لم تعد الحياة الشخصية، من الأسرار الحربية التي يبذل الناس جهودًا كبيرة لإخفائها عن الآخرين، كونها تخصهم وحدهم ولا يجوز الخوض فيها كتعاملهم مع الشئون العامة، حيث أثبتت تجارب “الانفلونسرز الجدد” ممن يمتلكون حسابات إلكترونية ويحدثون تأثيرًا في جمهور السوشيال ميديا، أن الحياة الشخصية من السهل أن تكون جسرًا تعبر به إلى الشهرة، ويعبر من خلاله الناس للتعرف عليك أكثر.
محمد رشاد ومي حلمي.. طلاق على الملأ
مؤخرًا برزت قضية انفصال المطرب الشاب محمد رشاد عن الإعلامية الرياضية مي حلمي، بعد زواج دام عام ونصف فقط، الخبر ليس في انفصال أي ثنائي فني لكن في طريقة الإعلان عن ذلك، فالقصة وصلت إلى الصحافة من خلال إلغاء الزوج متابعة الزوجة على حسابات الانستجرام، لنشر الأخبار عن انفصال الثنائي الذي حير الجميع في علاقتهما، حيث سبق وأن أعلنا إنهاء ارتباطهما ليلة الزفاف بسبب اختلاف بين العائلتين على “القايمة”، لكنهما عادا وتزوجا في صمت.
إلغاء المتابعة، أعقبه إعلان مقتضب من المطرب محمد رشاد، بإنهاء العلاقة مع زوجته دون الإسهاب في التفاصيل، لترد الزوجة التي تعمل في محطات إذاعية وتلفزيونية وتهتم بنشر أخبار كرة القدم، بأنها لا تعلم شيئًا حتى الآن بطلاقها إلا من السوشيال ميديا لكن رشاد “الزوج الحالي أو السابق” لا يرد على اتصالاتها، حتى أنهى الزوج الجدل برسالة طويلة عن أسباب الطلاق.
وكتب رشاد، في رسالته التي تداولها كثيرون حينذاك: “أتمنى تقروا وتفهموا الكلام كويس وتنفذوه من فضلكم.. كل شيء نصيب والكلمة الطيبة قدرها كبير عند الله وفي قلوب الناس، بعد 3 مرات طلاق أكيد مينفعش نكمل وكأنه محصلش حاجة، أنا بطلب من الناس سواء بتحبني أو بتابعني إنهم يعدوا الموضوع كأنه مجاش قدامهم لأني مهما شوفت من تعليقات سخيفة أو كويسة أو حتى هجوم من حد مش هتكلم عن تفاصيل جوازي بالحلو والوحش، ياريت نراعي البنت لأنها بتتأثر بالكلمة الوحشة قبل الحلوة، وقضينا أيام منها حلو ومنها مش حلو، وكل شيء نصيب وقدر من ربنا، “بتمنى السعادة لإنسانة طيبة ليها مكان في قلبي ولكن النصيب والعشرة انتهوا لحد هنا”.
وضع رشاد، جمهوره في تفاصيل لا يجب أن يعرفها، فالعامة لا يهتمون بمعرفة عدد مرات طلاق رشاد وحلمي ولماذا لم يستمروا، كما أن حلمي بالغت في الهجوم على بعض المتطفلين على حياتها، بحسب تعبيرها، إذ قالت: “انتم لازم يتقالكم وبعدين بكل قرف.. الواحد يتجوز أو يطلق أنتم مالكم.. حاشرين نفسكم في حياتي ليه أكتر مني، فيه ناس عمري ما شفتهم كتبوا كومنت، داخلين يسألوني بمنتهى التطفل عن حياتي، أنتم مالكم؟!”.
تتعجب مي، ومن قبلها رشاد، من الأسئلة وهم وضعوا الجمهور في قلب حياتهما، فالجمهور لم يغل المتابعة كما لم يكتب كلاما غامضا عن إنهاء العلاقة ولم يكن سببا كذلك في إنهاء الارتباط ليلة الزفاف وتسريب الأخبار عن خلافات العائلتين والتقديرات المالية، بل هي كانت السلاح الذي يجيده من يظهر على الشاشة او يمتلك حسابا فعالا يتابعه الآلاف.
