“التحرش” هو خطأ المرأة التي ارتدت ملابس أثارت الرجل، وجعلته مقبلًا على التحرش بها، إذ يجب عليها الاحتشام وارتداء ملابس يحددها الرجل ذاته، كي لا يتحرش بها، وحتى لا تستمع إلى جملة “هي عايزاني أتحرش بيها”، أو “تستر نفسها وأنا مش هقرب منها”، هكذا يقول البعض.

ولكن مع هذه المطالب، نجد أن التحرش اللفظي والجسدي، يُرتكب بحق الفتاة الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة، إلى المحجبة فضلًا عن المنقبة، فلا رحمة في التحرش حتى وإن كانت الفتاة ميتة.

الفن مرآة المجتمع أم العكس؟

خلط الجميع بين كون الفن مرآة المجتمع، ينقل ما يدور فيه على الشاشة، وبين كونه يحول الظاهرة النادرة إلى أمر واقع بعرضه ونشره بصورة كبيرة، حتى يعتاد الجميع على أن هذا أمر طبيعي، ومع هذا الاختلاف نُصبح في النهاية أمام حقيقة واحدة، وهي أن للأعمال الفنية تأثير كبير على الأوضاع الاجتماعية، وعلى الجمهور.

وكان من التأثيرات السلبية التي رسختها الدراما خلال السنوات الأخيرة في عقول المشاهدين، التقليل من “قيمة المرأة”، لما تخرج به من مظهر، سواء على المستوى الشكلي أو المضمون المُقدم عن الشخصية نفسها، فأصبح المصدر على الشاشة هو المرأة الهشة التي تُغلب على أمرها فلا تستطع أن تتفوه بكلمة، والتي يتم تقييمها بناء على ملابسها أو صفاتها الشكلية والتي يتم التحرش بها ويؤخذ الأمر على محمل “الكوميديا”.

عادل إمام.. مشاهد عديدة

يعد الفنان عادل إمام، من أكثر الفنانين الذين ظهروا أمام الشاشة في أدوار “تحرش” على محمل “الكوميديا”، مثل: فيلم “بوبوس”، والذي وصل فيه التحرش إلى جسدي وليس لفظي فقط.

كذلك فيلم “التجربة الدنماركية” الذي جاء به العديد من الإيحاءات الجنسية، و”مرجان أحمد مرجان” و”عريس من جهة أمنية” وغيرها من الأعمال الفنية في مشواره، والتي تم استخدامها للترويج التجاري أكثر منه عامل آخر.

متلازمة

ويعد أشهر أنواع التحرش التي تم تداولها في السينما أو الدراما، هو “التحرش الكوميدي”، والذي تواجد في كثير من الأعمال والتي يتم تداوله خلاله المشاهد كي يُضحك الجمهور، ليتحول الأمر إلى متلازمة مع المشاهدين.

وكان على سبيل المثال فيلم “عمر وسلمى” والتحرش الذي قام به تامر حسني خلال أحداث الفيلم أكثر من مرة، وأيضًا استخدامه نفس الطريقة في “سيد العاطفي” حيث انتشرت بعده عبارة “هو ده”، و”كابتن هيما” و”أهواك”.

وأيضًا كان من أشهر مشاهد التحرش الكوميدية فيلم “رغدة متوحشة”، والذي كان التحرش به ظاهرًا لفظًا وموضوعًا، وجسده حمدي الوزير بنفسه بعد أن أصبح “رمزًا” للتحرش لدى الجمهور.

كذلك “البيه رومانسي” وغيرها من الأعمال التي تناولت التحرش بشكل كوميدي لكي يتم إضحاك الجمهور، ولكنها تصبح متلازمة وفعل للجمهور نتيجة لرؤيتهم تلك المشاهد بشكل لا إرادي.

مع عرض قصص إنسانية عن التحرش على الشاشة، من وجهة نظر ترهيبية أكثر منها استخدام وترويج إنتاج للعمل، نجد أننا أمام مشاهد عن التحرش قد يستخدمها بعض الجمهور من باب التقليد لما رأى، ولكن هي الهدف الأساسي منها هو إصابة المشاهد بالاشمئزاز للبعد عن هذا الفعل، وهذا نجده في فيلم “واحد صفر” على سبيل المثال، لتقدم الفنانة “انتصار” واحدًا من أفضل مشاهدها حين قام أحد ركاب الأتوبيس بالتحرش بها لتتصدى له بالضرب.

وكان أيضًا فيلم “عمارة يعقوبيان” الذي ظهر به “طلال” مدير محل الملابس الذي يتحرش بجميع العاملين لديه، بالترغيب أو بالتهريب، ليكن من أقسى المشاهد عندما تقول والدة “هند صبري” بالعمل “سلوى عثمان” لابنتها: “لو من فوق الجيبة يبقى خلاص”، في مشهد قاسٍ جدًا على المشاهد، والذي من المفترض أن يُرهب المجتمع من هذا الفعل، ولكننا نجد أن البعض يتبنى منطق سلوى عثمان على سبيل الجدية ويتعامل به مع موظفاته.

في الدراما

أما مشاهد التحرش في الأعمال الدرامية فكانت ذات طابع خاص، لأنها عرضت الأمر بشكل أشد تقززًا عن السينما، لنجد العبارات الحوارية مليئة بـ”هو ده منظر واحدة تتعاكس”، و “أنتي اللي عايزة تتعاكسي”، أو نظرات متحرشة مصاحبة لكلمات بذيئة من أبطال العمل تصحبها ضحكات من البطلات، وكأن هذا هو الطبيعي، لتتحول أغلب الأعمال الدرامية إلى مشاهد لا تخلو من التحرش، متجاهلة دور المرأة في أي شيء آخر، وكأنها سعلة جنسية يتم عرضها فقط للاستفادة منها على الشاشة ليس إلا.

فضح التحرش

يُعد فيلم “678” أهم الأعمال الفنية التي ناقشت التحرش بأكثر من صورة، حيث فضح كل من المتحرش والمتحرش به، فالأول يقوم بفعلته بكثير من الصور المختلفة والمفعول به يصمت لأن المجتمع يجبره على ذلك حتى لا يوصم بالعار.

فضح الفيلم تبرير التحرش بشكل فعلي، حين طالبت بعض المنظمات برفع العمل من السينما لأنه يسئ إلى سمعة مصر، ويوجه الفتيات للتعامل بعنف مع المتحرش، وكأنها ترمي باللوم الكامل على المرأة مرة أخرى، لتتضح حقيقة الأفكار التي ترسخت لدى البعض نتيجة مشاهدة أعمال على مدار أعوام، تهيئ وتساعد على التحرش، وتؤكد أن “العيب” يقع على الفتاة، وأن الرجل لا لوم عليه.