” البطالة وتردي الوضع الاقتصادي” كلمة السر في زيادة حالات الهجرة للشبان المغاربة إلى أوروبا بحثًا عن مستقبل أفضل، فوفق أحدث تقرير لمكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، فقد تصدر القادمون من المغرب قائمة الحاصلين على جنسيات، بـ67 ألف شخص من أصل 672 حصلوا على جنسية إحدى دول الاتحاد الـ27 عام 2018، بما يعادل 10% من جملة الحاصلين على جنسيات أوروبية في ذلك العام، أما في عام 2017، فقد اكتسب 67900 مغربي جنسيات أوروبية، بمعدل 8% من جملة الحاصلين عليها في ذلك العام، والبالغ عددهم 825000.

بعد المغرب، جاءت الجزائر في طليعة الدول العربية التي حصل مواطنوها على جنسيات أوروبية، وعددهم 18400 (بنسبة 3%)، ثم سوريا (16,000 شخص، 2%)، حيث اقتربت نسبة العرب من 20% من جملة حاملي الجنسيات الأوروبية عام 2018.

وكانت أعلى نسب تجنيس للمواطنين العرب في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، وحصل 84% من المواطنين المغاربة على جنسية إسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا، لكن السويد كانت أكثر البلدان الأوروبية تجنيسًا للسوريين والصوماليين والعراقيين، في حين كانت هولندا وفنلندا أكثر تجنيسًا للصوماليين عام 2018.

هجرة الكفاءات من الجزائر

كشفت دراسة قام بها مركز البحوث الاقتصادية للتنمية التطبيقية بالجزائر، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، حول هجرة الكفاءات من الدول المغاربية نحو أوروبا، عن أرقام صادمة تظهر تزايدًا في عدد الكوادر التي غادرت وطنها، حيث قارب عدد الكوادر المهاجرة من بلدان المغرب 853 ألفاً منذ عام 1990، نحو 46 بالمئة منهم مغاربة، فيما وصلت نسبة الجزائريين إلى 23 بالمئة.

ووفقًا لوزير الدفاع الجزائري، فقد تم اعتراض 1433 شخصًا أثناء محاولتهم مغادرة البلاد بشكل غير شرعي في الأشهر الخمس الأولى من العام الجاري، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف الأعداد التي تم إحصاؤها في الفترة ذاتها من العام الماضي.

وفي نهاية مايو الماضي، أعلنت إسبانيا عن استقبال 1700 مهاجر جزائري على أراضيها منذ بداية العام، مقابل 100 مهاجر فقط في الفترة ذاتها من العام الماضي.

ووفقا لتقرير حقوقي صادر عن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن هجرة الشباب ترجع لعدة أسباب منها “فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وانتشار الفساد مع احتكار الثروة في يد فئة لا تتجاوز 10% من السكان، وتجاوز نسبة البطالة 35% بين أوساط الشباب”، بالإضافة إلى “تأثير تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الجزائري، وانهيار قيمة العملة المحلية”.

وتحت عنوان “هروب العقول متواصل باطراد في الجزائر” كتبت صحيفة “ريفليكسيون” الجزائرية الناطقة بالفرنسية أن الجزائر فقدت ما لا يقل عن مائة ألف شخص من حاملي الشهادات العليا منذ عام 1990، وهو ما يعادل عشر مليارات دولار يتعين استعادتها من البلدان التي تشغل الجالية الجزائرية”.

وأرجع التقرير أسباب هجرة تلك العقول إلى فرص التعليم والتطوير المهني وكذلك مستويات الأجور، ويفضل الجزائريون بلدانا ككندا وفرنسا وغيرهما، وفي فرنسا وحدها يعمل ما لا يقل عن خمسة آلاف طبيب جزائري.

الجدير بالذكر أنه منذ عام 2009، تحكم السلطات الجزائرية على المهاجرين الذين يتم اعتراضهم وإعادتهم إلى أراضيها بالسجن لمدة ستة أشهر، وخمسة أعوام للمهربين.

المغرب.. والفقر

تصنف تقارير دولية مختلفة الجالية المغربية من ضمن أكبر الجاليات في أوربا وأمريكا الشمالية ومناطق أخرى من العالم.

ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية، فإن المغتربين المغاربة يشكلون أكثر من أربعة ملايين شخص، يعيشون بشكل رئيسي في أوروبا ودول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية.

ومنذ عقود يهاجر المغاربة نحو الغرب عبر طرق سرية مختلفة، فمنهم من يهاجر عبر الهجرة غير الشرعية، ومنهم من يختار عقود العمل غير المضمونة مقابل دفع مبالغ طائلة وغيرها من الوسائل.

