الخدمة أو السلعة بثمن.. لا يوجد شيء مجاني، بل حتى يمكن أن تتبرع إجباريا من راتبك لمساعدة الحكومة.. تلك سياسة جديدة خلال الفترة الحالية والمستقبلية، انتهى زمن «اللي مالوش أهل الحكومة أهله» كما كانت تقول راقية إبراهيم في فيلم زينب.
ووافق مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، بفرض رسم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة، أو الطلاب الباقين بذات المستوى، من المُلتحقين بنظام الساعات المعتمدة أو النقاط المُعتمدة، وكذلك المتقدمين للامتحانات من الخارج، وأن يعمل بذلك اعتباراً من العام الدراسي المقبل.
حدد مشروع القانون الحد الأدنى والأقصى لهذا الرسم، ليكون من (6 إلى 12) ألف جنيه لكليات الطب البشري وطب الأسنان، ومن (5 إلى 10) آلاف جنيه، لكليات الهندسة والحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي والصيدلة والعلاج الطبيعي. ويكون من (4 إلى 8) آلاف جنيه، لكليات الطب البيطري والزراعة والعلوم والتمريض، ومن (3 إلى 6) آلاف جنيه للكليات والمعاهد الأخرى.
تنص المادة (21) من الدستور بكفالة مجانية التعليم في جامعاتها ومعاهدها وفقاً للقانون، وأنه في ضوء هذا الالتزام تقوم الدولة بتوفير فرصة التعليم المجاني للطلاب المصريين.
وزير التعليم العالي والبحث العلمي برر مشروع القانون، قائلا: “استخدام الحق في مجانية التعليم يجب ألا يضر بالصالح العام، حيث إن استمرار تحمل الدولة تكاليف تعليم الطلاب الراسبين سوف يؤدى حتما إلى الحد من الفرص المتاحة للطلاب المجتهدين بالصورة المرجوة إزاء محدودية موارد الدولة المخصصة للتعليم. وأصبح لزاماً على المُشرع التدخل بٍسَن قانون يحمل الطلاب الراسبين بجامعات الدولة ومعاهدها جزءاً على الأقل من المصروفات الدراسية لهؤلاء الطلاب بحسبان أنهم هم من أضاعوا على أنفسهم فرصة التعليم المجاني التي كفلتها لهم الدولة برسوبهم. وإذا ما أراد هؤلاء الطلاب الاستمرار في الدراسة عليهم تحمل جزء من التكاليف الفعلية التي تتكبدها الدولة نتيجة إعادتهم السنة الدراسية، وليس تحميل الدولة بأعباء ناجمة عن تقصيرهم في دراستهم.
ونص مشروع القانون على ألا تفرض الرسوم المنصوص عليها في القرار على الطلاب الملتحقين بفروع الجامعات في الخارج، أو بالبرامج الدراسية الخاصة بمصروفات، ويحدد مجلس الجامعة سنوياً المقابل المالي السنوي لتكلفة الدراسة.
الجامعات الأهلية
وتوسعت الدولة خلال السنوات الماضية في إنشاء الجامعات الخاصة والأهلية، فخلال الفترة من 2014 إلى 2020 زادت عدد الجامعات الأهلية والخاصة من 18 إلى 35 جامعة تضم عدد 168 كلية بزيادة 32 كلية، فيما بلغ عدد الجامعات الحكومية 27 جامعة حكومية بزيادة 4 جامعات منها 3 جامعات أنشئت في العامين الأخيرين فقط هي جامعات (الوادي الجديد، مطروح والأقصر.
وحسب وزير التعليم العالي، الدكتور خالد عبد الغفار، فإن عدد الطلاب الذين تستوعبهم الجامعات الخاصة لا يزيد عن 6% من عدد المقبولين في الجامعات بشكل عام، والدولة تستوعب 94% من باقي الطلاب، مشيرا إلى أن الوزارة تتدخل في كافة الأمور الخاص بالطلاب حتى في الجامعات الخاصة.
