يحدث أحيانًا أن تبحث عن شيء ما على شبكة الإنترنت، أو تتحدث في هاتفك المحمول عن رغبتك فى شراء منتج ما، أو القيام برحلة، أو زيارة لدولة ما، وتتفاجأ بسيل من الإعلانات والترشيحات المتتالية، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الهاتف، لتبدأ التساؤلات داخلك حول ما إذا كنت مراقبًا، أو أن الصدفة تتلاعب بك على الشبكة العنكبوتية.

إجابة هذا التساؤل، تتوارى خلف أصابع مستخدمي محرك البحث “جوجل”، الذي يملك وحدة كل معلوماتك وتفاصيل نشاطك اليومي وتحركاتك التي ربما لا يعلمها أكثر المقربون منك، فرغم أنه لا يعلم أحد بتفاصيلك الشخصية، إلا أنها مدونة ومسجلة لدى أخطر محرك بحث على شبكة الإنترنت “جوجل”.

ماذا يعلم جوجل عنك؟

منذ انطلاق تطبيق “جوجل”، على شبكة الإنترنت عام 1998، بات محرك البحث الرئيسي لمستخدمي شبكة الإنترنت، فهو الصفحة الرئيسية على كافة الأجهزة، وهو الإجابة على كل سؤال، والخادم المساعد فى الحصول على المعلومات أيًا كانت، وفى أي وقت ومع التقدم التكنولوجي، نجح “جوجل” فى زيادة عدد مستخدميه لتصل إلى ما يقرب من 100% من مستخدمي الإنترنت حول العالم، كما أطلق مئات الخدمات البحثية والتي زادت مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار الهواتف المحمولة المتقدمة.

جوجل
جوجل

ومن خلال الخدمات والتطبيقات التي يقدمها “جوجل” للمستخدمين، يستطيع معرفة أدق التفاصيل، التي من خلالها يقدم خدماته الإعلانية، ويقف على اهتمامات رواد العالم الافتراضي، بل ويقف أيضًا على توجهات وتفاصيل دول وكيانات وليس مجرد أشخاص.

بالمرور سريعًا على الخدمات التي يقدمها “جوجل”، والتفاصيل التي تقربه أكثر من مستخدميه، يمكن الإجابة عن السؤال المحير، ماذا يعرف جوجل عنا.

نبدأ مع محرك البحث على الموقع الرسمي لجوجل، والذي يستخدمه ملايين البشر يوميًا، وحال البحث، تتكون لديه معرفة بنطاق بحث جميع المستخدمين، كل منهم على حدة، بجانب معرفته بمجالات بحث الدول، وهو ما يجعله قادرًا على تقديم إحصاءً سنويًا حول أكثر المجالات التي تم البحث عنها فى كل دولة، وفقًا لزائري الموقع من تلك الدولة، ويعلم اهتمامات كل شخص وفي ماذا يفكر وبماذا ينشغل.

ومن خلال الضغط على موقع الفيديوهات الشهير “يوتيوب”، يصبح لدى “جوجل” معلومات حول الميول الموسيقية للمستخدم، والفيديوهات التي يطلع عليها، وأنواع الفنون الأكثر جذبًا له، ليكون ملفًا تعريفيًا كاملًا حول تلك الميول، والتي تمكنه من تحديد الترشيحات التي تناسب كل مستخدم لديه.

تُمثل محادثات جوجل والبريد الإلكتروني مصدرًا للموقع الأشهر في العالم لكشف المراسلات بين المستخدمين، وتحديد من يراسل ونوع تلك المراسلات، وأكثر الدول التي تستخدم نظام البريد الإلكتروني، الأمر نفسه بالنسبة لتطبيق الصور الذي يوفره جوجل للمستخدمين، ويضمن احتفاظه بنسخة من الصور التي تم التقاطها، ومعرفة مع من تمت، والأماكن التي التقطت فيها، ومهما كانت خاصة فهي تحت تصرفه ومتاحة له فى أي وقت.

جوجل
جوجل

كما يوفر “جوجل” خدمة المستندات، ويحتفظ بنسخة من الملفات الهامة، ومعرفة محتواها، الأمر نفسه بالنسبة لخدمة الخرائط التي تجعله على معرفة بتحركات المستخدم ووجهته والأماكن التي يستهدفها، فيما توفر خدمة “تحديد الموقع” إطلاع جوجل على مكان التواجد، ومتى يتحرك والموقع إذا تغير فى أي وقت.

مكالمات الفيديو التي يوفرها جوجل، تُقحمه في الحياة الشخصية للمستخدم، وحياته محيط معارفه الذين يتواصل معهم، كما يحتفظ بنسخة من تلك المكالمات ما يوفر بصمة صوت المستخدم لديه، بخلاف صورته الشخصية.

ومن خلال متجر الألعاب، يتعرف “جوجل” عن الألعاب التي تستهوي المستخدمين، وأيضًا التطبيقات الأكثر استخدامًا.

