انتشرت في الآونة الأخيرة ما يُطلق عليه “جروبات الماميز”، وهي مجموعات مغلقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تضم الأمهات، لنقل الخبرات وطرق تربية الأطفال، وكيفية التعامل معهم، ومنها مجموعات مقسمة بحسب التوزيع الجغرافي للسيدات، ومجموعات أخرى عامة، ولكن يبدو أن هدف تلك المجموعات أخذ شكلاً بعيدًا عن الهدف الأساسي، وأصبح كما وصفته العديد من السيدات والأمهات “مكان للفتي”، وأيضًا للتنمر، وانتقاد الآخرين.
مجموعات هامة ومعلومات خاطئة
منى رشاد، أم لطفلين يبلغا من العمر 6 و8 سنوات، قالت إنها متواجدة على أكثر من مجموعة من مجموعات الأمهات: “في البداية كنت حابة يكون عندي فكرة أكتر عن أساليب التربية والمواقف المختلفة اللي بيتعرض لها الأطفال”.
تضيف: “بس في الحقيقة لقيت الجروبات بيتناقش فيها أمور بعيدة عن الأطفال وده مفهوم وعادي بحكم إننا ستات ممكن واحدة تأخذ رأي التانية في فستان ولا بلوزة، بس اللي خوفني هو ردود الناس اللي بقت مليانة تنمر وده مخيف ومرعب”.
تتساءل: “ليه بقينا بنعمل كدة؟، وليه ده بيحصل في مساحة هي في الأصل لمشاركة التجارب؟”.
ترى “منى”، أن تلك المجموعات رغم أنها هامة ومفيدة لكنّ من جوانبها السلبية التنمر على الآخرين: “الجروبات دي في الأساس هدفها مهم جدًا، وهي إننا ننقل الخبرات لبعض وده في صالح الأولاد بس الردود القاسية من الستات بتخلي عدد كبير يخرج من الجروبات دي وبالتالي تفقد قيمتها”.
الأصل في تلك المجموعات هو تبادل التجارب الشخصية للتربية بين الأمهات، ولكن منار عبد الله، أوضحت أن هناك تبادل لمعلومات طبية خاطئة أيضًا: “أنا كنت في جروب على فيسبوك كنت بشوف فيه مهازل، يعني أم تكون بنتها مخبوطة ومتعورة وتصورها وتبعت تسأل على الجروب اللي ممكن يكون معظم الإجابات عليها بترشيحات لأدوية غلط من أمهات مش دكاترة”.
تستنكر “عبدالله” هذه الأفعال: “الحقيقة بكون مستغربة إزاي الأم ممكن تسيب بنتها ولا ابنها كده من غير ما تتصل بالدكتور أول حاجة، وكمان كمية الفتي اللي بتحصل من الستات وترشيحات الأدوية والروشتات اللي ممكن تسبب بلاوي للأطفال، لأنها مكتوبة من ستات عادية، وممكن الدوا المناسب لطفل ميناسبش التاني”.
مصدر للشائعات
ترى سيدات أن تلك المجموعات مكانًا لتبادل المعلومات المغلوطة، أو نشر الشكاوى المنزلية، وربما البحث عن نصائح قد تكون مدمرة للمنزل والأسرة، وتصفها العديد من وسائل الإعلام بأنها “مصدر للشائعات”، ولكن سيدات أخريات يرون أن لتلك المجموعات وجهًا آخر يمكن الاستفادة منه.
مي عبد الرحمن أم لطفلتين، ترى أن تلك المجموعات هامة ومفيدة، ووجودها على عدد منها جعلها تتطلع على العديد من الخبرات الحياتية، ليس في الأمومة فقط ولكن في الحياة بشكل عام، تقول إن تجربة الأمومة ليست سهلة بالمرة، كما أنّها ليست بمثابة منهج واحد يسير عليه الجميع، لابد من أخذ النصائح والاستماع لخبرات الآخرين بها، للتعامل مع تلك التجربة الجديدة.
“نناقش العديد من الأمور بجروبات الأمهات، من الممكن أن يراها البعض تافهة، ولكن مع التفكير في التفاصيل الجديدة مع تجربة الأمومة أحيانًا يصعب التصرف في المواقف البسيطة ويحتاج الإنسان لرأي آخر ربما يرشده للتصرف السليم”، تقول “مي”، التي لم تكون صداقات من خلال تلك المجموعات، لكنها تضع نفسها دومًا مكان الطرف الآخر، فتسعى عند المشاركة و الرد على الأمهات استخدام ردودًا غير قاسية، مهما كانت المشكلة المطروحة جدلية.