وأعلنت وزارة التعليم العالي، المصروفات الدراسية للبرامج المختلفة، في الجامعات الأهلية الثلاثة، والمقرر أن تبدأ الدراسة بها خلال العام الدراسي الجديد 2020ـ 2021، وحددت الوزارة مجال الطب بـ 105آلاف جنيه ومجال طب الأسنان بـ 97 ألفا ومجال الصيدلة بـ 85 ألفا، والعلاج الطبيعي بـ 63 ألفا والهندسة بـ 69 ألف جنيه. مجال علوم التمريض 31 ألف جنيه، مجال الزراعات الصحراوية 43 ألف جنيه، مجال العلوم الأساسية المتقدمة 48 ألف جنيه، مجال الغذاء والصناعات الغذائية 43 ألف جنيه، مجال العلوم الاجتماعية والانسانية 43 ألف جنيه، مجال اللغات التطبيقية 43 ألف جنيه، مجال الدراسات القانونية 45 ألف جنيه، مجال العلوم الادارية 46 ألف جنيه، مجال السياحة والضيافة 40 ألف جنيه، مجال الإنتاج الإعلامي 50 ألف جنيه. مجال الفنون 49 ألف جنيه. مجال العلوم الهندسية 69 ألف جنيه. مجال علوم وهندسة الحاسبات 69 ألف جنيه. مجال العمارة 69 ألف جنيه. مجال علوم وهندسة المنسوجات 58 ألف جنيه.
المواطن يتحمل
لم يكن المشروع الجديد الوحيد الذي لجأت الدولة فيه إلى تحمل المواطن سواء تكلفة الخدمة بالكامل، بل أن المواطن أصبح يتحمل أيضا أعباء جديدة في إطار سعى الدولة إلى زيادة الموارد من جيب المواطن، فمع انتشار فيروس كورونا وانخفاض إيرادات الدولة بنحو 200 مليار جنيه، بحسب وزير المالية، د. محمد معيط، نتيجة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة، اتجهت إلى إصدار قانون بخصم 1 في المئة من رواتب العاملين بالدولة و0.5 بالمئة من أصحاب المعاشات، علي أن يعفي من هذا القانون أصحاب الدخول الذين لا يزيد صافي دخولهم شهرياً على 2000 جنيه. لمواجهة الأثار السلبية لفيروس كورونا، لمدة عام، وفتحت الحكومة حسابا بنكيا في البنك المركزي لجمع تلك الأموال.
تعديل القوانين
وتوالت تعديلات القوانين أيضا لزيادة موارد الدولة ومنها رفع رسم الراديو في السيارات إلى 100 جنيها، كما وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال على مجموع مواد مشروع قانون صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع رئيس مجلس الوزراء، ويهدف الصندوق إلى دعمهم في كافة النواحي الاقتصادية والصحية والتعليمية والتدريبية وغيرها وصرف المساعدات المالية التي تقرر وفقا لأحكام هذا القانون.
ويعتمد الصندوق في تمويله علي رسوم فرضتها الدولة علي باقي أفراد الشعب أهما: فرض رسوم بقيمة خمسة جنيهات علي رخصة القيادة بجميع أنواعها و رخصة تسيير المركبات بجميع أنواعها, واستخراج شهادة صحفية الحالة الجنائية, بجانب رسوم علي كل طالب في مرحلة التعليم قبل الجامعي علي أن تزيد إلي عشرة جنيهات للمرحلة التي تليها، كما يخصم مبلغ شهري من أجور جميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة وشركات القطاع العام والقطاع الخاص والبنوك الحكومية وغير الحكومية وغيرهم، على النحو التالي: مبلغ 3 جنيهات حتى الدرجة الوظيفية الثالثة، مبلغ 5 جنيهات حتى الدرجة الوظيفية الأول، مبلغ 10 جنيهات للدرجات الوظيفية فيما فوقها.
الفرق من جيب المواطن
وفى نفس الاتجاه، أصدرت وزارة التموين والتجارة الداخلية قرارا بشان تحديد تكلفة إنتاج الخبز المدعم، بعدما ارتفعت تكلفته بسبب القرارات الحكومية برفع أسعار المحروقات وارتفاع أجور العاملين بقطاع المخابز بعد موجة ارتفاع الأسعار التي شهدتها البلاد منذ تحرير أسعار الصرف وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وبدلا من تحمل الحكومة فرق تكلفة سعر الرغيف اتجهت لتحميل المواطن الفارق عبر تخفيض وزن الرغيف من 110 جرام إلى 90 جرام، مع ثبات سعره عند 5 قروش للرغيف، في حين أن الحكومات السابقة كانت تتحمل فروق الأسعار بدلا من تحميلها للمواطن العادي.
