تحل اليوم، الذكرى الـ 55 لوفاة مصطفى النحاس باشا، المتوفي في 23 أغسطس عام 1965، وهو أحد أبرز السياسيين المصريين في القرن العشرين، والذي لعب دورًا محوريًا في ثورة 1919، وصاحب الإسهامات العديدة في الحياة السياسية والتي أكسبته حبًا جماهيريًا لم ينله الكثير من العاملين في السياسة، فكانت جنازته كيوم الحشر من كثرة محبيه الذين اتوا من كل محافظات الجمهورية لتشييع جثمانه.

مصطفى النحاس باشا، ذلك الفلاح الذي رسمت ملامحه بطمي مصر الأصيل، ابن مركز سمنود التابع لمحافظة الغربية، الذي ولد في 15 يونيو 1879، في أسرة بسيطة ومتواضعة الحال، لأب كان يعمل تاجر أخشاب، ساعده على أن يتخرج من الكتاب وأرسله ليعمل في مكتب التلغراف، فأثبت جدارته في الاستقبال والإرسال وعملية الترجمة، فلفت أنظار نائب الدائرة الذي طلب من والده أن يسافر ابنه إلى القاهرة ليتعلم هناك.

فانتقل النحاس، إلى القاهرة، وتخرج في مدرسة النصر الابتدائية ثم الخديوية الثانوية، وكان الأول على دفعته في مدرسة الحقوق عام 1902، وعمل في مكتب محمد فريد الذي انتمى للحزب الوطني، وشارك في تأسيس نادي المعلمين 1906، عمل في المحاماه حتى 1903، ثم عمل بالقضاء وحصل على رتبة البكوية.

“تآمرت الشرطة على خطف جثمان مصطفى النحاس، ونشأت معركة حقيقية بغير مبرر بين الشرطة وبين جماهير الشعب”

مصطفى النحاس

قائد شعبي

يروي الصحفي الكبير مصطفى بهجت بدوي، في مذكراته، “المفاجأة الكبرى كانت يوم جنازة مصطفى النحاس، فقد بدت كأنها يوم الحشر، تحركت المباحث الجنائية العسكرية وأرادت أن تلغي تشييع الجنازة بحجة المحافظة على الأمن رغم آلاف الآلاف من الجماهير التي احتشدت وسدت الطرق من جامع عمر مكرم إلى ميدان التحرير وحتى جامع الحسين”

“تآمرت الشرطة على خطف جثمان مصطفى النحاس، ونشأت معركة حقيقية بغير مبرر بين الشرطة وبين جماهير الشعب، أيهما يفوز بالجثمان، وهل تستمر الجنازة أم تتبدد، وانتصر الشعب بطبيعة الحال، وكان أغرب المناظر التي سجلتها العين بعد انحسار المعركة بانتصار الجماهير هو هذا المنظر شديد المفارقة والتناقض الذي قد يحير أساطين علم النفس وقد لا يحيرهم، منظر شيخ في الستين استولى على الجثمان ووضع النعش فوق عربة الموتى، وأخذ يرقص أمامه عشرة بلدي فرحًا بالنصر على الشرطة في هذا المشهد الحزين”.

عُين النحاس، في يوليو 1920 سكرتيرًا للجنة الوفد المركزية في القاهرة بعد انضمامه لسعد زغلول في باريس

 

مصطفى النحاس

دوره في ثورة 1919

لعب النحاس باشا، دورًا هامًا خلال ثورة 1919 فكان حينها يعمل قاضيًا بمحكمة طنطا ووكيلًا لنادي المدارس العليا، ونظم مع عبد العزيز فهمي، إضراب المحامين، وكان الوسيط بين لجنة الموظفين بالقاهرة واللجنة بطنطا، فكان يحمل المنشورات داخل ملابسه ويوزعها هو ومجموعته على أفراد الشعب، وفُصل من منصبه كقاضٍ نتيجة لنشاطه السياسي، وأصبح سكرتيرًا عامًا للوفد في القاهرة حتى عاد من باريس حيث افتتح مكتبًا للمحاماة.

عُين النحاس، في يوليو 1920 سكرتيرًا للجنة الوفد المركزية في القاهرة بعد انضمامه لسعد زغلول في باريس، وقدم إليه تقريرًا حول رأي الشعب في مشروع ملنر، ورافق النحاس سعد زغلول إلى لندن في أكتوبر 1920، ثم نُفي مع سعد زعلول ومكرم عبيد وآخرين عام 1921.

وكان النحاس، من أقرب الناس للزعيم سعد زغلول الذى عينه سكرتيرًا عامًا لحزب الوفد، وكان سعد بالنسبة للنحاس رجل المبادئ والوطنية، فعملا معًا في حب الوطن حتى توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927.

ترأس النحاس حزب الوفد عقب وفاة سعد زغلول وبموافقة غالبية الأعضاء

 

مصطفى النحاس

من الوزارة إلى رئاسة الحكومة

شارك النحاس، في أول حكومة وفدية تم شكيلها وكانت في 28 يناير 1924 برئاسة سعد زغلول، وكان النحاس وزيرًا للنقل والمواصلات، ثم ترأس حزب الوفد بعد وفاة سعد زغلول ثم رئيسًا للبرلمان، وكان يدافع عن وطنه وقضيته ومصالح الشعب حاملًا راية النضال كزعيم لحزب الأغلبية في أحلك الظروف التى مرت بها الحياة النيابية في مصر.

ترأس النحاس، حزب الوفد عقب وفاة سعد زغلول وبموافقة غالبية الأعضاء على ذلك وكان سكرتير الوفد هو صديقه وشريكه مكرم عبيد فى هذا الحين، فشكل كزعيم لحزب الوفد حينها حكومة الوفد الأولى عام 1928 والثانية 1930.

تولى النحاس رئاسة الوزارة 7 مرات خلال الفترة من مارس 1928 إلى يناير 1952

 

مصطفى النحاس

اللجنة العربية العليا

وعند اشتعال ثورة 1936-1939 في فلسطين أسس النحاس باشا اللجنة العربية العليا كمحاولة لتهدئة الأمور في المنطقة وكان مسؤولًا عن المعاهدة المصرية البريطانية عام 1936م إلا أنه ألغاها بعد ذلك الأمر الذي أشعل اضطرابات مضادة للإنجليز مما أدى إلى حل وزارته في يناير 1952م، وبعد ثورة يوليو 1952 سـُجن هو زوجته زينب الوكيل، من 1953م إلى 1954م ثم تقاعد من الحياة العامة.

تولى النحاس، رئاسة الوزارة 7 مرات، خلال الفترة من مارس 1928 إلى يناير 1952، كانت فكرة العربية تلمع في أذهانه حتى اجتمع مع كل من رئيس الوزراء السوري ورئيس وزراء في البنان، وكان هدف الاجتماع لإنشاء جامعة عربية بهدف الاهتمام بالدول العربية وتخفيف همومها حتى بدأ العمل الجاد في بناء هذا الكيان جامعة الدول العربية .