معلقة من شعرها، ترقص وتتمايل بحركات استعراضية في الهواء بجسدها الرفيع، هذا هو ملخص مقطع فيديو تداوله عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، لفتاة ترقص في أحد الأفراح الشعبية.

البداية كانت بتداول المقطع للسخرية من الأمر، وانتهى باستجواب الفتاة من قبل النيابة العامة، ليفتح من جديد ملف ملاحقة الفتيات والسيدات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الراقصة الطائرة

تداول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو للفتاة المعروفة بـ”الراقصة الطائرة”، والذي أثار جدلاً كبيرًا عبر مواقع التواصل، ليصل هذا الجدل إلى وسائل الإعلام، فعلق أكثر من برنامج عن المقطع، إذ اعتبروا الفتاة الراقصة مجرد “طفلة”، ولكن والدها خرج وأكد أنها ليست طفلة وتبلغ من العمر 20 عامًا.

https://www.youtube.com/watch?v=YlAasLxSAKU

جمال الزيني، والد الراقصة مي، التي حازت أيضًا لقب “الراقصة المعلقة”، قال إن ابنته ليست قاصرًا، موضحًا أنه هو وأسرته المكونة من 9 أفراد، عملهم تقديم فقرات مختلفة في الأفراح تُسمى “الخطر”، كل فرد يتدرب على فقرة ويقدمها، وهم يمارسون تلك المهنة منذ سنوات طويلة.

طالبت العديد من الجمعيات الحقوقية المحلية بإطلاق سراح فتيات “التيك توك”

وأضاف والد الفتاة، أن جسد ابنته النحيف هو ما يظهر أنها طفلة، ولكنّها ليست طفلة، وتدربت على تلك الحركة لتقوم بها، وتعلق من رأسها في السقف من خلال شعرها بعد تضفيره، ثم تقوم بتلك الحركات في الهواء.

وأشار إلى أن تلك الفقرة واحدة من أسهل الفقرات التي تقدم للجمهور في الأفراح، فهناك فقرات أصعب منها التعامل مع الثعابين، والوقوف على الزجاج وغيرها، مؤكدًا أن تلك الحركات هي “أكل عيشهم”، مختتما حديثه، قائلاً: “محدش بيرمي ضناه”.

البحث عن الفتاة المعلقة

بعد تداول مقطع الفتاة الراقصة، أو الفتاة الطائرة كما لقبت، أصدرت وزارة الداخلية بيانًا، قالت خلاله، إنها تعمل على تحديد هويتها، وتحديد ملابسات الفيديو  أيضًا.

وذكرت الوزارة: “تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لفتاة تؤدي فقرة استعراضية بأحد الأفراح وتظهر وهي معلقة من شعرها بسقف المكان المقام به الفرح، وهو خيمة، وبالفحص تمكنت أجهزة الأمن من تحديد شخصية الفتاة، وتبين أنها تعمل بالفرقة الاستعراضية الخاصة بجدها لوالدتها، المقيم بمحافظة الدقهلية، وعمرها 19 عامًا من كفر الشيخ”.

“وسائل التواصل الاجتماعي تُحقق الكثير فيما لم تنجح فيه القوانين”.. الدكتورة هدى صلاح، الباحثة في حقوق المرأة

استدعت النيابة العامة الفتاة، التي ظهرت وهي ترقص في مقطع الفيديو بملابسها العادية، والتي أكدت أنها مدربة على تلك الحركات جيدًا، كما تأخذ احتياطاتها التأمينة أيضًا، كما أن المقطع المتداول كان من أحد الأفراح التي مر عليها ما يقرب من عام.

جدل عبر منصات التواصل الاجتماعي

بعد تداول خبر استدعاء الفتاة، انقلبت منصات التواصل الاجتماعي، كما حدث سابقًا مع القبض على فتيات “التيك توك”، واعتبره قطاعًا كبيرًا من المتابعين بأنه استمرارً لملاحقة الفتيات والسيدات عبر منصات مواقع التواصل، خاصة بعدما  أصدرت النيابة العامة بيانات عدة، بعد القبض على نحو  10 فتيات لاستخدامهن تطبيق “تيك توك”، بتهم هدم القيم المجتمعية.

