“أعتذر للكبار عما فعله الصغار”.. كانت هذه هي إحدى العبارات التي صرح بها نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي، في مشكلة بين اثنين من الفنانين، وهذه هي الطريقة التي اتبعها النقيب خلال الفترة الأخيرة، في حل أي مشكلة أو حديث غير لائق يصدر من فنان تجاه آخر، حالة “السلطة الأبوية” التي يفرضها على أبناء النقابة تجعلهم لا يستطيعون الخروج عن توجهاته وأوامره التي يفرضها عليهم بمكالمة هاتفية، تجعلهم في لحظات يرضخون لما يقول حتى وإن كانت آراؤهم منذ لحظات مغايرة لتلك الأوامر وعلى مرأى ومسمع من الجمهور والمتابعين.

“أبو زهرة” و”عفاف مصطفى”

ظهرت بداية السلطة الأبوية لـ”أشرف زكي” جلية وواضحة، على أبناء نقابة المهن التمثيلية، مع تعرض الفنان عبد الرحمن أبو زهرة للهجوم من بعض سيدات المهنة، وذلك بسبب قيامه بالتقليل منهن ومن أعمالهن، وتدخله في عمليات الإخراج وما شابه، وكانت على رأسهن عفاف مصطفى التي خرجت وصارحت الجميع ببعض الانتقادات لـ”أبو زهرة” والتي تؤدي إلى تقليل عمله في الوسط الفني.

وكانت هذه الانتقادات عبر حسابها على “فيس بوك”، وبعد يومين اعتذرت عنها في برنامج تليفزيوني، مؤكدة أن “زكي” هو من طلب منها هذا، حتى تنتهي الأزمة بينهما.

وتواترت الشائعات حينها حول أن “أشرف زكي” هدد عفاف مصطفى، بمنعها من العمل إذا لم تقدم هذا الاعتذار، والذي لا ينفي صحة ما قالت ولا يتعارض معه ولكن يعمل على تهدئة الأوضاع، ليظهر النقيب بعد هذه الواقعة ليعتذر أمام الجمهور، قائلًا: “إننا لا بد أن نحافظ على القامات الفنية التي صنعت لنا التاريخ، وأعتذر للكبار عما وقع به الصغار”، ليؤكد حالة السلطوية التي يتبناها في تعامله مع غيره من الفنانين.

حظر الانتقاد

من حق كل مواطن وبالطبع فنان أن يعبر عن وجه نظره بكل أريحية، وينتقد غيره، كما هو مسموح له بالتأييد أيضًا، ولكن الحال مختلف مع النقيب، الذي يستطيع تغيير أوضاع الفنانين بمكالمة هاتفية، وهذا ما فعله مؤخرًا مع أحمد فلوكس، الذي هاجم نقيب المهن الموسيقية هاني شاكر، بعد وفاة “اليوتيوبر” مصطفى الحفناوي، متسائلًا عن عدم تحركه لإنقاذ الشاب الذي لم توافق أي مستشفى على استقبال حالته، ليعلن “شاكر” غضبه من هذا التصريح.

تدخل أشرف زكي وطلب من أحمد فلوكس التراجع والاعتذار، ليرضخ الأخير للرغبة السلطوية، ولكن كانت هنا الصدمة التي لم يتوقعها النقيب وهي عدم قبول “شاكر” الاعتذار، لنجد أننا أمام تقليل من قيمة الممثل بسبب نقيبه الذي يرغب في أن تسير الأمور برأي واحد واتجاه واحد، كما يراه هو، وليس من حق أحد الاعتراض.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث أعلن “زكي” أنه سيصحب وفدًا من النقابة للاعتذار لـ”هاني شاكر” عما بدر من “أحمد فلوكس”، فنرى حالة عبثية يريد أن يظهر فيها أشرف زكي برب البيت والفن، ولكن الأمر في حقيقته وكأنه حالة من العبثية، وخاصة حين يتم النظر إلى هوليوود، التي ينتقد بها الفنانون بعضهم البعض بشكل لاذع، حتى يصل الأمر إلى المقاطعة بسبب مواقف سياسية أو اجتماعية أو ما شابه، ولا يفرض عليهم من أي شخص أن يقدم اعتذارات بهذه الصورة، ليتضح أن هوليوود الشرق لا تشبه هوليوود الحقيقية حتى في حق الانتقاد.

حالات قليلة

يقول الناقد الفني رامي المتولي:” طريقة إدارة النقيب أشرف زكي لنقابة المهن التمثيلية قد تكون مفيدة فى حالات قليلة ومع بعض المقربين، ولكنها بالتأكيد لا تصلح في العمل العام، وأكثر من موقف ظهرت بشدة عيوب هذه الطريقة، ففى الحقيقة هو يستغل محبته عند البعض وتقدير البعض الآخر له في أن يعلو صوته مهاجمًا آخرين سواء من النقابة أو خارجها، والكثير من المواقف خالف فيها مهام منصبه العام وحول نفسه لمربٍ ومطبّقٍ للأخلاق من منظوره الشخصي، فارضًا رؤيته بشكل مجحف وبشكل جارح”.

ويضيف أن “زكي” ينسى أنه مُنتخب من قبل الممثلين ليقدم خدمات ويسهل لهم مطالب بحكم رضاءه عن العمل العام الذي قرر بإرادته الحرة أن يخوضه، فليس من المنطقي أبدًا أن ينحاز لأي شيء سوى أبناء نقابته ويدافع عنهم بحكمة، لا أن ينحاز لنقيب آخر له رؤية أخلاقية متشددة يفرضها بمنتهي العنف على الموسيقيين وهو هاني شاكر في خلافه مع الفنان أحمد فلوكس والذي إذا اختلفنا مع طريقته في التعبير عن نفسه، فالنقيب أشرف لا يحق له الوصاية عليه وفرض كوده الأخلاقي عليه وبالتأكيد لن يلوم عليه أحد لو لم يعنف ويؤدب أحمد فلوكس ويتضامن من النقيب هاني شاكر”.

ويتابع “أن موقف “زكي” ليس الوحيد، فالانحياز قد وصل لهجوم حاد على الممثلة عفاف مصطفى في خلافها مع القدير عبد الرحمن أبو زهرة، وهو خلاف عادي بين اثنين من أبناء مهنة واحدة لا يتطلب دخول النقيب، أو تحريضه على النجمة رانيا يوسف بسبب الفستان الذي سبق وارتدته في مهرجان القاهرة، وتحول لأداة تخوض في أخلاق وأعراض الفنانين، وهي الظاهرة التي يجب الوقوف ضدها قانونيًا وشعبيًا”.

ضياع هيبة الفنان

أما الناقدة ماجدة خيرالله فتقول: “إن ما يقوم به النقيب أشرف زكي لا يوجد في أي دولة بالعالم، فأي فنان حر فيما يقول وفي انتقاده لأي شيء، فالأمر راجع في النهاية للحرية الشخصية لكل فرد”.

وتضيف أن “أشرف زكي يمارس السلطة الأبوية على الفنانين، ويتبع طريقة أنه صاحب الرأي الصحيح ويجب ألا يوجد خلافات في الوسط، قد يكون هذا صحيح، ولكن الطريقة التي يتم اتباعها بالاعتذار عن أشياء صحيحة والجميع يعلم ذلك، لا ينفي من حدوثها ولكن أضعف من هيبة الفنان أمام الجمهور”.