نشرت فتاة عشرينية، رسالة من أحد فنادق الإسكندرية، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، تخبرها بأن الحجز للعائلات فقط وغير مسموح بتواجد الشابات العازبات اللاتي تقل أعمارهن عن أربعين عامًا.

المنشور الذي حظي بانتشار واسع، تبعته تعليقات من أخريات عازبات، كشفن خلالها عن مواجهتهن نفس المشكلة، عندما أردن التوجه لعروس البحر المتوسط لقضاء العطلات أو حتى لجولات عمل، فكانت أبواب عدد من الفنادق تخبرهن بمنع استقبالهن.

فنادق “خمس نجوم”

لاستيضاح الأمر ولتحديد عينة الفنادق التي سنتواصل معها، قمت بإجراء أول اتصال مع “فندق” خمس نجوم.

في البدء لم أخبر المدير بهويتي الصحفية، ولكن أعلمته برغبتي في الحجز إلا أن المشكلة التي أواجهها أنني فتاة بمفردي بالإسكندرية، فأطلعني أنه مسموح باستقبال أي فتاة أكبر من 18 عامًا، قائلا: “تقوم بالحجز، وهذا متبع في كافة الفنادق على مستوى العالم، فهي مواطنة ولا توجد ولاية عليها”.

وتابع بعد معرفة هويتي: “نحن لا نعمل بمزاجنا ولكن عملنا والممنوعات حسب تعليمات ومنشورات وزارة السياحة، وإلا فمن حق العميل الاتصال بشركة السياحة للإبلاغ حال رفض استقباله”.

وعن الممنوعات في كافة الفنادق وليس “خمس نجوم” فقط، أكد “أنه ممنوع استقبال زوجين مصريين دون قسيمة زواج، أو دون قرابة من الدرجة الأولى”.

وتابع: “نتبع سياسات واحترازات لمنع أي مخالفة من الداخل ونضع غرف الفتيات بجانب كاميرات المراقبة بالدور، فلو قامت بالدخول لغرفة شخص أو قام هو بالدخول إلى غرفتها يتحرك الأمن لمنع ذلك وإنهاء حجزهما لأنهما كسرا القواعد المنصوص عليها قانونيًا”.

رفض وقبول

علمنا أن “العينة” المناسبة التي سنتواصل معها هي فنادق فئة “الثلاث نجوم” والنجميتين”، وهو تقييم الفنادق الذي حددته وزارة السياحة بناء على الخدمات التي تقدمها، واستفسارنا عن الحجز للفتيات دون وجود عائلة أو زوج.

أخبرنا موظف الاستقبال في فندق درجة ثالثة أنه ممنوع الحجز للفتيات بمفردهن، موضحًا أنه منشور من وزارة السياحة، وأنهم يستقبلون العائلات فقط.

وبسؤاله عن السبب، أكد أن تلك تعليمات الفندق وتعتبر نوعًا من العرف الاجتماعي، قائلا: “تستطيعين الحجز في فنادق الدرجة الرابعة والخامسة بسهولة”.

فيما أخبرنا فندق آخر أنهم يرفضون استقبال الفتيات ويرحبون بالعائلات فقط لأن تلك قواعدهم، وتلك سياسة العرض والطلب لديهم ولا يرغمون أحدًا عليها.

استقبال مشروط

6 فنادق أخرى كانت درجة ثانية وثالثة أيضًا، رحبت باستقبال الفتيات، ولكن بشروط.

يقول مسئول أحد الفنادق، إنه يجب أن تكون الفتاة من غير سكان الإسكندرية بناء على بطاقتها الشخصية، موضحًا أن هذا تشترطه وزارة السياحة، وهو ما أكده الآخرون.

وفي فندق آخر قال المسئول: “قد تكون فتيات الإسكندرية هاربات من أسرهن ويختبئون داخل فندقنا، وهذا ما يجعلنا عرضة لمشاكل نحن في غنى عنها”، موضحا أن نفس الحال تنطبق على أي مواطن سكندري وليس فتاة فقط.

وأوضح فندق ثالث “أنه إذا قدمت الفتاة ما يثبت أنها مواليد الإسكندرية ولكن إقامتها خارج المدينة سيحق لها حجز غرفة”.

لا تفرقة بين الرجل والمرأة

تواصلنا مع غرفة المنشآت الفندقية بالإسكندرية، وأرسلنا إليها أسماء الفنادق التي رفضت استقبال البنات بمفردهن.

وكشف أنطوان غزال، رئيس غرفة المنشآت الفندقية بالإسكندرية والساحل الشمالي ومطروح، أنه لا يوجد في القانون ما ينص على هذا، كما أنه غير صحيح أن هناك منشور من وزارة السياحة بهذا، قائلا “وإلا كنا كغرفة من نقوم بتوزيعه والحصول على صورة من أصله”.

