نجح بايرن ميونيخ الألماني، في حصد لقب بطولة دوري أبطال أوروبا، بعدما تمكن الفوز على باريس سان جيرمان الفرنسي بنتيجة هدف نظيف، ليحقق الثلاثية التاريخية هذا الموسم، ويبقى على موعد مع تحقيق السداسية وتكرار إنجاز برشلونة عام 2008 مع بيب جوارديولا، ويعود كل الفضل في هذا النجاح لمنظومة إدارية رياضية ناجحة بكل المقاييس في البايرن، ثم مدير فني كبير مثل هانز فليك، الذي كان قبل شهور فقط مدربًا مساعدًا ثم مؤقتًا، وأخيرًا توليفة رائعة من اللاعبين، أدت كل هذه العوامل لموسم تاريخي للفريق البافاري في عام فيروس كورونا الذي أضر كرة القدم العالمية كثيرًا، وتسبب في توقفها لشهور عديدة.

ورغم أن خصم البايرن، في النهائي الذي أقيم بملعب النور في لشبونة بالبرتغال، باريس سان جيرمان يتمتع بقوة فنية كبيرة ومالية عظيمة لإدارته القطرية التي أنفقت مليارات اليوروهات للفوز بالكأس، إلا أن خطوة دهس برشلونة بالثمانية مقابل هدفين في ربع نهائي تلك البطولة، كانت هي العامل الأكبر المحفز لرجال المدرب فليك لتحقيق اللقب وكسب الأفضلية أمام سان جيرمان بالنهائي وقد كان لهم مرادهم بالفعل.

وبعد الفوز الكبير والانتصار التاريخي الذي وضع نجمة سادسة في تاريخ البايرن بالبطولة الأوروبية الأعرق دوري الأبطال، نفسر أسباب ذلك في النقاط الثلاثة الآتية، ونوضح لماذا حقق بايرن الثلاثية التاريخية هذا الموسم الذي كان نصفه الأول غير جيد للفريق البافاري.

بايرن ميونخ

جلبت إدارة بايرن ميونخ نجوم شابة بقيمة لا تزيد عن 110 مليون يورو فقط

منظومة رياضية عظيمة

العنصر الأهم في نجاح أي نادٍ بكرة القدم، هو تمتعه بإدارة رياضية ناجحة تمتلك رؤية وابتكار دائم، يُمكنها من القدرة على القيادة الصحيحة واتخاذ القرارات الصائبة لصالح فريقها في أسوأ الظروف وأحلك اللحظات، وهو بالضبط ما فعلته إدارة بايرن هذا الموسم وبنجاح منقطع النظير، ظهر ثماره في النهاية بالفوز بكل البطولات “الثلاثية التاريخية” في هذا العام الاستثنائي.

إدارة بأقل الإمكانيات المادية، كونت جيلًا كبيرًا وشبابًا من اللاعبين مع الاحتفاظ بأصحاب الخبرة في كل خط من خطوط الفريق كالرباعي المتعملق مانويل نوير، جيروم بواتينج، توماس مولر، روبرت ليفاندوفيسكي، وجلبت نجومًا شابة بقيمة لا تزيد عن 110 مليون يورو فقط، مثل جنابر وكومان وديفيز وجرويتسكا وبيريسيتش وتوليسو وسولي، وهي نصف قيمة لاعب واحد فقط في سان جيرمان البرازيلي نيمار أغلى لاعب في العالم بقيمة 220 مليون يورو، وهنا رؤية ونجاح الإدارة الكبير ومنظومة بايرن الرياضية العظيمة، كونت فريق قوي بنقود قليلة وحافظت على هوية وشكل الفريق دون تأثر.

الأمر الرائع الآخر لها والتي أعطت من خلاله درسًا لكل أندية العالم، هو بعد إقالة المدرب الكرواتي نيكو كوفاتش في منتصف الموسم، لعدم توافقه مع طبيعة النادي وظروفه بعد موسم أول له فاز به بالثنائية ولكن دون إقناع، ليرحل لسوء النتائج ويُعين مساعده هانز فليك مؤقتًا للنادي وهنا رؤيتها الكبيرة والثاقبة، لأن أغلب مسئوليه كانوا نجوم كبار في عالم كرة القدم الألمانية، فبعد نجاح فليك صاحب نفس هوية بايرن وتماشيه مع الفريق جيدًا واللاعبين، قرروا تعيينه مدربًا دائمًا وبعقد لعامين ونصف، وقد صحت وجهة نظرهم وبات بطل الثلاثية في النهاية وأثبت كفائته ونجاح رهانهم عليه أمام كل جماهير البافاري.

