شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، جدلًا واسعًا خلال الفترة الأخيرة، عندما خرجت فتيات تتهم أحد الصحفيين بمحاولة التحرش بهن واغتصابهن، لتتوالى الشهادات عبر مدونة تحمل عنوان “دفتر حكايات”، التي استقبلت 5 شهادات من فتيات بأسماء مجهولة، وأعلنت المدونة استمرار استقبال الشهادات ونشرها.

مطالبات بالتقدم ببلاغات رسمية

المجلس القومي للمرأة، برئاسة الدكتورة مايا مرسي، أصدر بيانًا، أكد خلاله أنه يتابع عن كثب وباهتمام شديد الموضوع المُثار حاليًا على موقع التواصل الاجتماعي، عقب قيام مجموعة من الفتيات منذ بضعة أيام بإنشاء مدونة على مواقع التواصل الاجتماعي لتجميع أدلة اتهام ضد شاب، يتضمن شهادات لفتيات على وقائع اغتصاب وتحرش جنسي بالفتيات، وأكد المجلس في بيانه، متابعته لهذا الموضوع، مهيبًا بالجهات المعنية للنظر والتحقيق في هذا الموضوع واتخاذ الإجراءات اللازمة.

وطالب البيان، جميع الفتيات بالتقدم ببلاغ رسمي ضد هذا الشاب، حتى ينال عقابه الذي يستحق طبقًا للقانون، كما أعلن المجلس القومي للمرأة، استعداد مكتب شكاوى المرأة التام، لتقديم الدعم القانوني والنفسي اللازم للفتيات، مع تأكيد سرية جميع الشكاوى والبيانات التي يتلقاها المكتب.

مايا مرسي

البداية بـ “دفتر حكايات”

الأحداث بدأت تتصاعد، بعد نشر مدونة “دفتر حكايات” شهادة من إحدى الصحفيات تقول فيها إن صحفيًا معروفًاـ لقبته بـ “هـ. ع” اختطفها واغتصبها واعتدى عليها بالضرب، وبدأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في تناقل الشهادة، وتوالت عقب ذلك الشهادة الثانية والثالثة، حتى خرج أحد الصحفيين وكتب على صفحته الشخصية أنه تابع الاتهامات واعتبرها موجهة له، لافتًا إلى أنه سيتبع المسار القانوني ضد كل من شهر به، واعتدى عليه بشهادات كاذبة، وتساءل الصحفي عن هوية المدونة وهوية القائمين عليها، كما أنه لا يمكن أخذ شهادات مجهلة، كدليل إدانة ضد أحد الأشخاص، هكذا كتب عبر صفحته الشخصية.

وقال إنه يطالب من ضحايا الاغتصاب التقدم ببلاغات رسمية للنيابة، لأخذ حقهن وأعلن مساندتهن أيضًا، واعتبر ما يتم ما هو إلا حملة ممنهجة لما وصفه “اغتيال صحفي”، وبعد الحديث عن المدونة وعن هوية القائمين عليها، خرجت المدونة في بيان لها، تعلن استمرارها في نشر الشهادات، وأكدت أنها ليست جهة تحقيق، إنما جهة للناجيات يمكنهن البوح فيها بما يعانين، دون الكشف عن هويتهن حفاظا عليهن، فهم يصدقون الناجيات وفقا لمبدأهم النسوي.

ونشرت المدونة عبر صفحتها: “نصدق صاحبات تلك الشهادات وندعمهن، ونصدق أنهن -بإرسال شهاداتهن للمدونة- يردن دعم أخريات في معاركهن من أجل التعافي مما مررن به من تجارب شبيهة مع “هـ. ع” أو غيره.. نحن ندرك جيدًا أن أحد العوامل التي تثني النساء عن اتخاذ المسارات الرسمية في قضايا العنف الجنسي هو صعوبة تقديم دليل قاطع عما تعرضن له، بالإضافة للضغط المجتمعي الذي دائمًا ما يترتب على إعلانهن لهوياتهن وينتج عنه ضغط نفسي وشعور دائم بالحصار، ولهذا لا نرغب في أن نكون جزءً من الحصار الممنهج هذا الذي تواجهه الناجيات/الضحايا وحدهن، فكما أشرنا سابقًا نحن لسنا جهة تحقيق ولا هدفنا تقصي الحقيقة”.

“جرائم التحرش الجنسي تقع تحت طائلة قانون العقوبات الذي أفرد لها عقوبات رادعة، وضاعفها في حالة استغلال الجاني لسلطته الوظيفية”.. ضياء رشوان، نقيب الصحفيين

ضياء رشوان

“الصحفيين” يدعو للتقدم ببلاغات

قال ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، في بيان له، إن مجلس النقابة يعلن رفضه التام وإدانته المطلقة، لجرائم التحرش والاعتداء الجنسي التي وقعت في مصر، وجرى الحديث والنشر عنها مؤخرًا، ضد أي آنسة أو سيدة مصرية أو غير مصرية عموما، وضد أي زميلة صحفية على وجه الخصوص.

وأكد النقيب، أن هذه الجرائم تقع تحت طائلة قانون العقوبات الذي أفرد لها عقوبات رادعة، وضاعفها في حالة استغلال الجاني لسلطته الوظيفية أو الأسرية أو الدراسية على المجني عليه، وجعل من النيابة العامة جهة الاختصاص الوحيدة القادرة على تحريك الدعاوى بشأنها واتخاذ المسارات القانونية اللازمة من تحقيقات ومحاكمات بما يفضي إلى توقيع العقوبة القانونية الواجبة على مرتكبيها.

