يعول عدد كبير من الأحزاب السياسية في مصر، على انتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها قبل نهاية العام الجاري، في ضخ الدماء إلى شريانها المتصلبة منذ وقت طويل، وإعادة تقديم نفسها إلى الشارع من جديد، لاسيما أنها مرحلة قائمة على الاشتباك بالبرامج وتوجهات كل تيار.

ومن بين الأحزاب الطامحة إلى العودة والاحتكاك مع الجماهير، يبرز اسم حزب الدستور الذي خفت نجمه في السنوات الأخيرة.

المظلة الأشمل

صاحب تأسيس حزب الدستور في أبريل 2012، حالة من الزخم لم تحظ بها أحزاب كثيرة من الأحزاب المحسوبة على ثورة 25 يناير، وذلك يعود إلى قائمة مؤسسيه التي ضمت الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية الأسبق، والناشط أحمد حرارة، والسفير سيد قاسم، والإعلامية جميلة إسماعيل، والحقوقي جورج إسحاق، والدكتور حسام عيسى، إلى جانب العديد من المثقفين ونشطاء الثورة، فكان الجميع يعتبره المظلة الثورية الأشمل في هذا التوقيت من عمر الثورة.

وشكل الحزب رقمًا مهمًا في مراحله الأولى، فرغم اعتذار “البرادعي” عن الترشح لرئاسيات 2012، إلا أنه لعب دورًا هامًا في صياغة مطالب الميادين الباحثة عن تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية آنذاك، كما كان جزءًا من جبهة الإنقاذ الوطني التي قادت الشارع للإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في 30 يونيو.

إلا أن خروج “البرادعي” من السلطة والبلاد في 2013، كان ضربة قاسمة لمسار الحزب أيضًا الذي دخل في دوامة البحث عن قائد جديد في السنوات اللاحقة، بدأت بـ”هالة شكر الله” التي تولت الحزب في فترة صعبة في 2014 بهدف إعادة البناء ولم شمل أتباع الثورة، ثم توالت الأزمات التي دفعتها لتقديم الاستقالة.

وتولى الأمين العام تامر جمعة منصب القائم بأعمال الرئيس الحزب لفترة، لكنه لم يستمر طويلا وانسحب من الحزب بعد فشل إجراء انتخابات جديدة، حتى جاء المتحدث الأشهر للحزب وأحد قياداته خالد داوود ليعلن ترشحه ويفوز بالتزكية في انتخابات شهدت اعتراضات من معارضيه، ليضطر لمغادرة المنصب لاحقًا.

إعادة بناء

 استمر الحزب في انقساماته الداخلية طوال السنوات الأخيرة حتى استقرت الأوضاع بانتخابات جرت في فبراير 2019 فاز بها علاء الخيام، الذي وقع على مسئوليته إعادة تشكيل الحزب من جديد، وبناء كوادر سياسية في ظل غياب الوجوه الإعلامية المعروفة عن التشكيل الحالي.

يقول وليد العماري، المتحدث باسم حزب الدستور، إن القيادة الحالية للحزب بدأت من الصفر تقريبًا لإعادة بنائه بعد سنوات من الأزمات التي تسببت في هجرة عدد كبير من الأعضاء، لكنها تواجه أزمات مختلفة على أكثر من مستوى تسعى لحلها لتثبيت الحضور في الشارع المصري وقاعدة الأحزاب الفاعلة.

يضيف “العماري”، أن “7 من أعضاء الحزب المؤثرين في اللجان الإعلامية والتنظيمية واجهوا الحبس، فضلًا عن حبس أحد رموزه الصحفي البارز خالد داوود على ذمة إحدى القضايا، وهو ما يصيب الأعضاء بالقلق ويصعب من مهمتهم في جذب الأعضاء”.

ويشير إلى أن الحزب بدأ كبيرًا بمشاركة 25 ألف شخص في التأسيس، لكنه لا يملك حصرًا بعدد الأعضاء المؤثرين في الوقت الحالي بعد الانقطاع الطويل، مشيرًا إلى أن انتخابات مجلس النواب ستشهد بداية عودة الحزب من خلال جمع الأعضاء وتشكيل الحملات الانتخابية للمرشحين وعمل الأمانات.

يرفض “العماري” تصنيف كوادر حزبه باعتبارهم أشخاصًا مجهولين، كونهم شباب لا تشترط شهرتهم وحضورهم الإعلامي، فالحزب لن يعيش على الأطلال والبدايات الجذابة في 2012، مؤكدًا أن الفريق الحالي يسعى لخوض تجربته بنفسه مع الاكتفاء بالتواصل مع الحكماء في حالة الضرورة والاستشارة.

 كما نفى “العماري” حدوث أي تواصل مع الدكتور محمد البرادعي منذ فترة طويلة باعتباره أحد مؤسسي الحزب، موضحًا أن وجوده خارج البلاد يعوق عملية التواصل المستمر، كما أن كل كادر يسعى لإثبات تجربته الشخصية.

يرى “العماري” أن قانون تقسيم الدوائر الخاص بمجلس النواب، يُصعب من مهام الحزب في التنافس على عدد من المقاعد، نظرًا لزيادة حجم الدوائر التي تحتاج إلى أصحاب المال أكثر من الحزبيين، رافضًا الكشف عن توقعاته بشأن عدد مرشحيهم في انتخابات النواب قبل جمع رغبات الأعضاء كاملة.

تحالف مستبعد

واستبعد حمدي قشطة، الأمين العام لحزب الدستور، مشاركتهم في تحالف انتخابي واحد مع حزب “مستقبل وطن” على غرار ما حدث من قائمة واحدة في مجلس الشيوخ التي ضمت أحزابًا من المعارضة مثل المصرى الديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والتنمية، مشيرًا إلى أن الحزب سيبحث التحالف مع الشركاء من الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم مجموعة من الأحزاب اليسارية في حالة المشاركة في القوائم.

وأوضح “قشطة” أن توجهات الدستور تختلف كليًا عن الخط السياسي لـ”مستقبل وطن”، متسائلا: “كيف أتحالف انتخابيًا ونصيغ برنامجًا واحدًا ومنظورنا للسياسة والاقتصاد ومنظومة الدعم والحريات يختلف عنهم؟“.

وبشأن ترويج مصطلح استثمار الفرصة الذي يتبناه المؤيدون لتحالف “مستقبل وطن”، قال إن استثمار الفرص يكون للصالح العام على المدى الطويل وليس المنفعة اللحظية بالعبور إلى المجلس، لافتًا إلى أن حزبه لا يريد أن يكون معارضًا على طول الخط، لكنه يختلف مع السلطة في الأولويات، لأن السياسة تلعب من أجل إسعاد الشعوب وتحقيق مستوى الرضا لدى المواطنين.