كل هذه الرؤى الناجحة لإدارة البايرن مهدت الطريق بقراراتها الصحيحة جميعًا، للفريق الذي بات مستقر فنيًا وإداريًا وبتوليفة رائعة من النجوم، للفوز بالبطولات وقد كان بعد التوقف حسم لقبي الدوري والكأس وأخيرًا دوري الأبطال وشهد أكبر هزيمة في تاريخ برشلونة بثمانية لهدفين كذلك.

كان اختيار فليك مدربًا للبافاري أحد أصوب قرارات الإدارة لتحقيق كل تلك الألقاب وإنهاء الموسم بشكل تاريخي وكبير

بايرن ميونخ

مدرب كبير وبهوية بايرن

بلا شك كان اختيار فليك مدربًا للبافاري، أحد أصوب قرارات الإدارة لتحقيق كل تلك الألقاب وإنهاء الموسم بشكل تاريخي وكبير ، فالمدرب الذي لعب 11 مباراة في دوري الأبطال فاز بهم جميعًا، وسجل فريقه 43 هدفًا في أكبر معدل تهديفي للفريق بالمسابقة ولكل الفرق كذلك، ليحقق أرقامًا خيالية ورائعة كفيلة لتتويجه باللقب وحدها دون خوض المباراة النهائية التي تفوق بها كذلك فليك على مواطنه توماس توخيل والمتمرس عنه ولديه سجل تدريبي أكبر وأطول منه، ولكنه كان صاحب اليد العليا في اللقاء وفاز بالبطولة.

الأمر الآخر الذي ساهم في دخول فليك سريعًا لأجواء الفريق، بعيدًا عن قدراته الفنية الكبيرة، هو تمتعه بنفس هوية بايرن والكرة الألمانية السريعة والمباغتة وتطبيق الضغط العالي بقوة وفي كل أرجاء الملعب، ولعب الكرة السهلة واستغلال امثل للأطراف للوصول كثيرًا للمرمى وقد كان، مدرب يتمتع بهوية بايرن سهل الامور كثيرًا وهنا تكمن روعة اتخاذ القرار الصحيح لفريق الكرة من قبل الإدارة، يلخص أكثر من نصف النجاح للنادي وهو ما قد كان بالنهاية بالفعل.

نيمار

توليفة رائعة من اللاعبين

هي نفس القائمة من اللاعبين التي كانت لدى المدرب الكرواتي كوفاتش الذي سبق فليك، ولكن الفريق كان تائهًا من فلسفته الزائدة وبعده كل البعد عن هوية وأسلوب بايرن، وهنا حدث التحول الكبير عندما أسندت الإدارة المهمة للمدرب الصحيح في التوقيت المناسب، حيث قام بفترة إعداد نموذجية في الشتاء بقطر، ساهمت كثيرًا في تصحيح أوضاع النادي وتطبيق فكره مع اللاعبين وظهر المارد بعدها ولم يتوقف، فمع توليفة اللاعبين الجيدة التي مزجت بين الخبرة والشباب وبمتوسط معدل أعمار مناسب 27 إلى 28 عامًا، عملت كل التروس بالماكينة الألمانية بنجاح ومن ثم تحسنت النتائج والأداء وظهر البايرن قويًا كما كان وحقق كل الألقاب.

التنوع والمهارات الخاصة في قائمة الفريق، بالإضافة لدكة البدلاء القوية من اللاعبين، كان لهما كلمة السر في تطبيق المدرب لكل أفكاره بأريحية كبيرة ومرونة تكتيكية وفنية أكبر، وحققت له كل ما أراد واستطاع أن يخرج من كل لاعب أقصى ما لديه ليحدث طفرة في المستوى والنتائج ويقود البافاري للثلاثية التاريخية وربما السداسية في نهاية العام بكل أريحية واستحقاق.