“نحن أبناء الحياة، نحن أحباب الإله، نحن في الدنيا زهور، نحن للكون ضياء، كيف نشقى بالحروب، والمآسي والكروب؟، أبعدونا أنقذونا، من حصار من طغاة، فنحن أبناء الحياة”.. أبيات انتشرت على صفحات اليمنيين بمواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الماضية، رسالة موجهة من أطفالهم لأطراف الصراع الذين تسببوا في تمزيق البلاد.
ضحايا الحروب الخارجية والنزاعات الداخلية هم الأطفال، كونهم لطرف الأكثر ضعفًا واستهدافًا كورقة سياسية ضاغطة.
الفتيات الأكثر تأثرًا
“يزوجون القاصرات في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون، خوفًا من اغتصابهن على يد عناصر التنظيم، الأهالي لا حول لهم ولا قوة، لا يتخلصون من الفتاة بمجرد بلوغها بإلقاء مسؤوليتها على كاهل شخص آخر، ولا يهم إذا كان متزوجًا أم لا، وكم عمره”.. هكذا بدأت سمر عبدالله الحوري، يمنية الجنسية حديثها.
“5 ملايين و 455 ألفًا، و347 شخصًا تضرروا نفسيًا بسبب الحرب”.. مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري
وتضيف “عبدالله”: “وكأن الحرب والموت والفقر والجوع المحيط بفتيات اليمن لا يكفيهم، بل يتم تزويجهن في عمر صغير لأكثر شخص يدفع مالاً لقاء ذلك، منذ أيام أقدمت طفلة عمرها 10 سنوات على الانتحار، بسبب تزويجها لرجل يبلغ الـ65 دون موافقتها”.
وبنبرة حزينة تقول: نشاهد يوميًا في شمال البلاد حيث يتمركز الحوثيون جريمة جديدة ترتكبها المليشيات بحق الطفولة، ففي تعز قتل قناصًا حوثيًا كان متمركزًا في معسكر الأمن المركزي طفلة بالقرب من جولة سبأ شارع الدائري، لدى عودتها لمنزلها، ودخلت إلى المستشفى وهي في حالة حرجة الآن”.
تدمير المنشآت التعليمية
تعرضت 380 منشأة تعليمية للتدمير، بسبب الحروب الخارجية والنزاعات الداخلية في اليمن، منذ مارس 2015 وحتى ديسمبر 2019، وفقًا لدراسة أجرتها لجنة الإنقاذ الدولية.
وأوضح تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، الصادر في أواخر عام 2019، إن أكثر من مليوني شخص خارج التعليم باليمن، وأن هناك 3.7 مليون آخرين معرضون لخطر التسرب من التعليم.
أحمد السلامي، من صنعاء باليمن، يقول إن الحروب والنزعات تسببت في تدمير المنشآت التعليمية والصحية بالعاصمة، لذا ارتفعت أعداد الأطفال الذين لا يذهبون للمدارس، وتم تجنيدهم ضمن المليشيات المسلحة، بالإضافة إلى الألغام التي تتسبب في وفاة الآلاف سنويًا، والأمراض والأوبئة المنشرة.
تعرضت 380 منشأة تعليمية للتدمير، بسبب الحروب الخارجية والنزاعات الداخلية في اليمن
ووفقًا لليونسيف فإن حصيلة سنوات الحرب الماضية في اليمن أكثر من 2,700 طفل تجندوا للقتال فيها حرب، وأكثر من 6,700 طفل قُتلوا أو أُصيبوا بجراح بالغة.
“السلامي”، أضاف إثر تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد، توفى عشرات الأطفال متأثرين، بالإضافة إلى انتشار وباء الكوليرا والملاريا وحمى الضنك وغيرهم شمال البلاد، لإعاقة المليشيات الحوثية وصول الخدمات الصحية إليهم، واستمرار الحرب على المحافظات الجنوبية والتي هي تحت سلطة الشرعية.