ولا تقف معلومات “جوجل”، عند حدود الكبار فنفس الشيء يتم بالنسبة للأطفال ممن يستخدمون جوجل للبحث عن ألعاب أو فيديوهات أو بحث علمي.

خطورة محرك البحث الأشهر على مستخدميه

يحتفظ “جوجل”، بمئات المعلومات حول مستخدميه، المقدرون بملايين الأشخاص حول العالم، ما يجعله من أخطر البرامج الموجودة على شبكة الإنترنت، فالإحصاءات التي يصدرها جوجل سنويًا حول اهتمامات مستخدميه، وأكثر مجالات البحث التي تتم فى دولة ما، يوفر جوجل للدول الأخرى معرفة اهتمامات مواطني تلك الدولة، وكيفية توجيهها إلى مجالات أخرى، أو كيفية استغلالها لتنفيذ مخططات قد تستهدف تلك الدولة، ما يجعله يمثل خطرًا قوميًا على مستخدميه.

على المستوى الشخصي، يعتبر مستخدمي جوجل كتاب مفتوح للموقع، يملك كافة المعلومات حولهم، تحركاتهم، أنشطتهم اليومية، ميولهم، انتماءاتهم، مراسلاتهم، دائرة معارفهم، أماكنهم المفضلة، وجميعها معلومات متاحة لديه فى أي وقت، ما يهدد الشخص حال تم اختراق الموقع، أو تم تسريب معلوماته أو بياناته، أو اختراق حساباته على المحرك.

جوجل
جوجل

“جوجل” فى عيون المتخصصون

بحثًا عن المزيد من التفاصيل حول أخطر المواقع على الشبكة العنكبوتية، كشف أحمد خطاب، المتخصص في تكنولوجيا المعلومات، أنه بمجرد عمل “email” على موقع “جوجل”، ورفع البيانات على حساب الشخص على الموقع، يكون لدى المحرك معلومات كاملة عنه، ويمكنها الاطلاع عليها فى أي وقت، ولكنه لا يستخدمها خاصة مع الأشخاص العاديون ذلك حفاظًا على سمعة الموقع وتسويقه.

وتابع “خطاب”، أن “جوجل” يستغل المادة المتوفرة لديه حول مستخدميه، فى تقديم خدمات تسويقية بصورة أسرع، مثل أن يبحث الشخص عن سلعة ما، فيجد إعلانات تجارية حولها، وترشيحات لصفحات على مواقع التواصل تهتم بتلك السلعة، وهكذا، فكل معلومة على جوجل لها رابط مع خدمات أخرى مثل البريد الإلكتروني، وموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، كذلك الخدمات والمؤسسات الأخرى مثل البنوك والمنتجات التجارية، ولكن لا تمنح جوجل معلومات سرية عن عملائها للمواقع أو التطبيقات الأخرى

وحول تأمين الموقع، أفاد “خطاب”، أن المواقع الكبرى مثل “جوجل وفيس بوك وتويتر وماسنجر”، تستخدم أنظمة أمنية قوية، يصعب اختراقها، ولكنه أمر غير مستحيل، ويحدث من وقت لآخر.

وبالنسبة لجوجل، فحفاظًا على نظامه الأمني، وبحثًا عن أي ثغرات أمنية تهدد بيانات ومعلومات مستخدميه، ينظم جوجل سنويا مسابقة لمن يطلق عليهم “وايت هكر”، وهي مجموعات تعمل على تنفيذ محاولات اختراق للأنظمة الأمنية للمواقع الكبرى، بهدف علاجها، وجوجل يستخدم هذه المجموعات للكشف عن ثغراته الأمنية، بمقابل مادى كبير، منها ما قام به الموقع من تخصيص جائزة مليون ونصف المليون دولار لمن يمكنه اختراق نظام “أندرويد”.

كما خصص الموقع جائزة مليون دولار لمن يمكنه اختراق شريحة  Titan M، المستخدمة فى مجال الإيداع وشاشة القفل، والتحويلات المالية مع التطبيقات الخارجية، وكان جوجل يدفع 200 ألف دولار لكل ثغرة يتم اكتشافها، وهذا النظام أطلقته عام 2010، ووصل إجمالي ما تكلفه جوجل فى هذا الشأن حتى 2019 نحو  15 مليون دولار، من ضمنها مبلغ 5 آلاف دولار خصصت للشاب المصري مازن جمال، الذى استطاع اختراق موقع البحث جوجل وأبلغ الشركة التي صرفت له المكافأة.

وكشف “خطاب”، أن جوجل لا تهتم بالبحث فى بيانات مستخدميها المتوفرة لدى الموقع، ولكنها تمنح الجهات الأمنية المعلومات اللازمة عن أي مستخدم، ترغب الجهات الأمنية فى معرفة بياناته أو كشف تحركاته أو حساباته، وذلك وفقًا لاتفاقيات وشراكات يقوم بها جوجل، وهي الحالة الوحيدة التي يقدم فيها جوجل بيانات مستخدميه والمعلومات الكاملة المتوفرة لديه عنهم.