لطالما كانت الكرة المصرية بقطبيها الأكبر الأهلي والزمالك وثالثهما الإسماعيلي وباقي الأندية الجماهيرية مثل المصري البوسعيدي والاتحاد السكندري والسويس وفرقها وأسوان وفرق الصعيد، لها نجومها الخاصة بها المعبرة عن هويتها وفلسفتها الكروية وطرق لعبها، وكان النجم يظل مع فريقه ربما حتى نهاية مسيرته ثم يعمل مدربًا بنفس النادي أو يعمل بالجانب الإداري داخل ناديه أيضًا، وكان نادرًا عندما تجد لاعبًا ينتقل من فريق لآخر.
ولكن ذلك الأمر بدأ يتلاشى من قاموس الكرة المصرية شيئًا فشيء، لاسيما بعصرها الحديث الذي انتصرت فيه المادة على الاحترام والانتماء والأخلاق ووعود الرجال، فذهب كل ذلك أدراج الرياح أمام النقود فقط التي أصبحت هي الأساس في كل التعاملات ليس فقط بكرة القدم فقط بل في كل نواحي الحياة بالعصر الحالي.
رموز كبيرة وانتماء حقيقي
فمثلاً الثنائي حسن الشاذلي ومصطفى رياض ظلا مع نادي الترسانة حتى النهاية وكانا من هدافين الدوري التاريخين، وكذلك محمود الخطيب في الأهلي وغيره، وحسن شحاتة وفاروق جعفر بالزمالك وهكذا، ولكن مع بداية فكرة الاحتراف بالكرة المصرية “غير المحترفة”، بدأنا نرى صفقات وخبطات لها دوي كبير خاصة مع بداية الألفية والانتقال المدوي للتوأم حسام وإبراهيم حسن للزمالك انتقامًا من الأهلي الذي فرط بهما لتقدمهم بالعمر.
ثم مرورًا بهوجة انتقال نجوم الإسماعيلي للأهلي تباعًا، وكذلك خطف الأهلي والزمالك النجوم من بعضهما البعض وصولاً لهروب عصام الحضري لسيون السويسري وترك النادي الأحمر إلى الأبد وقصص وملابسات كل صيف في صفقة كبيرة لأحد القطبين يعيش معها الجمهور طويلاً حتى تتم كانتقال شريف عبد الفضيل للأهلي وهاني سعيد للزمالك من قبل والتي شهدت قصصًا درامية كثيرة.
آل الشيخ يغير القصة تمامًا
إلا أن تغيرت المعادلة 180 درجة بوصول تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة السابق بالسعودية والآن رئيس هيئة الترفيه إلى مصر ودخوله من الباب الكبير كرئيس شرفي للأهلي، أكبر أندية أفريقيا والوطن العربي ومع الوعد بصفقات نارية واستاد عالمي وميزات مالية كبرى وضم بالفعل صلاح محسن من إنبي بصفقة خيالية مقابل 40 مليون جنيه.
فتحت الباب على مصراعيه للكر المصرية نحو الخراب بكل شيء اقتصاديًا وتعصبًا وفسادًا واحترافًا أو تحت مسمى الاحتراف لمنظومة غير محترفة بالأساس سواء من الناحية الشكلية للمسابقة أو القانونية والمعايير التي يفرضها الاتحاد الدولي للعبة.
حجة الاحتراف تنهي فكرة الانتماء
ولكنها أصبحت النغمة الأكثر تأثيرًا بعد دخول آل الشيخ السوق وشرائه نادي الأسيوطي سابقًا وتحويله لبيراميدز لمكايدة الأهلي، بعدما اختلف معه وضم أغلى اللاعبين وبأرقام خيالية خربت السوق تمامًا، وأذهبت عقول اللاعبين وصولاً للقصة الأشهر الخاصة بعبدالله السعيد وصفقة القرن للزمالك ثم عودته للأهلي ورفضه من قبل الخطيب ليتولاه تركي أولاً بالسعودية ثم إلى بيراميدز بأغلى راتب عرفته المسابقة عبر التاريخ 40 مليون جنيه في الموسم.
الأمر الذي جعل الكل ينزح نحو بيراميدز حتى مع بيع آل الشيخ لها وشرائه نادي ألميريا الإسباني، فجاء الدور على نجوم الأهلي بداية من شريف إكرامي ثم أحمد فتحي وأخيرًا القنبلة المدوية رمضان صبحي، الذي قضى تمامًا على ما تبقى من فكرة انتماء بالكرة المصرية وأنهى ذلك العصر تمامًا حيث أنه تربى في الأهلي منذ نعومة أظافره وقدمه الأهلي نجمًا ثم باعه للدوري الإنجليزي، وعندما فشل أعاده بالملايين وقدمه ثانية بقوة ليخذله في النهاية ويذهب لغريمه بيراميدز للفارق المادي في راتبه الكبير حيث سيتقاضى 30 مليون جنيه في الموسم بدلاً من 18 مليون عرضهم الأهلي كحد أقصى للاعبه.
رمضان يبدأ عصر جديد بالكرة المصرية
رمضان ليس ناشئ وشاب الأهلي ونجمه فقط، بل مرتبط بشكل كبير بالجماهير التي كانت صدمتها لا توصف في الفتى المدلل لها عبر السنوات السبعة الماضية منذ ظهوره بقوة مع الفريق الأول ووقوفه على الكرة أمام الزمالك إلى آخره، فكل النجوم والحالات التي سبقته كانت لها ظروفها التوأم تركهم الأهلي والحضري ذهب لسويسرا خارج مصر والسعيد عاد واعتذر ولكن الأهلي رفضه في النهاية، وكذلك فتحي أما إكرامي فعقده انتهى والأهلي لم يريد تجديده فكان منطقيًا ذهابه.
المادة سيدة الموقف
لكن رمضان كانت ضربة قاضية لذلك الفكرة الخاصة بالانتماء أو ابن النادي بالكرة المصرية، وسيكون بعدها لا معنى تمامًا لها ثانية وسيندرج الكل تحت كلمة الاحتراف التي لسنا لديها منها سوى الحروف والكلمة فقط ولا يطبق من مبدأها حتى عشر المطلوب، وأصبحت المادة أو النقود هي المتحكمة الأولى في انتقالات اللاعبين لا أندية أو انتماء أو ابن نادي أو غيره، فقط العرض الأكبر ماديًا سينتصر حتى لو نادي وليد وسينافس على المراكز الأخيرة أو وسط جدول الدوري الممتاز.