شكاوى زوجية و”فضفضة”
استقبلت إحدى المجموعات على “فيسبوك” منشورًا من سيدة تشتكي من زوجها، تقول خلاله إنه تغير في معاملتها بعد معرفته بحملها، وأصبح يجلس خارج المنزل فترات طويلة، ويرفض إعطاءها المال لشراء احتياجاتها، كما أنه كان يرفض شكل جسمها الجديد مع تغيرات الحمل، استقبلت السيدة ما يقرب من 1000 رد على رسالتها، معظمها كانت تشجعها على الاعتماد على نفسها والبحث عن عمل والتمسك بالجنين، وردود أخرى حول فتح حوار مع زوجها والبحث عن حل.
بعد يومين كتبت نفس السيدة منشورًا جديدًا بنفس المجموعة تعلن خلاله انفصالها عن زوجها “خدت القرار الصح وطلبت الطلاق وإن شاء الله هقدر أكمل واعتمد على نفسي أحسن معيش مع راجل مش متحمل المسؤولية وبيتريق على شكلي.. ادعو ليّ”.
في أحد المجموعات المغلقة على تطبيق واتساب، دخلت أم تشكو من تعرضها للسرقة من الخادمة التي تساعدها في تنظيف المنزل “إلحقوني اتسرقت كنت سايبة فلوس في جيب الجاكت ومش لقياهم أنا هتجنن الست دي معايا بقالها سنة ومش متخيلة إنه ممكن تعمل كده وبدور عليها لقتها اختفت وكل زمايلي اللي راحت لهم قبلي كلموني وفي حاجات ناقصة من عندهم”.
دخلت الأم تسأل، ماذا تفعل فردت عليها أمهات أخريات منهن من روحت تجارب مماثلة وطلب منها “تستعوض ربنا”، وأخريات قالوا إنها من الممكن أن تتواصل مع الشرطة لرفع البصمات والبحث عن الخادمة.
تجربتة نوران عادل، 33 عامًا، وأم لطفلة- 3 سنوات- في تلك المجموعات كانت لطيفة نوعًا ما، فتتابع أحد الجروبات على “فيسبوك”، تسألهم من حين لآخر عن أمور تتعلق بالأطفال والتعامل معهم لتطبيقها مع ابنتها، لم تكون من خلاله صداقات، ولم تسع أيضًا لعرض مشكلات خلاله، بجانب مجموعة أخرى على تطبيق واتساب، تتابعها من حين لآخر، ومع بداية ظهور أزمة كورونا في مصر، اشتكت العديد من السيدات بسبب البقاء طيلة الوقت في المنزل، وأصبح أمر الخروج صعبًا إن لم يكن مستحيلاً، وأغلقت النوادي الرياضية، ففكروا سويا في وضع مجموعة من الأغاني في موعد محدد يوميًا للرقص عليها في المنزل ليكون بديلاً للذهاب لصالات الجيم، وأيضًا نوعًا من أنواع القضاء على ملل البقاء مجبرًا في المنزل.
الممثلة علا رشدي، المهتمة بعرض ما تفعله مع طفليها ونشر خبرات التربية التي تحصل عليها للجمهور، من خلال فيديوهات خاصة بها عبر منصات التواصل الاجتماعي، قالت إن “جروبات الماميز”، هي مصدر “للصداع” فهي تعمل على تكرار الأحاديث، وتكرار الكلمات، والتي يصاحبها تنبيهات مستمرة على هواتف الأمهات.
وأشارت إلى أن تلك الأحاديث يمكن التحدث بها مع الأصدقاء المقربين، وليس في المجموعات التي تضم عددًا كبيرًا من السيدات، وفتح مواضيع بعيدة عن الأطفال، موضحةً أن تلك المجموعات مهمتها التحدث في الأشياء الهامة التي تخص الأطفال فقط.
مشاكل البشرة ووصفات الأكل
لا تخلو تلك المجموعات من التحدث حول طرق العناية بالبشرة والشعر، والوصفات المختلفة وأحدث المنتج، ثم يتطرق الحديث ليصل لطريقة صنع “الكيكة”، في 10 دقائق، ووصفات متعددة، لتجمع تلك النوافذ الصغيرة على مواقع التواصل بين عوالم صغيرة تعيش بها الأمهات، تبدأ من الأطفال وتصل لاهتمامات البشرة والشعر، وتمر باتهامات التنمر ونشر الشائعات.