وفي 2019، تم إحباط حوالي 74 ألف محاولة هجرة غير شرعية كانت متوجهة إلى إسبانيا، بحسب السلطات المغربية، ولإيقاف تدفق المهاجرين، قدم الاتحاد الأوروبي في العام الماضي للسلطات المغربية مساعدات بقيمة 140 مليون يورو.

وترجع أسباب تنامي ظاهرة الهجرة “القسرية” في الحالة المغربية إلى الفقر ومشتقاته المتمثلة في التهميش والاحتكار والإقصاء، والناتجة عن سياسة استبدادية فاسدة تستحوذ على الثروة.

وأفاد تقرير للوكالة الفرنسية للتنمية صدر في 2017 أن 17 % من حاملي الشهادات العليا بالمغرب يغادرون البلاد نحو الخارج، بحثا عن مناصب عمل تليق بمستوى التحصيل العلمي الذي نالوه خلال مسارهم الدراسي، وذلك بسبب انسداد الأفق بالمغرب.

وذكر تقرير المؤسسة الفرنسية بأن صعوبة إيجاد فرص عمل مناسبة بالمغرب هي أهم دوافع هذه العقول للهجرة نحو أفق أرحب في الدول الأجنبية، خاصة فرنسا التي تعد أكثر وجهات الأدمغة المغربية التي تتاح لها فيها الفرص، وتحدثت تقارير أخرى عن أن ما بين 600 إلى 800 مهندس مغربي يهاجرون المغرب كل سنة.

كما سجلت دراسة مركز البحوث الاقتصادية للتنمية التطبيقية الجزائري بشراكة مع منظمة العمل الدولية حول هجرة الكفاءات من الدول المغاربية نحو أوروبا أن 45 في المائة من الكفاءات المغاربية التي هاجرت نحو أوروبا هي كفاءات مغربية، وهي الأعلى في المنطقة، كما كشفت هيئة الأطباء في فرنسا أن أكثر من 7000 طبيب مغربي يمثلون ثاني جنسية للأطباء المهاجرين، والمسجلين في هيئاتها. بالإضافة إلى هجرة الدبلومات الحرفية، بسبب ارتفاع معدل البطالة.

أرقام

تمثل الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة نحو 34 % من التركيبة السكانية المغربية، وتصل نسبة البطالة إلى 20%.

وفي استطلاع أجراه الموقع المغربي المتخصص في التوظيف Rekrute.com عبر فيه 91 %من المغاربة بأنه مستعدون لمغادرة المغرب والاستقرار في الخارج من أجل العمل، و66 في المئة من المغاربة الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، يريدون مغادرة المغرب لتحسين ظرزفهم، فيما أكد 56 في المئة من المستطلعين أنهم يرغبون بالهجرة لضمان جودة عيش وبيئة عمل أفضل.

تونس.. استمرار المحاولة

رغم مأساة غرق أكثر من 60 مهاجرًا قبالة السواحل التونسية، إلا أنه لا يزال الكثيرون يحاولون الوصول إلى أوروبا، على أمل إيجاد فرص أفضل لحياتهم ومستقبلهم.

وتشهد السواحل التونسية عشرات الرحلات للهجرة غير الشرعية على متن قوارب صغيرة تقل شبابا وأطفالا وعائلات، في مشهد بات متكررًا.

بيانات الداخلية الإيطالية كشفت عن وصول نحو 11 ألف مهاجر غير شرعي إلى البلاد منذ بداية العام الحالي، 5 آلاف منهم انطلقوا من سواحل تونس، من بينهم 4 آلاف يحملون الجنسية التونسية.

وأفاد منسق منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس، رمضان بن عمر، بأنه منذ بداية يناير 2020 وحتى السادس من أغسطس الجاري، وصل إلى السواحل الإيطالية 5963 مهاجرًا من تونس، منهم 4070 خلال يوليو الماضي، مشيرًا إلى إحباط الحرس البحري التونسي لـ254 رحلة هجرة غير شرعية.

مشروع أسري

من جانبه، يرى الدكتور في علم الاجتماع، فؤاد الغربالي، أن الهجرة غير الشرعية في السنوات العشر الأخيرة في تونس أصبحت مشروعًا أسريًا بعدما كانت قبل 2011 تقتصر على الشباب.

وأرجع” الغربالي” الظاهرة إلى الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد، وانعدام الأمل في تحسن الوضع.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد أكد أهمية التعاون بين مختلف البلدان للبحث عن حلول جديدة لمعالجة الهجرة غير الشرعية من خلال السعي المشترك لتوفير ظروف بقاء هؤلاء المهاجرين في بلدانهم الأصلية.