حمل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب، العديد من المفاجآت للأحزاب والمرشحين المحتملين للمجلس الجديد، مع اتجاه توسيع الدوائر الانتخابية، فضلاً عن إقرار نظام الدوائر المغلقة، مما جعل الأمور مبهمة، بالنسبة للراغبين في الترشح، وقدرتهم على المنافسة.

البعض يشير إلى أن ما حدث في انتخابات الشيوخ من اقتصار المشاركة على أحزاب الموالاة وأصحاب رأس المال السياسي، هو ما سيتكرر في انتخابات مجلس النواب.

سرعة الأداء

رئيس ائتلاف دعم مصر، الدكتور عبد الهادي القصبي، قدم مع أكثر من 60 نائبًا من المجلس، أمس الأحد، مشروع قانون الدوائر الانتخابية لمجلس النواب، وأحاله رئيس المجلس علي عبد العال، فورًا إلى اللجنة التشريعية في مجلس النواب لمناقشته.

المشروع لم ينتظر كثيرًا داخل اللجنة التشريعية، برئاسة النائب بهاء الدين أبو شقة، ليتم إقراره والموافقة عليه من قبل أعضاء اللجنة في اليوم ذاته، رغم خطورته، خاصة أن المحكمة الدستورية كانت أوقفت في السابق انتخابات البرلمان، لعدم دستورية القانون.

وفي ظل الأداء السريع، الذي يمتاز به مجلس النواب في إقرار القوانين المتعلقة بالانتخابات كما حدث في انتخابات مجلس الشيوخ، ورغم تأخر الحكومة في تقديم القانون حتى الآن إلى المجلس، إلا أن “النواب” وافق على مشروع القانون المقدم من ائتلاف دعم مصر، خلال الجلسة العامة المنعقدة اليوم الإثنين، في مجموع مواده، وأجل الموافقة النهائية لحين وروده من مجلس الدولة بعد مراجعته.

تفاصيل المشروع

قسم المشروع البلاد إلى 143 دائرة انتخابية، تخصص للانتخابات بالنظام الفردي بدلاً من 205 دائرة، كما كان في الانتخابات البرلمانية الماضية، و4 دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم، وهو ما برره الائتلاف بتراجع عدد المقاعد الفردية، حيث كانت مقررة في السابق بنظام الثلثين للفردي والثلث للقائمة، وهو ما تغير إلى النصف بعد إقرار نظام القائمة المغلقة.

تضمن مشروع القانون 5 مواد تنظيم تقسيم الدوائر الانتخابية، مرفق بها جدول يوضح الدوائر الانتخابية ونطاقها، ونصت المادة الثانية فيه على أن “تقسم جمهورية مصر العربية إلى 143 دائرة انتخابية تخصص للانتخاب الفردي، و4 دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم”.

وأشارت المذكرة الإيضاحية للمشروع إلى تراجع عدد الدوائر الفردي من 205 دائرة انتخابية وفقًا للقانون القائم، إلى 143 دائرة نظرًا لانخفاض عدد مقاعد الفردي بعد إجراء التعديل التشريعي الأخير في يونيو 2020 حيث أصبحت 284 مقعدًا.

ولفتت المذكرة الإيضاحية للمشروع إلى أنه تم الاستناد إلى أحدث قاعدة بيانات للناخبين صادرة عن الهيئة الوطنية للانتخابات، إضافة إلى إعمال قواعد حساب متوسط أعداد المواطنين الذين يمثلهم النائب، والتي أقرتها المحكمة الدستورية العليا في أحد أحكامها في مارس 2015.

ولفتت المذكرة إلى أن المحكمة الدستورية العليا أوضحت في حكمها أن التمثيل العادل للسكان يعتمد على 4 محاور في مقدمتها أن يمثل النائب في أية دائرة من الدوائر الانتخابية ذات العدد من الناخبين الذي يمثله باقي النواب في الدوائر الأخرى لمراعاة التمثيل المتكافئ، بالإضافة إلى ضرورة تناسب عدد السكان في كل دائرة انتخابية ومراعاة التجاور الجغرافي، وعدم تقسيمها بصورة تعسفية لا تراعي الصالح العام.

وأوضح الائتلاف في المذكرة الإيضاحية إعمال قاعدة حساب متوسط عدد المواطنين الذين يمثلهم النائب، وأرفق جدول بمعدل الناخبين وإجمالي المقاعد بكل محافظة ومتوسط تمثيل النائب بالمحافظة، ونسبة الانحراف من متوسط التمثيل العام.

المقاعد والدوائر

وبحسب الجداول المرفقة تحتل القاهرة المركز الأول في عدد المقاعد “الفردي والقائمة” بـ62 مقعدًا يليها الجيزة بـ48 مقعدًا، والإسكندرية 34 مقعدًا، والبحيرة 38 مقعدًا، والقليوبية 30 مقعدًا، والدقهلية 38، والمنوفية 24، والغربية 30، وكفر الشيخ 19، والفيوم 19 مقعدًا، وبني سويف 16، والمنيا 30، وأسيوط 23، والوادي الجديد 4 مقاعد، وسوهاج 27 مقعدًا، وقنا 18، والأقصر 7 مقاعد، وأسوان 9، والبحر الأحمر 6، والشرقية 42، ودمياط 10، وبورسعيد 4، والإسماعيلية 9، والسويس 4، وشمال سيناء 7، وجنوب سيناء 4، مطروح 3 مقاعد.

