لم تمض شهور على قرار تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، ليفاجئ العالم بقرار جديد، أكدته إدارة شؤون الأديان التركية، اليوم الجمعة، بتحويل دير تشورا في أسطنبول إلى مسجد للصلاة، حيث قال ممثل الإدارة أن هذا المبنى ظل متحف حتى عام 2019 وسيسلم وفق مرسوم رئاسي، لإدارة شؤون الأديان، كما سيتم افتتاحه للصلاة، عقب إجراء تجهيزاً سيتولاه قسم إسطنبول التابع للإدارة.
من كنيسة إلى متحف
كنيسة خورا أو متحف تشورا، كنيسة بيزنطية في إسطنبول، تقع بالجُزء الغربي من بلدية الفاتح في إسطنبول، كانت تسمى بكنيسة المخلص المقدس، نسبة إلى المسيح، وتحولت الكنيسة البيزنطية إلى مسجد في القرن السادس عشر، عقب دخول الفتح الإسلامي للقسطنطينية، ومحيت كل المعالم والنقوس والأيقونات المسيحية التي زينت جدارها لسنوات طوال.
وتحول إلى متحف سمي بمتحف “تشورا” في عام 1948، ويحتوي المتحف على الكثير من اللوحات الفنية والفسيفساء، وينقسم المبنى إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي مدخل القاعة أو صحن الكنيسة، الجسم الرئيسي للكنيسة، ومصلى جانبي، وللمبنى 6 قباب.
في عام 2019 قررت المحكمة الإدارية العليا “مجلس الدولة”، في تركيا، تحويل المتحف إلى مسجد، وجاء مرسوم رئاسي في يوليو من هذا العام ليدعم هذا التوجه.
آيا صوفيا جديد
المحكمة الإدارية العليا في تركيا ألغت، في 10 يوليو، قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 24 نوفمبر 1934 القاضي بتحويل “آيا صوفيا” بإسطنبول من مسجد إلى متحف، ليعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، توقيعه مرسوما يقضي بتحويل متحف “آيا صوفيا” إلى مسجد.
ونشرت الجريدة الرسمية التركية قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، القرار نص أيضا على تحويل إدارته للجنة الشئون الدينية، لتكون الجهة المسؤولة عنها على أن يرفع أول أذان وتقام أول صلاة فيها 24 يوليو الماضي.
الكنيسة الأرثوذكسية تندد بالقرار
نائب رئيس قسم العلاقات الكنسية الخارجية في بطريركية موسكو، نيكولاي بالاشوف، أعلن عن أن السلطات التركية لا تفي بوعودها حول إبقاء إمكانية الوصول إلى القيم الثقافية لآيا صوفيا وتظهر عدم الاهتمام بالقيم الثقافية المسيحية. و علق على تحويل دير تشورا في إسطنبول إلى مسجد قائلًا: “يبدو أن القيادة التركية مستعدة لمواصلة تجاهل القيمة العالمية لتراث بيزنطة المحتلة، الغريبة على فهمها”.
“بالاشوف” أضاف “هذا لا يساهم في بناء ثقة وتعاون وصداقة بين شعوبنا، في السلام والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات المختلفة، وأن ما حدث مشهد مؤسف، رغم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعد بإبقاء إمكانية الوصول إلى القيم الثقافية في كنيسة آيا صوفيا لا يُنفذ عمليا”.
وأوضح أن “بعض أقسام المبنى بقيت غير متاحة، وهناك قيود على دخول النساء إلى داخل الكنيسة التي تم تحويلها إلى جامع، ومن المستحيل رؤية القيم الثقافية الرئيسية للكنيسة من الأماكن المتاحة لهن”.
صحيفة “20 مينوتوس” الإسبانية قالت إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصمم على إثارة المجتمع الدولي وخاصة أوروبا، بتحويله متحف شورا الذي كان كاتدرائية في القرن السادس، وتحولت إلى مسجد عقب دخول الفتح الإسلامي، وظلت هكذا حتى عام 1945، عندما صدر مرسوم وزراي بتحويلها إلى متحف.
الصحيفة أكدت أن أردوغان يلجأ إلى قرارات مثيرة للجدل ويخلط الدين بالسياسة من أجل استفزاز الغرب والعالم، ورغم غضب الغرب من تحويله متحف آيا صوفيا إلى مسجد، ليحول متحف شورا بعد فترة قليلة والذي كان في الأساس كاتدرائية إلى مسجد.
ولقبت الصحيفة أردوغان بـ”الديكتاتوري العثماني، مؤكدة أنه من المتوقع أن يعقد قادة الاتحاد الأوربي اجتماع في وقت قريب لمناقشة التدابير والعقوبات التي سيتم فرضها على تركيا بسبب تلك الأفعال المسيئة الذى يقوم بها رئيسها.
قرار سياسي
عمرو فاروق، الباحث في الإسلام السياسي، قال إن أردوغان يسعى لتحقيق أهداف سياسية في رداء ديني، من خلال تحويل المتاحف التي كانت كنائس إلى مساجد، كما يدل ذلك على لهث أردوغان وراء مشروع الدولة العثمانية الجديدة لاستعمار وغزو الدول العربية والإسلامية.
فاروق، أضاف أن تلك الأفعال تعتبر ورقة تمرد على إرث كمال أتاتورك وقرارته وتوجهاته في تأسيس تركيا الحديثة، ورغبة في القضاء على أسطورة أتاتورك، وليس من باب الانقلاب على المشروع العلماني، لكن من قبيل المناطحة التاريخية والسياسية.
الباحث في الإسلام السياسي، أشار إلى أن قرارات أردوغان خلال الفترة الماضية ورقة معاداة واضحة لتنظيم “أرجنكون”، الموصوف في تركيا بـ”الدولة العميقة”، وكذا الأحزاب العلمانية التي تعتبر خصم سياسي لنظام أردوغان، مؤكدًا على أن ذلك خديعة سياسية تمنحه مشروعية استكمال القضاء على أنصار حركة “فتح الله كولن”، حاملة في ثناياها توجهات ورؤية دينية تعبر عن الإسلام الحداثي.
وأكد أن قرار التحويل جاء كفاتورة انتخابية لمغازلة مسلمي تركيا، مشيرا إلى أن شعبية أردوغان في تدهور دائم، لذا يحاول بقرارته القضاء مبكرا على البديل والخصم الجاهز في المعركة الانتخابية المقبلة، أحمد داود أوغلو، الذي فضح أسرار الرئيس التركي.
وأكد الخبراء أن المسلمين سيدفعون ضريبة هذا القرار في كل أنحاء العالم، كما دفع الإسلام هذه الضريبة حيث سيتم تشويهه، ويمكن القول إنه أصبح عبء على بلاده والمنطقة العربية وعلى الإسلام نفسه.