ارتفع سقف عقود لاعبي كرة القدم في مصر خلال السنوات الأخيرة بطريقة مبالغ فيها وغير مسبوقة بالمرة، فاللاعب الذي كان يحلم بدخول نادي المليون جنيه في بداية الألفية الجديدة، بات يتقاضى 30 مليونا في 2020، الأمر الذي دفع الحكومة إلى فرض رسوم على عقود شراء أو بيع أو إعارة أو تجديد اللاعبين ضمن التعديلات التي شهدتها رسوم تنمية الموارد المالية للدولة.

وشهدت الفترة الأخيرة التي تزامنت مع ظهور وزير الترفيه السعودي، تركي آل الشيخ، في الساحة الرياضية المصرية انتعاشه كبيرة في عقود اللاعبين، بدأها الأهلي بانتداب المهاجم الشاب صلاح محسن من نادي إنبي في صفقة تجاوزت الـ40 مليون جنيه، ثم فجرها الزمالك بإغراء عبدالله السعيد نجم وسط الأهلي ومنتخب مصر بعقد وصل إلى 40 مليونا سنويا، لتدشن الكرة المصرية عصرا جديدا من قيمة العقود الاحترافية بين أندية كرة القدم.

غير أن وجود تركي آل الشيخ وبداية تجربة بيراميدز فتح السوق الرياضي على مصراعيه، في ظل عدم وجود قواعد واشتراطات اللعب المالي النظيف التي يطبقها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فانتدب لاعبين كثر بأرقام خيالية وعقود سنوية لم تحدث من قبل في تاريخ الدوري المصري، حيث يبلغ متوسط العقود السنوية في براميدز 20 مليون جنيه.

وأمام ذلك وجدت الأندية الشعبية وخاصة الأهلي والزمالك نفسها مضطرة إلى فتح خزائنها لانتداب أفضل اللاعبين والحفاظ على قوامها الحالي، فالقلعة الحمراء أنفقت ملايين كثيرة منذ ظهور تجربة بيراميدز بهدف الحفاظ على الظهير الأيسر التونسي على معلول والحارس الدولي محمد الشناوي وآخرين، لكنها فقدت كذلك نجوم آخرين بحجم رمضان صبحي وأحمد فتحي فضلوا أموال بيراميدز على عرض الأهلي.

ويرغب الزمالك كذلك في الحفاظ على نجومه الدوليين مثل طارق حامد وفرجاني ساسي ومحمود علاء وأشرف بن شرقي من إغراءات براميدز، فالنادي لا يستطيع دفع أكثر من مليون دولار سنويا لأكثر من لاعب في صفوف الفريق.

وبحسب المتداول، سيتقاضى الجناح الدولي الشاب رمضان صبحي راتب 30 مليونا سنويا في نادي براميدز “الأسيوطي سابقا” بزيادة 10 ملايين عما كان سيتقاضاه في الأهلي، ليحقق نقلة كبيرة في مستوى التعاقدات بالدوري المصري.

وبحسب التعديلات الجديدة سيضطر بيراميدز تسديد 10 ملايين جنيه إلى مصلحة الضرائب المصرية، حال إتمام صفقة رمضان صبحي من ناديه الإنجليزي هدرسفيلد الذي ينشط بدوري الدرجة الثانية في إنجلترا.

رسوم تنمية الموارد المالية

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وقع القانون رقم 83 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسوم تنمية الموارد المالية للدولة.

ويتضمن القانون زيادة الرسوم المفروضة على بعض البنود، بالإضافة إلى فرض رسوم جديدة مثل عقود اللاعبين الرياضيين والأجهزة الفنية.

بموجب القانون فإنه سيتم فرض رسوم على عقود شراء أو بيع أو إعارة أو تجديد، أو غيرها من عقود اللاعبين الرياضيين مصريين أو أجانب، وعقود الأجهزة الفنية والإدارية والمديرين الفنيين مصريين أو أجانب.

وتم تحديد الرسوم بواقع (3%) من قيمة العقود التي تبلغ قيمتها مليون جنيه أو أقل، وبواقع (4,5%) من قيمة العقود التي تزيد قيمتها عن مليون جنيه وحتى 2 مليون جنيه، وبواقع (6%) من قيمة العقود التي تزيد قيمتها عن 2 مليون جنيه وحتى 3 ملايين جنيه، وبواقع (7,5%) من قيمة العقود التي تزيد قيمتها عن 3 ملايين جنيه وحتى 5 ملايين جنيه، وبواقع (9%) من قيمة العقود التي تزيد قيمتها عن 5 ملايين جنيه.

واستحدثت لجنة التخطيط والموازنة بمجلس النواب بندًا جديدًا وهو (10% من قيمة العقود الأكثر من 10 مليون جنيه)، مع إلزام اتحاد اللعبة الرياضية المختص بتحصيل الرسم وتوريده إلى مصلحة الضرائب المصرية قبل توثيق أي عقد من هذه العقود.

أين تذهب رسوم العقود الجديدة؟

قراءة سريعة في نسبة الحكومة في العقود الرياضية الجديدة نتأكد أن خزينة مصلحة الضرائب ستنتعش كثيرا في الفترة المقبلة، خاصة أن بيراميدز لا يهدر الوقت ويفكر ليلا نهار لانتداب أفضل اللاعبين المتاحين في أفريقيا لصناعة فريق ذهبي لا يهزمه أحد، وهو ما سيعود بالنفع على الحكومة المصرية.

ويؤيد المحامي الرياضي ووكيل اللاعبين، أحمد بحراوي، خطوة الحكومة لتنمية مواردها من كرة القدم في ظل المعارك التنافسية بين بيراميدز والأهلي والزمالك في العامين الماضيين، مشيرا إلى أن لاعبي كرة القدم يدفعون ضرائب 20 % من عقودهم السنوية، وهذا سيزيد من النسبة التي يحصلها اتحاد كرة القدم كما ورد بالتعديلات الأخيرة.

واقترح “بحراوي” توجيه عوائد الرسوم الجديدة لصالح الرياضة المصرية والأندية الشعبية ومراكز الشباب الفقيرة، والمساهمة في تنمية أندية القسم الثاني والثالث التي تعاني من عدم وجود أي مصادر دخل ولا تستطيع الالتزام بعقود لاعبيها.

وتابع: “لا أعلم السبب الحقيقي وراء زيادة نسبة العقود، هل لحصد الأموال فقط من لاعبي كرة القدم أم يوجد سبب آخر بتخفيف الاحتقان الشعبي من زيادة أجور لاعبي كرة القدم في ظل ثبات أجور الموظفين والعاملين منذ سنوات طويلة”.

وطالب المحامي الرياضي اتحاد كرة القدم بتطبيق سياسة اللعب المالي النظيف وإنشاء ورابطة أندية المحترفين كي تتحكم في عقود الرعاية وفرض مبدأ عدالة التوزيع، لكنه يرى أن ناديي الأهلي والزمالك يعطلان رابطة الأندية لعدم رغبتهما في توزيع أموال الرعاية والبث التلفزيوني على أندية الدوري وبقاء الكعكة كما هي تذهب للبطل والأكثر شعبية.