وأعلن النقيب، أن مجلس النقابة يدعو كل الزميلات والزملاء ممن لديهم علم أو أدلة أو شكاوى تخص هذه الجرائم المشينة، سرعة التقدم بما لديهم للنيابة العامة حتى لا يفلت الجناة بما اقترفوا، وخصوصا بعد تعديل قانون الإجراءات الجنائية بما يوفر سرية بيانات المجني عليهم في جرائم التحرش، وستوفر النقابة عبر جهازها القانوني كل أنواع الدعم والمساندة القانونية لمن سيتقدمون من أعضاءها ببلاغاتهم أو بشهاداتهم للنيابة العامة.

وأكد نقيب الصحفيين، على قرار مجلس النقابة بأن تفعيل قانون النقابة سيكون فوريا وحاسما تجاه كل من تثبت إدانته في أي من تلك الجرائم المشينة من أعضاءها، بشطبه من عضويتها لافتقاده لأحد شروط اكتسابها الأربعة وهو الشرط الثالث بحسب المادة رقم 5 من قانونها وهو، أن يكون حسن السمعة لم يسبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تقرر شطب اسمه من الجدول لأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة.

ويؤسفنا ويؤرقنا بشدة أن بيئة العمل الصحفي في مصر كانت ولا تزال بيئة غير آمنة للنساء”.. اتحاد صحفيات مصريات 

صحفيات مصر

وأصدر اتحاد صحفيات مصريات، الذي تكون عقب صدور تلك الشهادات، بيانا ليرفض بيان نقابة الصحفيين، جاء به “نحن صحفيات مصريات هالنا ما قرأنا من شهادات لزميلات صحفيات يتهمن الصحفي “هـ. ع”  بوقائع تحرش واعتداء جنسي واستغلال صلاحياته كصحفي ومدرب ومحاضر في عدد من الجامعات والمؤسسات المصرية والإقليمية والدولية، بينها عمله كمدرب في نقابة الصحفيين المصرية”.

وتابع البيان “ويؤسفنا ويؤرقنا بشدة أن بيئة العمل الصحفي في مصر كانت ولا تزال بيئة غير آمنة للنساء، لا سيما وأن المؤسسات الصحفية ونقابة الصحفيين ذاتها تفتقد وجود آليات لمناهضة التحرش والعنف الجنسي والتمييز ضد النساء، علاوة على ضعف تمثيلهن في مجلس إدارة النقابة ومجالس إدارات المؤسسات الصحفية بمختلف أنماط ملكيتها”.

وبعد ارتفاع عدد الشهادات ضد الصحفي، قررت مؤسسات صحفية متعاونة معه وقف تعاملها معه، منها مؤسسة درج، واتحاد إعلاميات مصر والذي نشر بيانًا مساء السبت، أعلن فيه دعمه للمتدربات والزميلات، ورفضه لجرائم التحرش والاعتداء الجنسي، موضحًا أن الاتحاد تلقى عددًا من الشكاوى من متدربات اتهمن أحد المدربين المتعاونين مع المؤسسة، والمثار حوله اتهامات بالتحرش الجسدي بصحفيات، واتهامات مخلة بالشرف حدثت أثناء وبعد تلقيهن للتدريب ضمن إحدى برامجنا التدريبية التي انتهت منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

مؤسسة أريج التي يتعاون معها الصحفي قررت فتح تحقيق داخلي، في ضوء ما نشر عنه

مؤسسات إعلامية تنهي التعاقد معه

مؤسسة أريج التي يتعاون معها الصحفي أيضًا، خرجت في البداية ببيان تُخلي مسؤوليتها من الأمر، ونفت وقوع حوادث تحرش أو اغتصاب بتدريباتها، وبعد ذلك أصدرت المؤسسة بيانًا قالت فيه، إنها بعد مشاورات داخلية قررت فتح تحقيق داخلي، في ضوء ما نشر عن الصحفي المذكور.

أيضا “شبكة خريجي أكاديمية دويتش فيلله، وهي مؤسسة إعلامية ترأسها الصحفي المتهم بالتحرش والاغتصاب في أحد الفترات، وكان يعرف نفسه بأنه مؤسسها، أصدرت بيانا أكدت فيه أنه استقال من رئاسة الشبكة في الشهر الحالي وتم تجميد عضويته، حتى البت قضائيا في القضايا والاتهامات الموجهة ضده.

وأعلن محامي الصحفي “هـ. ع”، التقدم ببلاغ إلى إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بوزارة الداخلية، ضد مدونة دفتر حكايات للتحقق من وجود شهادات ضد علام من عدمه، والإفصاح عن هوية أصحابها لملاحقتهم قضائيًا أمام جهات التحقيق، إلى جانب تقديم بلاغات منفصلة ضد ناشري الشهادات والمسيئين لعلام على مواقع التواصل الاجتماعي.

فيديو مفبرك

وبعد تلك الشهادات، قال الصحفي على صفحته الشخصية إنه يعد لمفاجأة، لتبرأته، ونشر مقطع فيديو به صحفيتين قالتا إنهما قاما بمراسلة المدونة وادعوا أنهما تعرضا لاعتداء من الصحفي ومحاولة تحرش، ونشرت المدونة الشهادتان دون تأكد من هويتهما، واعتبر هذا دليل على عدم مصداقيتها، لكن المدونة أعلنت أنها ليست جهة تحقيق، وعليها تصديق الناجيات، وتساءلت عن الشهادات الثلاثة الأولى، فما هو الدليل على عدم صحتهم، وبعد الجدل الذي دار على هذا المقطع حذف الصحفي الفيديو المنشورات التي يتحدث به عن الشهادات، وخرجت الصحفيتان تعتذران وتبرران أنهما قاما بتحقيق استقصائي لتوضيح أن المدونة لا تتحرى الدقة في عملها، وليس لتبرئة الصحفي المثار ضده الاتهامات.