من سنين كنت بأخذ دورة تدريبية وكان المدرب بيقول رأي يعكس تخلف شديد، فقمت اتناقش معاه، وكان غاضب جدا ازاي أن متدربة بتناقشه في عكس وجهة نظره، قامت زميلة وهي تعتقد إنها بتصلح بينا وقالت أصلها يا دكتور تقصد … الحقيقة إني ما سكتش، ورديت عليها وقلت لها أنت ما تعرفيش أنا أقصد أيه، كمان أنا أقدر أعبر عن اللي أقصده، الزميلة دي ما بتكلمنيش من وقتها وحتي الآن تقريبا 14 سنة، فيهم 7 سنين كان بيجمعنا مكان عمل واحد، ممكن تكون حست إني أحرجتها قدام باقي الزملاء، ممكن أكون كنت قاسية أو اتكلمت بسخف، بس المؤكد إننا علي مدار سنين طويلة، مش متعودين حد يقف ويقول لا ما تتكلمش عني أنا أعرف أتكلم، أكيد أنا ما كنتش اقصد لا أضايقها ولا أحرجها بس كمان ما كنتش عايزة حد يتكلم بالنيابة عني.

موقفي الشخصي خلاني أركز أكتر ليه الناس بتتكلم عن الآخرين، مثلا أوقات كتير يكون فيه اتفاق بين شخصين علي حاجة، فيجي واحد فيهم ما ينفذش دوره، ولما التاني يسأله فتكون الإجابة.

  • قلت إنك مشغول
  • حسيت إنك ما لكش نفس
  • قلت إنك تعبان
  • قلت إنك مش عايز تروح

وبناء علي إحساس أو وجهة نظر الأول فيقوم يلغي الاتفاق، حتي من غير ما يرجع للطرف التاني عارفين هنا المشكلة في آيه؟

إحنا بنتكلم نيابة عن الأخرين، بنحس بدالهم وبنقدر المواقف بناء عليه، لما قعدت أدور فى أصول الموضوع دا ما اعرفتش هو بدأ امتى، بس جالي شوية أفكار، من أولها الخجل اللي احنا بنقول عليه الكسوف، الكسوف اللي بيخلينا نقبل حاجات مش على هوانا، ونستحمل حاجات ما نقدرش نستحملها، واحدة تقول لجارتها أو صاحبتها أنا جاية لك، وتكون الجارة/الصاحبة مرهقة ولا ظروفها ما تسمحش فتتكسف تقول ما ينفعش، لإنها لو قالت الوقت مش مناسب او أنا تعبانة دا معناه إن صاحب العرض هيزعل ويتقمص، وكل واحد واجتهاداته بقي، فيه اللي هيكبر الموضوع ويعملها زعل بجد.

الخوف علي زعل الآخرين كوّن علي مدار الوقت حالة من عدم الوضوح فى التصريح، كتير ما بيتكلموش بصراحة، كتير ما بيعرفوش يرفضوا، وفى المقابل ظهر نوعين، نوع بيستغل حكاية الكسوف دي وياخد كل اللي عايزه، اللي بنسميه بياخد الحاجة بسيف الحياء، النوع التاني بيقرر من نفسه حالتك ويتكلم نيابة عنك وياخد قرارات وردود فعل بناء علي اللي هو قرره.

مع الوقت دي بقت صفات متأصلة في ناس كتير، الناس بقت تدي لنفسها حقوق إنها تتكلم عن غيرها، يوصفوا حالته، ويقرروا نيابة عنه، ويفضل الأسوأ إن الشخص اللي بيتحول لمجرد ضل، ما بيقفش ويرفض دا، ولا بيقف ويعترض، ولو حصل إنه اعترض مرة بيواجه بغضب شديد من الطرف الآخر.

الدنيا اتشقلب حالها فعلا، الطبيعي ان الواحد يتكلم عن نفسه ويقرر لنفسه، صحيح مش كل الناس تقدر تعبر عن اللي هي عايزاه بالكلام، بس كمان دا مش معناه إن الاخرين يستغلوا ضعف قدرة التعبير ولا الكسوف من الرفض في إنهم ياخدوا حاجة ما تخصهمش، أو حتي يقرروا حاجة.

محتاجين نقلل حالة الخجل ونقدر نقول لأ، كل واحد فينا محتاج يتعلم يرفض، عدم قدرتنا علي الرفض بيخلينا نستحمل ضغوط كتير، بيخلي الاخرين يستنزفونا، وللأسف يوم ما نيجي نرفض أو نقول لأ علي حاجة بنكون تحملنا فوق الطاقة.

أزمة الضغوط النفسية الكتير، إن مش كل الناس قدرتها على التحمل واحدة، وإدمان السكوت ممكن يخلي الضغوط دي تتحول إلي أمراض جسدية، أبسطها السكر والضغط، ربنا يحمي الجميع.

من الأول كدا ما تسمحش لحد يتكلم بلسانك درب نفسك إن لو حد قال كلمة نيابة عنك إنك تقف وتقوله لأ، مش بقول إننا نتخانق، لكن بقول إننا ما نسمحش ان الكسوف أو الخوف علي زعل المقربين يخلونا نسكت ونتحمل ضغوط مش مبررة، الدنيا مليانة ضغوط، وحياتنا العادية فيها اللي مكفيها، مش ناقصة نزود همومنا، ولا حتي نشيل هموم وهمية، ونضغط نفسنا، محتاجين نتعلم نقول لأ، محتاجين ما نسمحش حد يتكلم بلسانا طالما إحنا ما طلبناش منه يعمل كدا.