلحة المرتزقة على الليبيين الذين يعانون من تدنى مطلق في الخدمات المقدمة لهم، كما قام بالمطالبة بفتح ملف “الأموال التي تم انفاقها مؤخرًا مع تحديد أوجه صرفها”، معتبرًا ذلك من حق الشعب على حكومته.
17 ألف مرتزق
أعلن المرصد السوري، أن تركيا تعمد إلى زيادة عدد المرتزقة في ليبيا، وأنها أضافت إلى الداخل الليبي 300 مرتزق جديد ليسجل إجمالي المرتزقة التي قامت تركيا بإرسالهم إلى الداخل الليبي نحو 17.300.
وزيادة عدد المرتزقة في الداخل الليبي من تركيا، جاءت في إطار خطتهم الداعمة لحكومة الوفاق بالمرتزقة المسلحين وهو ما اعتبره المختصين بالشأن الليبي تهديد للأمن القومي في المنطقة.
القبائل الليبية: تركيا تمد حكومة الوفاق بالمال والسلاح
الدكتور محمد المصباحي، رئيس ديوان المجلس الأعلى لمشايخ قبائل ليبيا، أكد أن ليبيا تنتفض لمواجهة الأتراك وتدخلهم في الشأن الليبي ودعمهم لحكومة الوفاق من خلال امدادها بالسلاح والمرتزقة، وهو الأمر الذي دفع شيوخ القبائل إلى اللجوء لمصر لطرق أبواب الدعم والمساندة كما حدث في لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
محمد إدريس المغربي، رئيس مجلس حكماء ليبيا، أكد أن هناك اهدار للمال العام الليبي بالإنفاق على المرتزقة التي تزود بهم تركيا وحليفتها قطر حكومة الوفاق، مؤكدًا أن الشعب الليبي يرفض هذا التدخل وسيدعم جيشه الوطني في مواجهته مع المحتلين الذين يحاولون السيطرة على موارد ليبيا ومقدراتها في محاولة للاحتلال وفرض السيطرة والنفوذ.
وأضاف رئيس مجلس حكماء ليبيا، في أحد حواراته التليفزيونية، أن المرتزق يحصل على قيمة عمله، ولا يفرق معه مع من يقف وضد من، وهو الأمر الذي لن يغفله الشعب الليبي وسيتم اللجوء للمحاكم عقب انهاء المشهد للحصول على حق الليبيين من وراء هذه التدخلات الخارجية.
الجيش الوطني يتوعد
يستمر الجيش الوطني الليبي، في الإعلان عن موقفه ممن أطلق عليهم مليشيات تركيا الإرهابية من المرتزقة لما يقومون به من تدخل واضح فى الشأن الليبي الداخلي.
خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، أكد أن الأتراك مكثوا في ليبيا ما يقرب من 300 عام ولم يجد منهم الليبيون سوى الشر ومحاولات السيطرة بالطرق المشبوهة، والتي يأتي على رأسها تأجيج نار الخلاف والسعى من أجل غزو جديد للسيطرة على مقدرات ليبيا ومواردها مستخدمين المرتزقة.
وأكد “حفتر” في تصريحات تليفزيونية، أن الشعب الليبي سيواجه مع جيشه التدخل الخارجي الهادف للسيطرة، ولن يقبل بأي حال الخضوع لاستعمار جديد وسيواجه تركيا وميلشياتها من المرتزقة الإرهابيين في مختلف ساحات القتال.
العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوى في الجيش الوطني الليبي، أكد أن حكومة الوفاق لا تستطيع أن تعمل في ليبيا بدون دعم من تركيا وميليشياتها من المرتزقة، مؤكدًا أن المرتزقة يدخلون ليبيا على متن طائرات شحن تركية، مؤكدًا أن الجيش الوطني يقف لهم بالمرصاد ولن يقبل أن يخضع لاحتلال تركيا وسيواجه المرتزقة التي أتت إليهم تعزيزات في جبهتي الجفرة وسرت.
يذكر أن المرصد السوري، أكد أن تركيا تستمر في إرسال إمداد للداخل الليبي بالمرتزقة للوقوف إلى ميليشيات حكومة فايز السراج في مواجهتها ضد الجيش الوطني الليبي، مشيرًا إلى أن عدد السوريين منهم يسجل نحو 5000 مرتزق.