زيوت الطعام أحد أهم المكونات الغذائية وهي عنصر أساسي لا تخلو منه المائدة المصرية وأحد مدخلات الطعام الأساسية.
واستخدام الزيوت في الطعام، أحد اكتشافات وإسهامات قدماء المصريين، حيث استخدمه الفراعنة في طعامهم وفي العديد من الأغراض الطبية، وتم إنتاجه من حبوب الكتان وبندق أشجار “المورنجا”، والآن أصبحت الزيوت تستخدم في قلي كل أنواع الأغذية من البروتينات، مثل السمك والدجاج واللحوم والبيض، وأنواع كثيرة من الخضراوات مثل البطاطس والباذنجان بل والموز المقلي في الدول الاستوائية، ويضعها المطبخ المصري ضمن مكونات “التسبيكة” التي تشتهر بها “الأكلات المصرية”.
إنتاج واستهلاك
كشفت دراسة لرئيس قسم بحوث المحاصيل الزيتية بمعهد المحاصيل الحقلية، الدكتورة سمر منير، أن مصر تستورد 5.7 مليون طن سنويًا من الزيوت والبذور الزيتية، منها 2 مليون طن زيوت، و3.7 مليون طن بذور زيتية يتم عصرها في مصر بتكلفة تبلغ أكثر من 25 مليار جنيه سنويًا.
وكشف تقرير حديث عن استهلاك الزيوت في مصر، أن نسبة 26% من الاستهلاك هي المسلي النباتي الذي يعتمد في إنتاجه على “زيت النخيل” المستورد بالكامل بكمية 700 آلاف طن سنويًا، وتشكل زيوت الطعام نسبة 65% من الاستهلاك 73% منها زيت بذرة القطن وفول الصويا، و13% زيت الذرة، و14% زيت دوار الشمس، ويتبقى 7.7% من استهلاك مصر من الزيوت يذهب لصناعة الشوكولاتة والبسكويت.
رئيس مجلس القطن المصري التابع لوزارة الزراعة، الدكتور محمد عبد المجيد، صرح بأن متوسط استهلاك الفرد في مصر من الزيوت يصل إلى 20 كيلو جرام في السنة، وهو ما يقل عن المتوسط العالمي البالغ 32 كيلوجرام للفرد.
وأكد أن مصر تنتج 3% فقط من احتياجاتها من زيوت الطعام سنويًا، وتستورد 97% المتبقية.
معهد بحوث المحاصيل الحقلية بالمركز القومي للبحوث، أعلن أن المساحات المنزرعة بالمحاصيل المنتجة للزيت هذا العام، بلغت 160 ألف فدان، موضحًا أن الفول السوداني ينتج 240 ألف طن، و64 ألف فدان سمسم تنتج 38 ألف طن، و28 ألف فدان دوار الشمس تنتج 37 ألف طن، و2000 فدان كانولا تنتج 2800 طن، بالإضافة إلى 26 ألف فدان مزروعة بالكتان تنتج 13 ألف طن.
وذكر أن هناك خطة للتوسع في زراعة المحاصيل الزيتية لتقليل الاستيراد، خاصة ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان بالوادي الجديد، مشيرًا إلى أن معوقات التوسع تشمل عدم وجود تعاقدات لشراء المحصول بين المزارعين والمصانع، كما أن أسعار المحاصيل الزيتية ما زالت غير مجزية لزراعتها.
تجارة الزيوت عالميًا
ينتج العالم ما يتجاوز 18 مليون طن من زيت عباد الشمس، تتصدر أوكرانيا قائمة الدول المنتجة له بـ أكثر من 5 ملايين طن، وبلغ حجم تجارته عالميًا ما نحو 10 ملايين طن، حيث تصدرت الهند قائمة المستوردين بأكثر من مليوني طن سنويًا.
