تُطوع الخشب بيديها الناعمتين، فتصنع منه قطع الأثاث المختلفة، تتحدى المعدات الثقيلة، فبجانب الأنوثة والأمومة، توجد الأسطى أسماء، أشهر “نجارة” بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة، اختارت مجال النجارة لتساعد زوجها في عمله، فتفوقت فيه وحققت نجاحًا كبيرًا.

رحلة الحب والعمل

جمعهما الحب والعمل.. هكذا بدأت رحلة أسماء مجاهدK الشابة مع النجارة، فتزوجت من مدحت حنفي الذي يعمل نجارًا، بعدما جمعهما الحب، خرجت معه للعمل في الأسبوع الأول من الزواج، أرادات أن تكون إلى جواره في البيت والعمل، حتى أصبحت مهنته مهنتها الأساسية.

تقول “أسماء”، إن زوجها في بداية الأمر، كان يعمل في ترميم الأثاث القديم، فيحييه من جديد، فكانت ترى ما يفعله إنجازًا كبيرًا، وتحدٍ أيضًا لإعادة الحياة في أثاث مهمل وقديم، فأرادت خوض التحدي معه، وأخبرته برغبتها في مشاركته العمل، والنزول معه للورشة.

لم يتردد الزوج في بداية الأمر وقبل بمشاركة زوجته في العمل، وبحسب وصفه كانت سريعة التعلم، وسريعة الاستجابة أيضًا، كما أنها ساعدته في توفير أجر عامل إضافي، وأصبحت بمثابة المساعد الأول والأخير له.

تابعت “أسماء”، أنهما تمكنا من توسيع الورشة الخاصة بهما، وبعد ترميم الأثاث القديم، أصبحا يصنعان الأثاث من البداية، وقاما أيضًا بشراء معدات جديدة للعمل، فأصبح النجاح حافزًا لهما على استكمال رحلتهما المشتركة في المنزل والعمل أيضًا.

“الأسطى أسماء”، كما يناديها زوجها في المنزل، جمعت بين المنزل والعمل، فبجانب الخشب والنجارة، استطاعت أن تصبح أمًا لطفلين، ولم يمنعها عملها عن أمومتها، كما لم تمنعها أمومتها عن عملها المفضل بجوار زوجها، حتى أصبحت طفلتها الكبرى فاطمة البالغة من العمر 11 عامًا، تهوى الرسم على الخشب، وكأنها ستكمل مسيرة أبويها.

عقبات على طريق النجاح

طريق النجاح كان به الكثير من العقبات بحسب حديث “أسماء”، ففي بداية عملها مع زوجها في ورشة النجارة، لم يتقبلها الكثير من الزبائن، وهناك من رفض التعامل معها، بزعم أن المرأة لا يمكنها العمل بمجال النجارة، فكان هذا يزيدها إصرارًا على استكمال العمل، قائلة: “المرأة تقدر على أي شيء”.

زاد رفض المحيطين بها، فزاد تمسكها بالأمر، حتى استطاعت فرض نجاحها عليهم، فتقبلوا وجودها، وأصبح لها زبائن يطلبون منها أعمال النجارة الخاصة بهم، فيشجعها زوجها ويدعمها في ذلك، لتخرج أفضل ما لديها، فكما يقول “نجاحها هو نجاح له أيضًا”.

تستطيع الأسطى “أسماء”، صنع كل أنواع النجارة المختلفة، فيمكنها تصميم الحجرات والأثاث المختلف، بجانب المطابخ بتصميمات متقنة ومميزة أيضًا، حتى أصبح لها زبائن من السيدات يأتون إليها من أماكن مختلفة، خارج نطاق الحي الذي تسكنه.

ترفض “أسماء” الأم الثلاثينية، تصنيف الوظائف والمهن ذكورية ونسائية، فالجميع يمكنه التعلم والعمل، وخاصة السيدات يمكنهن التعلم سريعًا، فالوقت الحالي يحتاج إلى عمل الجميع، فالسيدات لهن دور في المنزل وتربية الأبناء، ولهن دور في المجتمع أيضًا بالعمل والاجتهاد.

