قرار جديد أصدره الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ينص على إحالة عبد الله محمد رشدي محمد، إمام وخطيب ثان بأوقاف القاهرة، للعمل بوظيفة “باحث دعوة ثان” لمدة عام، اعتبارًا من 23 أغسطس الجاري، وذلك لصالح العمل، كما قرر عرض أمر نقله على لجنة الموارد البشرية للنظر فيه بصفة نهائية.

ولا يتوقف “رشدي” عن إثارة الجدل بمشاركاته بإبداء الرأي، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي في القضايا التي تثار بين الحين والآخر، والتي كان آخرها حديثه عن الاختلاط في التعليم، فضلًا عن نجاسة الكلب، وأيضًا التحرش الجنسي، بالإضافة إلى قضايا أخرى.

ماذا يعني التحويل إلى “باحث دعوة”؟

ويوضح محمد خشبة، وكيل وزارة الأوقاف، ما يعنيه تحويل “عبد الله رشدي” إلى وظيفة “باحث دعوة ثان”.

ويقول “إن القرار يعني تحويله إلى عمل إداري، فيصبح لا يمثل أي من الجهات المخصصة للفتاوى، وإن المؤسسة تمنعه من التحدث تحت علمها، لأن باحث الدعوى لا شأن له بالفتاوى، إنما يترك الأمر لمن لهم الحق في ذلك من إمام الدعوة وغيرهم”.

وحول التعامل الإعلامي مع “رشدي” عقب هذا القرار، يضيف “خشبة” أنه على الجهات الإعلامية التوقف عن تناول منشوراته وآرائه، فضلًا عن ضرورة توقفها عن نسب الدعاة للأزهر والأوقاف.

تاريخ من إثارة الجدل

ومع كل قضية تحظى باهتمام ومتابعة جماهيرية واسعة النطاق، يدلي “رشدي” بدلوه فيها.

تكفير الأقباط

ففي مايو عام 2017 نشر تغريدة على حسابه بـ”تويتر”، أعرب فيها عن تأييده ودعمه للشيخ الأزهري سالم عبد الجليل، بعد إفتاء الأخير بأن العقيدة المسيحية فاسدة، وأن الأقباط من أهل النار، قائلًا: “ما قال الشيخ إلا ما أورده القرآن”، وكان ذلك سببًا في تحويله للعمل الإداري.

استنكر الأزهر حينها تكفير “الأقباط”، مؤكدًا حرصه على الإخاء “مع شركاء الوطن من الإخوة المسيحيين، وقال مجمع البحوث الإسلامية، إن ما يقال عن ذلك الأمر “تعبير عن رأيٍ شخصي”، وأنه لا يعبر عن الأزهر الذي لا يملك تكفير الناس ولا عن أي هيئة من هيئاته لأن الأزهر يحرص كل الحرص على البر والمودة والأخوة مع شركاء الوطن من الإخوة المسيحيين.

زواج القاصرات

في مناظرته مع الباحث إسلام بحيرى، قال عبدالله رشدي إنه يجوز زواج القاصرات، مؤكدًا على أنه يمكن تزويج الطفلة في سن تسع سنوات، ولكن بشرط أن تُطيق الوطء، إذا كانت سمينة الجسد، على حد وصفه، ليثير بذلك حالة من الغضب بين المصريين.

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، قال إن الإسلام لا يبيح الزواج الذي يترتب عليه الضرر النفسي أو الجسدي أو الاجتماعي أو الأخلاقي، والمقصد الشرعي من الزواج السكن النفسي بين الرجل والمرأة، مضيفًا “إذا نظرنا إلى مقاصد الشريعة الإسلامية نجدها تقف إلى جوار آراء الفقهاء الذين يمنعون تزويج القاصرات”.

نكاح سبايا الحروب

على حسابه على “فيس بوك” أباح “رشدي” زواج سبايا الحروب ومعاشرتهن جنسيًا، مؤكدًا على أن ذلك حلال، ما تسبب في حالة من الغضب وردود فعل منددة لفتواه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تهنئة الأقباط

وفي 29 ديسمبر 2017، قال في منشور آخر، إن التهنئة في الأعياد لغير المسلمين مع الرضا بشعائرهم وتعظيم اعتقادهم، كفر لا نزاع فيه، في إشارة الى تهنئة الأقباط بأعيادهم.

حينها أكد الازهر ودار الإفتاء، أنه لا مانع شرعًا من التهنئة في الأعياد لغير المسلمين ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين غير العارفين بتكامل النصوص الشرعية ومراعاة سياقاتها وأنها كالجملة الواحدة.

القضية الأشهر

مؤخرًا، حازت قضية التحرش الجنسي في مصر، على اهتمام واسع، وسط دعوات بمواجهة تلك الظاهرة على نطاق رسمي ومجتمعي، ومطالبات بمحاسبة المتهمين.

وبرز اسم “رشدي” أيضًا حيث صرح بأنه “ليس من الطبيعي أن تخرج فتاةٌ بملابس لا تصلح إلا للنوم ثم تشكو من التحرش”، مشيرًا إلى أنه “لا يبرر التحرش ولا يعفي المتحرش من العقوبة”.

ووجه الأزهر رسالة عبر “جريدة صوت الأزهر” قال فيها إن “ملابس المرأة أياً كانت – ليست مبرراً للاعتداء على خصوصيتها وحريتها وكرامتها”.

وقبل أيام تحدث عن عدم جواز اختلاط الطلاب في مراحل التعليم، كما تطرق إلى اقتناء الكلب لغرض غير الحراسة أو الصيد، مفتيًا بتحريمه.