كانت المخابز قد طالبت وزارة التموين والتجارة الداخلية بإعادة النظر في تكلفة إنتاج رغيف الخبز نتيجة ارتفاع الأعباء والأسعار، كما اعترضت على البند الخاص بدفع تأمين 3 أيام قبل الحصول على الدقيق من المطاحن، وفقا لتعديلات المنظومة الجديدة للخبز التي أقرتها وزارة التموين.
وكان البند الخاص بدفع صاحب المخبز للتأمين تسبب في أزمة بين وزارة التموين والتجارة الداخلية والمخابز، حيث احتج عدد كبير من أصحاب المخابز بالمحافظات على بند التأمين، بسبب نقص السيولة في ظل وجود مستحقات متأخرة لدي الوزارة للمخابز تقدر بمليار جنيه. تشير التقديرات إلى أن تخفيض وزن الرغيف يوفر نحو مليار جنيه للدولة فرق تكلفة إنتاج الخبز.
نسبة الفقر في مصر لتصل إلى 32.5% بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء
يذكر أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قد أصدر تقرير كشف فيه عن ارتفاع نسبة الفقر في مصر لتصل إلى 32.5% في عام 2017-2018، بدلا من 27.7%، رغم رفع قيمة حد الفقر من 482 جنيه شهريا للفرد إلى 735 جنيه.
بلغ قيمة خط الفقر في البحث الجديد للمركزي للإحصاء الصادر مؤخرا عن الفترة 2017-2018، نحو 8827 جنيهًا للفرد في السنة، ما يعادل 735.6 جنيها للفرد في الشهر. في حين تبلغ قيمة خط الفقر المدقع 5889.6 جنيهًا للفرد في السنة أي ما يعادل 490.8 جنيهًا للفرد شهريًا. كان خط الفقر، حسب آخر بحث للدخل والإنفاق عام 2015، هو 482 جنيها شهريًا للفرد.
تجدر الإشارة إلى أنه كانت هناك مناقشات حول خفض حصة الفرد من الخبز من 5 أرغفة يوميا إلى ثلاثة أرغفة، لكن تراجعت الحكومة على اتخاذ تلك الخطوة بعدما لاقت اعتراضا كبيرا في الأوساط الشعبية.
يؤدى خفض وزن الرغيف إلى زيادة استهلاك الخبز، حيث أصبح حصة الفرد تعادل أربعة أرغفة بالوزن الجديد، مقارنة بخمس أرغفة القديمة وهو ما يؤرق الطبقة الفقيرة التي تعتمد في غذائها بشكل كبير على رغيف الخبز.
وتحتل محافظة أسيوط المرتبة الأولى في أفقر المحافظات في مصر بنسبة 66.7%، تليها محافظة سوهاج بنسبة 59.6%، ثم الأقصر بنسبة 55.3%. ويعد 51.9% من سكان ريف الوجه القبلي، الذين يمثلون 25.2% من السكان، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، مقابل 27.3% بريف الوجه البحري، وتقل هذه النسبة في حضر الوجه القبلي إلى 30%. في حين تبلغ نسبة الفقراء في المحافظات الحضرية، 26.7%، وشهد حضر وريف الوجه البحري، وحضر الوجه القبلي والمحافظات الحضرية ارتفاعًا في مستويات الفقر بين عامي 2015 و2017/2018. بينما شهد ريف الوجه القبلي انخفاضًا في نسبة الفقراء رغم بلوغها 51.9%، وهي الفئة الأكثر استخداما للخبز.
صندوق النقد
كما رفعت الدولة أسعار الكهرباء والمياه، بحسب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لتصل الأسعار إلى السعر العالمي، وبعض الأحيان تتجاوز السعر العالمي، مثل سعر الغاز للمصانع الذي خفضته الحكومة من 6 دولار إلى 4.5 دولار للمصانع، في حين أن السعر العالمي يتراوح ما بين 2.5 إلى 3 دولار للمليون وحدة مكافئة. السنة الحالية شهدت أيضا رفع أسعار كافة الخدمات المقدمة للدولة ورفع أسعار استخراج شهادات الميلاد والوفاة، وتراخيص السيارات ورخص القيادة.