البذرة الأولى

تخرج “أسماء”، مع زوجها كل صباح للورشة القريبة من منزلهما، يُنهي كل منهما مهام عمله ثم يعودان للمنزل سويًا، وهنا لا مجال للشجار أو الخلاف بينهما، فكل منهما يرى ما يتعرض له الآخر من ضغط في العمل، فيلتمس له العذر، حتى أصبح عملهما حلقة تقربهما من بعضهما البعض.

اختتمت “أسماء”، حديثها قائلة، إنها الابنة الوحيدة وسط 3 أشقاء، ولكنها لم تكن الطفلة المدللة كعادة الطفل الوحيد بين أشقائه، حيث حرص والدها على تعليمها منذ الصغر أن العلم هو سلاح المرأة، كما منحها الثقة في نفسها أيضًا، وكان يصطحبها منذ الصغر لمقر عمله بورشة الميكانيكا والصيانة بمصانع الإنتاج الحربي، تقول إن والدها هو صاحب البذرة الأولى في خروجها للمجتمع والعمل، حتى التقت زوجها الذي شجعها، وكللا قصة حبهما في البيت والورشة.

إحصاءات

تحت عنوان “تمكين المرأة بمجال العمل فى ظل أهداف التنمية المستدامة”، أعد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، دراسة شاملة عن وضع المرأة المصرية فى العمل حاليًا، في العام 2019.

وقال الجهاز إن عدد النساء بمصر في الأول من يناير الماضي بلغ 47,5 مليون نسمة من إجمالي عدد السكان بالداخل البالغ 98 مليون نسمة، بنسبة 48,5%، فيما بلغ عدد الذكور 50,5مليون نسمة بنسبة بلغت 51,5%.

وأعلن الجهاز أن المرأة  احتلت مكانة مميزة في المجتمع من حيث تولي الوظائف العامة والنيابية والوزارية، فنسبة 41% من العاملات أصحاب مهن علمية، وأخصائيات في مجالهن، والنسبة الباقية تتوزع بين قائمات بأعمال كتابية، أو يعملن بالزراعة والصيد، والبيع ومحلات الخدمات، والمهن الحرفية.

وأوضح تقرير الجهاز أن 8 سيدات تولين حقائب وزارية من إجمالي 32 وزارة في مصر، و66 قاضية من إجمالي عدد القضاة البالغ عددهم 9694
كاشفا أن نسبة 18% من رؤساء تحرير الصحف الحكومية من النساء ونسبة 34% من العاملين بالسلك الدبلوماسي والقنصلي سيدات، ونسبة الإناث في مجالس إدارات الصحف الحكومية وصلت إلى 12%.

وأكد المركز أن نسبة الإناث في التعليم العالي بلغت 49%، وبلغت نسبة القيد في التعليم الابتدائي 98% من عدد الإناث، ونسبة الإناث في التعليم الإعدادي 93%، و65% في الثانوي.

ووفقاً للتقرير فقد بلغ العمر المتوقع للنساء في مصر 75 عاما، مقابل 72 عامًا للذكور، وبلغت مساهمة المرأة في قوة العمل بمصر نسبة 21%، كما بلغت نسبة الإناث اللائي يعملن بعمل دائم 89%.

أسباب عزوف العمل عن العمل

أكدت الدراسة الإحصائية، أن التنمية الشاملة تتطلب أقصى مشاركة للمرأة التى تعد قوة اجتماعية واقتصادية لابد من الاستعانة بها، موضحة أسباب انخفاض مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، والتي تمثلت فس:

1- اعتبار عمل المرأة مكلف لدى كثير من أصحاب العمل، وذلك بسبب قوانين العمل التى تمنح إجازات مدفوعة الأجر للإناث، مثل أجازات الوضع ورعاية الأطفال، وهو ما يجعل الكثير من أصحاب الأعمال يفضلون الرجل عن المرأة.

2- وجود مؤسسات ظروف العمل بها لا تسمح للنساء بالتوفيق بين واجباتهن فى العمل ومسئولياتهن الأسرية، وهو ما يتسبب فى إبعاد المرأة عن سوق العمل.

3- الظروف الاجتماعية والاقتصادية التى تقيد المرأة ولا تسمح لها بالانتقال إلى مكان تواجد فرص العمل، وهو ما يؤدى لانخفاض مشاركتها فى النشاط الاقتصادى.