سد العجز
تسعى الحكومة مؤخرًا إلى مراجعة التركيب المحصولي بهدف التوسع في زراعة المحاصيل المنتجة للزيوت، والتي تضم بذور القطن والتي تبلغ نسبة الزيت بها 20% وتستهدف الدولة رفع تلك النسبة إلى 25%، كذلك فول الصويا والذرة ودوار الشمس والكانولا، لتقليل فاتورة الاستيراد، وتوفير احتياجات السوق المحلية من زيوت الطعام، حيث تشارك في الخطة وزارات الزراعة والصناعة والتموين والتجارة الداخلية.
وتشمل الخطة التوسع في زراعة المحاصيل الزيتية في المناطق المستصلحة حديثًا مثل مشروع المليون ونصف المليون فدان، وطرح مبادرات لتشجيع المزارعين على اختيار محاصيل زيتية، حيث نجحت تجربة في شمال سيناء في جذب 300 مزارع لزراعة 600 فدان بنبات الكانولا الزيتي، رغم نقص معرفة أغلب المزارعين بل والمستهلكين في مصر بفوائده وقيمته الغذائية.
زيت النخيل
تستهدف خطة الحكومة التوسع في زراعة نخيل الزيت، والذي نستورد منه سنويًا نحو مليون طن، كمية كبيرة منها يتم استيرادها من ماليزيا ثاني أكبر المنتجين العالميين لزيت النخيل، ويحتوي زيت النخيل على نسبة متوازنة من الأحماض الدهنية المشبعة وغير المشبعة ونسبة عالية من فيتامين “ه”.
ووفقا لبحوث علمية يحتوي زيت النخيل على معدل يصل إلى 500 جزء في المليون من فيتامين “ه” مما يجعله الأفضل في عملية القلي دون أن يتعرض للهدرجة، وخصائصه المقاومة للأكسدة به ومقاومته لعملية تكوين البوليمرات غير الصحية.
فيتامين “ه” يقى الإنسان من “الزهايمر” والحماية من السكتة الدماغية وسرطان المخ، كما يساعد زيت النخيل على خفض الكوليسترول في الجسم، وهو ما يعزز الدورة الدموية ويقي من أمراض القلب، لهذا يعتبر زيت النخيل البديل المثالي والرخيص لزيت الزيتون.
زيت “الكانولا” وحل الأزمة
يعد زيت “الكانولا” من أكثر الزيوت صحة في العالم، وهو الأكثر استخدامًا في كندا بنسبة 62% من حجم السوق، والثاني في السوق الأمريكية نظرًا لاحتوائه على نسبة 94% من الأحماض الدهنية غير المشبعة، كما يحتوي نبات الكانولا على نسبة من 40 إلى 45% من الزيت عالي الجودة.
“حسين أبو صدام” نقيب الفلاحين، قال إن “الكانولا” نبات شتوي يسمي “اللفت الزيتي” ينتج في المتوسط طن ونصف من البذور، ويمكن تربية النحل في مناطق زراعته، كما تستخدم مخلفات البذور بعد العصر كعلف للحيوانات، ويتميز نبات الكانولا بقدرته على تحمل نقص المياه وإمكانية زراعته في المناطق الصحراوية والمستصلحة حديثًا.
وأكد “أبو صدام” أن إشكاليات زيادة إنتاج مصر من زيت الكانولا هي كونه محصولًا شتويًا يتعرض لمنافسة شديدة مع محصول القمح الاستراتيجي، والبرسيم اللازم لتغذية الماشية، وعدم وجود معاصر لزيت الكانولا، نظرًا لعدم وجود محصول يشجع على الاستثمار في معاصر الزيت له.
وأشار نقيب الفلاحين إلى أن الكانولا نبات مثالي للزراعة في الأراضي الجديدة والمستصلحة، حيث يتحمل نقص المياه ودرجات الملوحة العالية في الأرض، ويحتاج الأمر إلى تدخل للتخطيط بين التوسع في المساحات المزروعة بالتوازي مع إنشاء معاصر لزيت الكانولا.