الموت جوعًا
عمر العميقي، صحفي يمني، يقول إن الحرب الممتدة في بلاده لأكثر من 5 سنوات عرضت الأطفال يوميًا للقتل، والإصابة وهم قابعون في أحيائهم، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال في مناطق القتال، والأوبئة، كما يتنامى خطر تفشي مرض “كوفيد-19″، في ظل انقطاع صرف المرتبات منذ أكثر من 3 سنوات، وانهيار سعر الريال اليمني توفى المئات من الأطفال، بسبب الجوع، وسوء التغذية.
ويضيف: عقب اجتياح مليشيات الحوثي للعاصمة صنعاء وانقلابها على الحكم في سبتمبر/ أيلول 2014 وما تلاها من انطلاق عاصفة الحزم في إبريل /نيسان بقيادة المملكة العربية السعودية تعرض الأطفال في اليمن للقتل أثناء لعبهم في الهواء الطلق مع أصدقائهم، وأثناء توجههم إلى المدرسة أو العودة منها، أو أثناء تواجدهم بسلام.
الدكتور شيرين فاركي، ممثل “يونيسيف” بالإنابة في اليمن، قال إنه هناك مزيجًا خطيرًا من النزاع، وندرة الأغذية والنظام الصحي المتهاوي، والضائقة الاقتصادية، ما تسبب في دفع ملايين الأشخاص في اليمن إلى شفير الهاوية، وزادت جائحة فيروس كورونا من تفاقم الوضع، مؤكدًا على تأثير ذلك على الأطفال الصغار وتعريضهم لسوء تغذية بما يحتاج إلى معالجة طارئة.
أكثر من مليوني شخص خارج التعليم باليمن.. اليونيسيف
ووفقًا لتقرير أجرته “يونيسيف” في شهر يونيو الماضي، فإن هناك 30,000 طفل معرضون للإصابة بسوء تغذية حاد على مدار الأشهر الـ6 القادمة، ليرتفع عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية دون الـ5 سنوات إلى 2,4 مليون طفل، ويمثل نصف عدد الأطفال في البلاد دون الـ5، وبزيادة تصل لنحو 20 بالمائة.
الأمراض النفسية تحاصرهم
وتابع قائلاً: هنالك أكثر من اثنين مليون طفل في اليمن يعانون من أمراض نفسية نتيجة للحرب الدائرة في البلاد، وتحتل مدينة تعز المرتبة الأولى من بين المناطق المشتعلة. يليها محافظات الحُديدة ومأرب، وحجّة، وصعدة، وصنعاء والتي تشهد عنفًا.
“5 ملايين و 455 ألفًا، و347 شخصًا تضرروا نفسيًا بسبب الحرب”.. بحسب دارسة أعدتها مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري في اليمن، في حين أكد اجتماع مناصرة قضايا الاستجابة النفسية والاجتماعية للمتضررين من الحرب في اليمن، أن ملايين اليمنيين بحاجة ماسة إلى رعاية صحية ونفسية، بسبب وطأة الحرب.
80 % من إجمالي السكان بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.. أحد العاملين في منظومة لحقوق الطفل
الدكتور ماجد عويس، رئيس مؤسسة إنقاذ للتنمية الإنسانية، قال إن اليمن أكثر دول العالم ضعفًا في مواجهة فيروس كورونا، مؤكدًا على أن نسبة الوفيات من إجمالي المصابين بكورونا في اليمن تصل لأكثر من 17 بالمئة وهذه أكبر نسبة وفيات على مستوى العالم بأسره والأطفال، هم أكثر الفئات تضررًا بالحميات وأمراض وسوء التغذية.
لا طفولة في اليمن
“ط.ع”، أحد العاملين في منظومة لحقوق الطفل باليمن، والذي فضل عدم ذكر اسمه، حتى لا تطوله التهديدات والمخاطر، يقول إن منظمات حقوق الطفل في البلاد يتركز عملها في “حق البقاء” أي العيش، مؤكدًا على أن أطفال اليمن تنتهك حقوقهم.
ويضيف أن أغلب المعونات الدولية التي تقدم عبر مشاريع تمثل جزءً سيطًا يذهب لأبناء الشعب، والباقي يستثمر بشكل خاطئ في دورات تدريبية توعوية ليس لها أولوية في الفترة الحالية، مؤكدًا على أن 80 % من إجمالي السكان بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.