3 ملايين متابع

ومما يُكسب آراء “رشدي” مساحة أكثر  من الانتشار، هو حجم متابعيه الضخم، حيث يحظى بمتابعة نحو 3 ملايين شخص عبر “فيس بوك”، أغلبهم من الشباب الذين يتأثرون بفتاواه، التي يتهمه البعض فيها إما بالتحريض على العنف، أو الفتنة الطائفية، أو تبرير التحرش.

عقوبات سابقة

وكانت هناك عدة عقوبات قد تعرض لها “رشدي” جراء فتاواه وآرائه، حيث صدر في 2017 قرار بمنعه من الخطابة بسبب التصريح بكفر غير المسلمين من النصارى واليهود في 2017، وفي أغسطس 2019 أصدرت المحكمة الإدارية قرارًا بعودته للعمل مرة أخرى.

وفي فبراير الماضي قرر وزير الأوقاف، منه من صعود المنبر والتحقيق معه “فيما يبثه من آراء مثيرة للجدل ومنشورات لا تليق بأدب الدعاة”.

لا يمثل الأزهر والأوقاف

وفي تعليق سابق له على قضية “عبدالله رشدي”، أكد الكاتب الصحفي أحمد الصاوي رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر، الناطقة بلسان المشيخة، أنه لا يوجد متحدث رسمي باسم الأزهر الشريف أو الإمام الأكبر، مشيرًا إلى أن هذا التوصيف غير موجود حتى تاريخه في مشيخة الأزهر، مؤكدًا على أن الأمر لا يعدو كونه اجتهادًا من تلك المنصات غير مبني على واقع حقيق.

وأكمل: “عبدالله رشدي كان يعمل إمامًا في وزارة الأوقاف ولم يعمل من قبل في مشيخة الأزهر الشريف، وتقديمه إعلاميًا كممثل للأزهر في أي ظهور هو أمر راجع للجهة التي تقدمه وليس للأزهر الشريف”.

وأكد على “أن خريجي الأزهر الشريف منتشرون في كل مكان سواء في المؤسسات الدينية أو غيرها وآراء هؤلاء ومواقفهم لا تعكس بالضرورة رأي وموقف المؤسسة الأزهرية التي لا يعبر عنها غير الإمام الأكبر والهيئات الأزهرية الرسمية”.

وفي السياق ذاته، شدد الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، على أن الوزارة لا يمثلها إلا ما ينشر عبر موقعها الرسمي أو ما يصدر عن المتحدث الرسمي للوزارة، أو تصريحات الوزير ومن يخرج بأي شيء أخر فهو لا يمثل رسميًا وزارة الأوقاف، محذرًا: “أي إمام أو موظف يخالف تعليمات الأوقاف ويتحدث باسم الوزارة، سيتم محاسبته على تلك المخالفات، فلا تقصير في هذا الشأن”.

دفاع عبد الله رشدي عن نفسه

“رشدي” خرج عبر صفحته الرسمية على “فيس بوك” يوم أمس، معلقًا على الأمر، قائلًا: “توضيحًا لما نشرته بعض الصُّحفِ الإلكترونية اليومَ، حول قرار وزارة الأوقاف بتحويلي لوظيفة إدارية فقد أصدرت وزارة الأوقاف قرارًا بتحويلي للعمل الإداري في ٢٠١٧ وتقدمت للقضاء الإداري طالبا إلغاء ذلك القرار، وصدر حكم قضائي بوجوب عودتي لعملي إماماً وخطيباً وإلغاء القرار الصادر عن وزارة الأوقاف بتحويلي للعمل الإداري، ومنذ 6 أشهر أصدرت الوزارة قرارًا بمنعي من أداء مهامي الدعوية”.

وأضاف: “هكذا دون تحقيق، وبعد صدور القرار أُحِلْتُ التحقيق، فطلبت إحالة التحقيق للنيابة الإدارية، فأُحيلَ، ولازال جاريًا تحت نظر عدالة السادة المستشارين في النيابة الإداريةِ، أبلغني الأستاذ المحامي بأنَّ الوزارة قد طعنت على ذلك الحكمِ السابقِ الصادرِ لصالحي في القضاء الإداري، فرفض القضاء الإداري طعنهم وأَيَّدَ الحكم الصادر لصالحي، وذلك منذ أيام”.

وأكمل: “أرسلت لي الوزارة أمس، وذهبت للجلوس مع بعض المشايخ الفضلاء، فوجدتهم يستفسرونني أموراً.. كصورة لي أحمل فيها أسداً على كتفي.. هل هو أسد حقيقي؟ وكيف اجترأتَ على حمله؟ ولماذا تضع هذه الصورة على صفحتك؟”.

وواصل: “ولماذا تظهر في ڤيديوهاتك ترتدي تيشيرتات؟ فقلت لهم: أما الأسد فحقيقي، وأما الاجتراء على حمله فلم أَخَفْ، وأما الصورة فقديمة منذ ست سنوات تقريباً! وهذه صفحتي الشخصية ولست أتحدث باسم أحدٍ ولا قلت حين حملتُ الأسد إنني أحمله نيابةً عن الوزارة أو باسمها، وأما التيشيرتات، فليس في الشرع ما يحرم لبس التيشيرت والتصوير به، بل كل الناس يلبسون ملابسهم كما يحبون في غير أوقات عملهم الرسمية.. ثم سلمت على أصحاب الفضيلة وانصرفت ولم يجر فتحُ أي تحقيق رسميٍّ قانونيٍّ معي في تلك الجلسة وحتى الآن”.