يبذل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جهودًا حثيثة من أجل إعادة فرض كامل العقوبات الأممية على إيران، عقب تخفيفها إثر الاتفاق النووي عام 2015، بسبب “الانتهاكات الإيرانية الكبيرة” للاتفاق.

ساكن البيت الأبيض، الذي يسعى إلى عدم مغادرته في انتخابات نوفمبر المقبل، لجأ إلى آلية “سانباك” المثيرة بهدف تفعيلها لدى مجلس الأمن الدولي، من أجل إعادة فرض العقوبات على طهران.

وقال “ترامب” الأربعاء: “اليوم طلبت من وزير الخارجية مايك بومبيو إخطار مجلس الأمن الدولي بأن الولايات المتحدة تعتزم إعادة فرض كلّ العقوبات الأممية عملياً على إيران والمعلّقة حتى اليوم.

ما هي آلية “سانباك”؟

وآلية “سانباك” المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015، إبان عهد الرئيس باراك أوباما، تتيح إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران، إذا ما طلبت دولة طرف في الاتفاق ذلك بدعوى انتهاك طهران للتعهّدات المنصوص عليها في الاتفاق.

لكن سائر أعضاء مجلس الأمن، يشككون في إمكانية لجوء الولايات المتحدة إلى مثل هكذا خطوة، لأن واشنطن انسحبت من الاتفاق في مايو 2018 بقرار من ترامب نفسه.

وتحدثت تقارير صحفية، بأن “بومبيو” سلم بالفعل الإخطار إلى مندوب إندونيسيا لدى الأمم المتحدة، ديان تريانسياه دجاني، الذي تتولى بلاده حاليًا الرئاسة الدورية للمجلس.

وكان مجلس الأمن الدولي، قد فرض حظر الأسلحة على إيران عام 2007، ومن المقرر أن ينقضي أجل هذا الحظر في منتصف أكتوبر بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

رفض أوروبي

ومن جانبها، أعلنت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، أنها لا تؤيد مبادرة الولايات المتحدة لاستئناف العقوبات الدولية على إيران.

ونشرت وزارة الخارجية الفرنسية باينًا جاء فيه، “تشير فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى أن الولايات المتحدة لم تعد طرفًا في خطة العمل الشاملة المشتركة بعد انسحابها من الاتفاق في 8 مايو عام 2018.

وأضاف: “أن موقفنا من مبررات خطاب الولايات المتحدة تم نقله وبوضوح تام إلى قيادة مجلس الأمن الدولي وجميع أعضائه، بالتوافق مع قرار 2231. لذا فلا يمكننا أن نؤيد هذه المبادرة التي لا تنسجم مع جهودنا المستمرة لدعم خطة العمل الشاملة المشتركة.

الاتفاق النووي

يشار إلى أن الاتفاق النووي لعام 2015 أُبرم بين إيران وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

ال

ويمنع الاتفاق إيران من تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات عنها، وتم إدراج الاتفاق في قرار لمجلس الأمن عام 2015.

وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق الذي أبرمته إدارة سلفه باراك أوباما، واصفا إياه بأنه “أسوأ اتفاق على الإطلاق”.

صفعة قوية

وتلقت إدارة “ترامب” صفعة قوية في مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي عندما لم تصوت إلا دولة واحدة هي جمهورية الدومينيكان معها على مشروع قرار أمريكي لتمديد حظر السلاح المفروض على إيران، في نتيجة كشفت عمق الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين منذ انسحب ترامب من الاتفاق النووي.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فرضت واشنطن عقوبات قوية من جانب واحد، وردا على ذلك خرقت إيران أجزاء من الاتفاق.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بعدم الالتزام بالاتفاق النووي، لتطلق من الناحية النظرية عملية تستغرق 30 يوما قد تفضي إلى إعادة فرض العقوبات الأممية، رغم رفض قوى كبرى مثل روسيا والصين، للموقف الأمريكي وإعلانها أنها لن تعيد العقوبات الاقتصادية على طهران.

وقال دبلوماسيون إن روسيا طلبت أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا، الجمعة بشأن إيران، وقالت البعثة الروسية للأمم المتحدة لدبلوماسيين في المجلس في رسالة اطلعت عليها رويترز إن روسيا طلبت عقد اجتماع افتراضي علني للمجلس المكون من 15 عضوا “فيما يتعلق بتطورات اليوم“.

وذكرت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت أن الولايات المتحدة كانت تبلغ الهيئة بـ “عدم أداء مهم” من قبل إيران فيما يتعلق بالاتفاق النووي.

نتيجة لذلك، قالت كرافت إن العملية التي ستؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة قد بدأت.

وأشارت كرافت إلى أن المشاركين الأوروبيين في الصفقة حاولوا إعادة إيران إلى الامتثال. لكنها قالت “على الرغم من الجهود المكثفة والدبلوماسية المضنية من جانب تلك الدول الأعضاء، فإن عدم امتثال إيران المهم مستمر“.

وأبلغت وكالة الطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، عن بعض الانتهاكات الإيرانية للاتفاق، لكن طهران تقول إن هذه كانت نتيجة انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق بالانسحاب منه ثم إعادة فرض عقوبات قاسية من جانب واحد.

ماذا تعني عودة العقوبات؟

ومن شأن عودة عقوبات الأمم المتحدة أن تُلزم إيران بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير، وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يساهم في تلك الأنشطة أو في تطوير أنظمة إطلاق الأسلحة النووية.

وستشمل كذلك معاودة فرض حظر الأسلحة على إيران ومنعها من تطوير صواريخ باليستية قادرة على إطلاق أسلحة نووية واستئناف فرض عقوبات محددة على عشرات الأفراد والكيانات. كما سيتم حث الدول على فحص الشحنات من إيران وإليها والسماح لها بمصادرة أي شحنة محظورة.

وحث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، المجتمع الدولي على الوقوف أمام تصرفات إيران، متهماً الأوروبيين بدعم النظام الإيراني.

وقال إن إدارة الرئيس دونالد ترامب أظهرت أن برنامج إيران النووي ليس سلميا، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستمنع إيران من امتلاك وتطوير الصواريخ الباليستية.

وذكر أيضاً أن الاتفاق النووي مع إيران لم يساهم في استقرار الشرق الأوسط، مشددا أن عدم تمديد حظر السلاح على إيران سيكون خطأ فادحاً. واعتبر أن العقوبات الأميركية ساهمت في تقليص تمويل ميليشيات إيران، وقال “حزب الله يعيش الآن وضعا سيئا بسبب عقوباتنا“.

وبحسب إدارة ترامب، فإنّ رفع العقوبات عن إيران في 2015 مكّنتها من الحصول على عشرات مليارات الدولارات استخدمتها في نشر “الفوضى والدم والرعب” في الشرق لأوسط والعالم أجمع.