وطالبت النيابة العامة أولياء الأمور بتوجيه مزيد من الاهتمام والانتباه لأبنائهم، وعدم غض الطرف عن أمور تسللت للشباب، موضحةً أن الأطفال والشباب انخرطوا في حياة غارقة في الإباحية الجنسية، وسعوا بشكل غير المشروع إلى كسب المال وباتوا طامعين في شهرة زائفة، ونجاح لا فلاح فيه.

وطالبت العديد من الجمعيات الحقوقية المحلية بإطلاق سراح فتيات “التيك توك”، كما قال حقوقيون إن القبض عليهن ما هو إلا تحركًا جديدًا من جانب السلطات لفرض مزيد من القيود على حرية التعبير، وإحكام قبضتها على الفضاء الإلكتروني، الذي بات النافذة الوحيدة للتعبير عن الرأي.

“النيابة لم تتلق أي بلاغ بخصوص فيديو الفتاة الراقصة”.. مصدر أمني

على الجانب الآخر، تسعى النيابة مؤخرًا لمحاولة القبض وملاحقة المتحرشين، وتنشر بيانات دومًا تطلب خلالها من الفتيات اللاتي تعرضن للتحرش أو محاولات الاغتصاب بتقديم بلاغات، مع إخفاء بياناتهن، خاصة في ظل القانون الجديد الذي يسمح بإخفاء بيانات وهوية الضحية، وتلك التحركات كانت بناءً على الحملة التي قادتها “السوشيال ميديا”، والتي بدأت في نشر شهادات ضحايا التحرش والاغتصاب، وهي أيضًا التي نشرت مقطع الفيديو للراقصة الطائرة.

https://www.youtube.com/watch?v=VWJKT4CESyA

القانون وتطبيقه

ومن جابنها، ترى الدكتورة هدى صلاح، الباحثة في حقوق المرأة، أن وسائل التواصل الاجتماعي تُحقق الكثير فيما لم تنجح فيه القوانين، كما أن دستور 2014 واحدًا من أعظم الدساتير التي تحافظ على حقوق المرأة، ولكن هناك فرق بين القوانين وكيفية تطبيقها، فتقوم الدولة بسنّ قوانين لحماية المرأة، وعلى الجانب الآخر يخرج من يتحدثون باسم الدين لفرض سلطة أكثر على المرأة.

“الحبس 6 أشهر للمتسبب في تعريض حياة صغير للخطر”.. قانون الطفل

ولكن تؤكد “صلاح” أن هناك حالة تناقض بين ما استطاعت المرأة تحقيقه من حقوق، وبين استمرار متابعتها وملاحقتها أيضًا، فبعد سنّ قوانين لحمايتها من التحرش والاغتصاب وأخذ حقها، نجد فتيات يتم القبض عليهن بتهم هدم قيم المجتمع من خلال نشر فيديوهات راقصة على تطبيق“التيك توك”، فنعود مجددًا لفرض الوصاية على المرأة، فالأمر يحتاج لمزيد من التطور لكسر كل المخاوف التي تحاوط النساء.

في حالات التحرش والاغتصاب، تطالب النيابة العامة الفتيات بتقديم البلاغات للتحرك على أساسها، وقال مصدر أمني، إن النيابة لم تتلق أي بلاغ بخصوص فيديو الفتاة الراقصة، ولكن تم استدعائها للوقف على حقيقة الفيديو وبيان عما إذا كانت طفلة من عدمه، وفي تلك الحالة، كانت ستعتبر الواقعة انتهاكًا لحقوق الطفل، وإساءة وتشهيرًا بطفلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعريض الطفلة للخطر.

وأوضح أن عقوبة هذه الحالة الأخيرة تصل طبقًا لقانون الطفل- للحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر للمتسبب في تعريض هذه الطفلة للخطر، سواء كان والدها أو والدتها أو ولي أمرها، ويتم أخذ تعهد بالحفاظ على الطفلة من طرف آخر داخل أسرتها، كما تخضع الطفلة للعلاج النفسي.