وجاءت الخريطة الكاملة لعدد الدوائر بالنظام الفردي بكل محافظة والمقاعد المخصصة لها على النحو التالي: “القاهرة (19 دائرة انتخابية وخصص لها 31  مقعدًا)، والإسكندرية (6 دوائر فردية وخصص لها 16 مقعدًا)، وبورسعيد ( دائرتان خصص لهما مقعدان)، والإسماعيلية (3 دوائر انتخابية خصص لها 5 مقاعد)، والسويس (دائرة واحدة خصص لها مقعدان)، والقليوبية (6 دوائر انتخابية خصص لها 16 مقعدًا)، والشرقية (8 دوائر انتخابية خصص لها 21 مقعدًا)، والدقهلية (10 دوائر وخصص لها 21 مقعدًا)”.

وخصص القانون لمحافظة دمياط دائرتين وخصص لهما 4 مقاعد، وكفر الشيخ (4 دوائر خصص لها 10 مقاعد)، والغربية (7 دوائر خصص لها 14 مقعدًا)، والمنوفية (6 دوائر خصص لها 11 مقعدًا)، والبحيرة (9 دوائر انتخابية خصص لها 18 مقعدًا)، والجيزة ( 12 دائرة انتخابية فردية وخصص لها 25 مقعدًا)، والفيوم (4 دوائر خصص لها 10 مقاعد)، وبني سويف (4 دوائر انتخابية خصص لها 8 مقاعد)، والمنيا (6 دوائر وخصص لها 16 مقعدًا)، وأسيوط (4 دوائر خصص لها 12 مقعدًا)، وسوهاج (8 دوائر انتخابية خصص لها 14 مقعدًا),

وقسم القانون محافظة قنا إلي 4 دوائر وخصص لها 9 مقاعد، والأقصر (3 دوائر انتخابية وخصص لها 3 مقاعد)، وأسوان (4 دوائر انتخابية خصص لها 5 مقاعد)، ومطروح (دائرتان وخصص لها مقعدان)، والوادي الجديد (دائرتان وخصص لها مقعدان)، والبحر الأحمر (3 دوائر انتخابية وخصص لها 3 مقاعد)، وشمال سيناء (دائرتان خصص لها مقعدين)، وجنوب سيناء (دائرتان خصص لها مقعدان).

غضب صعيدي

وفي ضوء التقسيم المقرر في القانون، احتج العديد من نواب الصعيد على ذلك، مبررين بأن مراكزهم تمتلك كتلة تصوتيه كبيرة وتستحق أن تكون كتلة مستقلة بذاتها، وهو ما رد عليه نائب رئيس مستقبل وطن، النائب أشرف رشاد، مؤكدًا أن طبيعة دوائر مجلس الشيوخ، تختلف تمامًا عن طبيعة الدوائر المخصصة لمجلس النواب على مستوى الجمهورية.

وقال “رشاد” موجهًا كلامه لبعض نواب محافظات الصعيد: “معنديش القدرة للأسف أعمل دوائر تفصيل لإرضاء النخبة السياسية”، متابعًا: “أنا عندي معايير دستورية التزمت بها خلال إعداد تعديلات قانون تقسيم الدوائر الانتخابية”، لافتًا إلى أنه في العهد الماضي كانت الدوائر الانتخابية تقسم وفقًا للقوى السياسية، أما الآن الأمور تتحقق وفقًا للدستور والقانون والوزن النسبي للمقعد”.

عضو الهيئة العليا لحزب حماة وطن، والمرشح المحتمل لانتخابات مجلس النواب، صفوت عمران، قال في تصريحات صحفية، إن أهالي مركز جهينة في محافظة سوهاج يعترضون بشدة على مشروع القانون الجديد، بعد جعله جهينة جزء من دائرة (طهطا وطما)، بدلاً من جعل كل منهم دائرة انتخابية مستقلة بذاتها.

وأشار “عمران” في خطاب أرسله إلى رئيس مجلس النواب، إلى مدينة جهينة كانت قبل 2010 تحصل على 3 مقاعد “2 شعب و1 شورى”، إلا أنها حاليًا تعاني من التجاهل غير المبرر، حيث لم يتم ترشيح أحد من أبنائها في مجلس الشيوخ، ويتم حاليًا جعلها تابعة في مشروع قانون مجلس النواب وهو ما لا يرضي أحد، مطالبًا المجلس بمراجعة ذلك، أسوة بمراكز أخرى في المحافظة.

توسيع الدوائر الانتخابية

من جانبه، رأى رئيس حزب التحالف الشعبي، مدحت الزاهد، أن مشكلة الانتخابات التشريعية من البداية كانت من إقرار القائمة المطلقة بدلاً من النسبية المفتوحة التي تشمل نواب حزبين ومستقلين معًا، ومن ثم فإن توسيع الدوائر الانتخابية بقانون تقسيم الدوائر سيزيد من صعوبة الانتخابات بالنسبة للأحزاب التي تمتلك المال الكافي، وسيمنح أفضلية لأصحاب المال السياسي وأحزاب الموالاة، فضلا عن ضعف شروط التنافسية.

وأضاف أن توسيع الدوائر يجعل مسارات التأثير فيها لرأس المال والسلطة أكبر، ومن ثم تقل قدرة الأحزاب الأخرى على خوض الانتخابات، مشيرا إلى أن الرؤية حاليا أصبحت “غير واضحة” بصورة كبيرة، وأن العديد من الأحزاب والمرشحين بدأوا دراسة الوضع الجديد لحسم موقفهم سواء من الترشح أو عدمه.