وتابع أنه لا توجد تفرقة بين الرجل والمرأة، فكلاهما متساوٍ في الدستور والقوانين المصرية عامة في الحقوق والامتيازات، موضحا أنه تواصل مع الفنادق الرافضة وثبت أنها لا تتبع وزارة السياحة، عدا فندق واحد منها أقر بحرصه في عملية تسكين الفتيات لديه لذلك كتب للعائلات فقط”.

وتابع واصفًا تلك الفنادق بـ”المشبوهة”، موضحًا أن أغلب فنادق الدرجة الأولى والثانية والثالثة تتبع المحافظة والبلدية، قائلًا: “طلبنا مرارًا أن تقوم وزارة السياحة بالإشراف عليها مباشرة لأنها تضع قواعد مخالفة وتصبح مشبوهة وتشوه سمعة بقية الفنادق”.

وأكد أن جميع الفنادق التي تشرف عليها وزارة السياحة ترحب بأي فتاة، كما يتم الرقابة على هذه الفنادق والتفتيش لضمان وجود الخدمات للمواطنين والتزامها بما يقره تقييمها من علامات سواء كانت درجة أولى حتى الخامسة.

ماذا تقول القوانين؟

لم تكن هناك قوانين أو تشريعات تنظم العمل السياحي في مصر حتى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، حيث كانت تحكمها القوانين العامة مثل القانون التجاري والقانون الجنائي وبعض اللوائح الخاصة بالأجهزة الأمنية.

ومع ارتفاع معدلات الحركة السياحية المطردة إلى مصر وازدياد الممارسات العملية للأنشطة السياحية وتشعبها، برزت الضرورة الملحة لوضع تنظيم قانوني وتشريعي خاص بالعمل السياحي لتنظيم أعماله وأنشطته المتعددة وفرض الرقابة الحكومية عليها، وذلك لحماية السائحين من جهة والحفاظ على صورة مصر وسمعتها كمقصد سياحي له تاريخه وعراقته من ناحية أخرى.

كذلك كان يوجد قانون رقم “1” لسنة 1973 الخاص بالمنشآت الفندقية والسياحية، وكان هو الوحيد للتعامل مع نصه، وكان عليه تعديلات ومنشورات وزارية ورئاسية منشورة في جريدة الوقائع المصرية الجريدة الرسمية للبلاد.

وينص قانون رقم “1” لسنة 1973 المنشآت الفندقية والسياحية على أنه يجب الالتزام بحجز أو تأجير الأسرة الخالية، وكان نص مادته كالآتي: “تلتزم المنشأة الفندقية بالإعلان عن الأسرة الخالية والمشغولة بها في لوحة قسم استقبال النزلاء، وفى هذا الحالة تلتزم المنشأة بحجز الأسرة الخالية بها أو تأجيرها للنزلاء، ولا يجوز لها الامتناع عن ذلك إلا إذا رفض طالب الحجز تقديم الضمانات المطلوبة للمنشأة أو قامت لدى هذه المنشآت أسباب جدية تبرر عدم الحجز أو التأجير لهذا النزيل”.

تصرفات فردية

بدوره، أكد عبد الرحمن أنور، عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية سابقاً، أن شركة أكور العالمية بفرنسا هي من تفعل ذلك وتبرز في مداخل فنادقها الأسرة الخالية والحجوزات لديها لتكون واضحة وشفافة للنزيل، عدا ذلك فجميع الفنادق لا تتبع القانون.

وتابع أن جميع المهتمين بالشأن السياحي طالبوا بتشريع قانون موحد للسياحة يقوم بجمع جميع المواد وتفنيدها وتنقيتها، إلا أن المشروع توقف بعد رحيل مبارك عن الحكم.

وأشار إلى أن من يقوم بوضع تلك القواعد هي الفنادق نفسها، ويكون تصرف فردي لا أساس له من الصحة، وأحيانًا موظفو الأمن والاستقبال، قائلا: “حدثت معي شخصيًا في أحد فنادق الإسكندرية الذي رفض استقبالي كوني عازبًا، فقمت بالاتصال بصاحب الفندق الذي أكد أن موظف الاستقبال تصرف دون الرجوع للإدارة”.

وتابع “نوار” أن نظرية المؤامرة والواعظ الأخلاقي تسيطر على صغار الموظفين، ويتساءلون لماذا تأتي فتاة أو رجل بمفرده؟، وهذا سلوك مستهجن للغاية، مطالبًا بضرورة منح العمالة تدريبات ودورات للتعامل مع النزلاء وحسن التصرف.