علي ماهر باشا، أو “رجل الأزمات”، أو”رجل الساعة”، ذلك السياسي المصري، الذي عُرف بحنكته وذكائه ومهاراته السياسية، كما اشتهر بالدهاء في معالجة المهمات لصعبة، فهو من أعيان الشراكسة في مصر، والده محمد ماهر باشا، وكيل وزارة البحرية ومحافظ القاهرة.

درس علي ماهر، القانون في مصر وفرنسا، وعمل بعد تخرّجه بالتدريس في مدرسة الحقوق وأصبح مديرًا لها

نشأته

في التاسع من نوفمبر عام 1881، ولد على ماهر باشا لأسرة من أعيان الشراكسة في مصر، حتى أن والده محمد ماهر باشا كان يعمل وكيلًا لوزارة البحرية ومحافظًا للقاهرة، وهو ما مكنه من الحصول على تعليم متميز، حتى حصل على البكالوريا من المدرسة الخديوية عام 1898، والتي التحق بعدها بمدرسة الحقوق وحصل منها على ليسانس الحقوق عام 1903، وسافر بعدها إلى فرنسا لاستكمال دراسة القانون، ليصبح أحد أشهر رجال القانون والحقوق في مصر.

درس القانون في مصر وفرنسا، وعمل بعد تخرّجه بالتدريس في مدرسة الحقوق وأصبح مديرًا لها، كما عمل في المحاماة والقضاء، وعمل مديراً لمدرسة الحقوق، وساعد على الاتصال بين عدلي وسعد زغلول عام 1920، وهكذا سهل المفاوضات المصرية مع اللورد ملنر.

تولى على ماهر باشا رئاسة الحكومة، 4 مرات، إلا أن سنوات توليه للحكومة كانت من أصعب السنوات في تاريخ مصر

علي ماهر باشا

السياسة في حياته

اهتم على ماهر باشا، بالعمل السياسي فانضم لحزب الوفد بعد تأسيسه عام 1919، ثم انضم بعدها إلى حزب الأحرار الدستوريين، لينتقل بعدها إلى العمل الوزاري، حيث تم تكليفه بحقيبه وزارة المعارف “التعليم” في الوزراة التي شكلها أحمد زيور باشا عام 1925، ثم وزيرًا للمالية في وزارة محمد محمود باشا عام 1928، ثم وزيرًا للحقانية، وهي وزارة العدل حاليًا، في وزارة إسماعيل صدقي باشا عام 1930، حتى أصبح رئيسًا للديوان الملكي 1935.

تولى على ماهر باشا رئاسة الحكومة، 4 مرات، إلا أن سنوات توليه للحكومة كانت من أصعب السنوات في تاريخ مصر ليس بسببه لكن بفضل الأزمات العالمية، حيث شكل وزارته الأولى في يناير 1936 والتي شكل فيها هيئة المفاوضات المصرية البريطانية، وأجرى فيها انتخابات عامة حرة حصل على إثرها حزب الوفد أغلبية ساحقة في البرلمان، كما نادى خلالها بتنصيب الأمير فاروق ملكًا على البلاد خلفًا لوالده الملك فؤاد ليصبح بعدها على ماهر باشا رئيسًا للديوان الملكي في أكتوبر 1937 وبمثابة مستشار للملك الشاب.

علي ماهر باشا

وفي أغسطس عام 1939 شكل على ماهر باشا، وزارته الثانية والتي اندلعت خلالها الحرب العالمية الثانية والتي عين فيها الفريق عزيز بك المصري رئيسا عام لأركان حرب الجيش المصري، بهدف الحفاظ على الجيش وتجنيب مصر ويلات الحرب، حتى قدم استقالته في 29 يوليو 1940 احتجاجًا على التدخلات البريطانية المستمرة في الشئون المصرية.

وعقب حريق القاهرة واندلاع المظاهرات ضد الإنجليز، شكل على باشا ماهر وزارته الثالثة في 27 يناير 1952، حتى استقال منها، ليعود إليها مرة أخرى في 24 أغسطس 1952 بعد قيام ثورة يوليو والذي عهد إليه مجلس قيادة الثورة بمهمة تشكيل الوزارة الجديدة ليصبح أول رئيس حكومة في عهد الجمهورية.

“الحل الوحيد لما تعانيه مصر الآن هو أن يوضع جميع الزعماء في غرفة يحرسها ديدبان”.. علي ماهر باشا

علي ماهر باشا

كره السياسيين

مجلة “أخر ساعة”، نشرت في عددها الصادر في 13 أكتوبر 1940، تفاصيل لقاء على ماهر باشا رئيس وزراء مصر مع عدد من الشبان، الذين توجهوا إليه يشكون من موقف الزعماء السياسين الذين لا يجتمعون على رأي ولا يتفقون على شئ، ليرد على ماهر باشا قائلًا: “الحل الوحيد لما تعانيه مصر الآن هو أن يوضع جميع الزعماء في غرفة يحرسها ديدبان ويمنعوا من الاشتغال بالسياسة ولا يخرجوا منها إلا بعد انتهاء الحرب”.

رئيس الوزراء، أدهش الشباب برده، حتى أنهم وجهوا إليه سؤالًا: وماذا تفعل رفعتك، ليرد عليهم قائلًا: “وأنا في مقدمة الذين يجب أن يمنعوا من الاشتغال بالسياسة مع باقي الزعماء، فهذا الجيل من الزعماء لم يعد يصلح، وبهذا فقط يمكن لمصر أن تصل إلى ما تريد”، كان هذا الموقف خير دليل على كره علي ماهر للسياسيين.

توفي علي ماهر باشا، يوم 25 أغسطس 1960، في مدينة جنيف، ودُفن بالقاهرة.