الثنائي مي ورشاد، جزء من حالة الألق التي تعيشها منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، فلم تعد مجرد مساحة ندلي فيها بآرائنا فحسب، بل وسيلة للشهرة وكسب الأموال حتى وإن كان ذلك على حساب حياتك الشخصية.
أحمد حسن وزينب.. استغلال طفلهما للشهرة
نموذج آخر أكثر وضوحًا، للدلالة على رغبات “الأنفلونسر”، وهو تجربة اليوتيوبر المصري أحمد حسن وزوجته زينب، اللذان حولا حياتهما إلى تجارة حقيقية من خلال إطلاع الجمهور على أدق التفاصيل، بل واستغلال فتاتهم الصغيرة في جمع المشاهدات.
حسن المولود، في 1996 يمتلك قناة كوميدية على منصة “يوتيوب”، يبث من خلالها لقطات من حياته مع زوجته وعائلته، واستطاع حصد جائزة نجم السوشيال المقدمة من إحدى المجلات الفنية.
وتقدر حجم الأرباح السنوية للقناة التي يتابعها 3 مليون شخص بنحو 5.2 مليون دولار، والشهرية بنحو 27 ألف دولار.
حلم الثراء السريع دفع الزوجين، إلى نشر فيديوهات لابنتهما حديثة الولادة يظهران فيها الطفلة وهما يجبرانها على البكاء، الأمر الذي أثار ضدهما غضب رواد السوشيال ميديا، وهو ما صنفه المجلس القومي للطفولة والأمومة ضمن المحتويات المسيئة للأطفال.
زينب، ظهرت في فيديو آخر تنعي فيها والدها بملابس سوداء وهي تبكي على رحيل والدها بحضور زوجها، ما أثار موجة أخرى من الاستياء والاتهامات باستغلال حرمة الموت في جلب الأرباح، كما ظهر الثنائي في فيديو آخر بعد أن فقدت حملها في توأمين.
ملايين الدولارات سنويًا
اكتسب “الأنفلونسرز”، حول العالم شعبيتهم من خطابهم والمحتوى الفعال الذي قد يؤثر على حياة المواطنين العاديين، فالعاملون في مجال التنمية البشرية يجيدون الحكي بطريقة منمقة لإقناعك بما يروج له سواء كان ذلك منتجا من المنتجات أو منحك الثقة في ذاتك حين تقدم نفسك لوظيفة جديدة.
ويعد “الأنفلوسرز” الفاعلون في مجال الترفيه، هم الأكثر ثراءً حول العالم، حيث تقصدهم شركات التسويق والدعاية للترويج للأزياء الجديدة والعطور والإكسسوارات.
غير أن بعضهم أصبحوا نجومًا، أو رجال وسيدات أعمال لهم منتجاتهم الخاصة مثل الإيطالية كيارا فيرانجي، المعروفة بموقعها بلوند سالاد، وأصبحت لهم أيضاً شبكة علاقات عامة تدير أعمالهم، بينما انضم بعضهم الآخر إلى شركات متخصصة تلعب أحيانا دور الوسيط بينهم وبين بيوت الأزياء والتجميل، حيث تقوم بدراسات لمعرفة أي منهم هو الأنسب للترويج لمنتج معين.
وفي مصر ينتشر حسابات كثيرة يزورها الملايين شهريًا تروج للمطاعم وبعض المحال حديثة العهد، من خلال سلسلة فيديوهات يحكي فيها المدون عن طريقة إعداد الطعام.
انتشار الظاهرة وتحولها إلى نشاط اقتصادي دفع السلطات في عدد من الدول إلى بحث طرق التعامل معه، كما حدث في الإمارات العربية بعد إقرار المجلس الوطني للإعلام قوانين تشترط التسجيل لدى الحكومة للحصول على رخصة ممارسة قبل مع توقيع غرامة تصل إلى خمسة آلاف درهم إماراتي على المخالفين.