في مشهد مهيب، تجمع الآلاف يوم 27 أغسطس عام 2014، وأعينهم تزرف الدموع وتردد ألسنتهم الدعاء، وتسيير أقدامهم خلفًا لجنازة صاحب القلب الرحب الذي قبل الجميع باختلافاتهم، وأخذ يدافع عن حقوق الإنسانية والإنسانية بأكملها، فترك الجميع توجهاتهم وانتماءاتهم المختلفة واصطفوا جنبًا إلى جنب لتوديع الأستاذ بمقابر التونسي بالسيدة عائشة، حتى أن أحدهم قال: “الجميع صلى عليه حتى الملحد”.

أحمد سيف الإسلام، هوأحد أبرز المدافعين عن حقوق السُجناء في مصر، بل وحقوق الإنسان بشكل عام، صاحب القلب الرحب الذي حمل على عاتقه مسؤولية العدل ونشر العدالة، وهو ما عرضه للأذى بكافة أشكاله النفسية والجسدية وغيرها.

تزوج سيف الإسلام، من الأكاديمية والناشطة الحقوية الدكتورة ليلى سويف، وله منها ثلاثة أبناء هم علاء ومنى وسناء.

https://www.youtube.com/watch?v=CjaCMPJLCYk

تاريخ من النضال

ولد أحمد سيف الإسلام، في 9 يناير 1951 بمركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة، وتخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1977، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1989 أثناء قضائه لفترة الاعتقال لخمس سنوات في قضية رأي، كما حصل على دبلوم العلوم الجنائية من نفس الجامعة.

سيف الإسلام، هو محام وحقوقي وناشط يساري مصري، شارك في تأسيس مركز هشام مبارك للقانون عام 1999 وتولي إدارته منذ إنشائه، وهو أحد مؤسسي تجمع المحامين الديمقراطيين.

تزوج سيف الإسلام، من الأكاديمية والناشطة الحقوية الدكتورة ليلى سويف، وله منها ثلاثة أبناء هم علاء ومنى وسناء.

اعتقل سيف الإسلام، 4 مرات، مرتين منها في عهد السادات، ومرتين في عهد مبارك

اعتقالات متواصلة

اعتقل سيف الإسلام، 4 مرات، مرتين منها في عهد السادات، ومرتين في عهد مبارك، كان أول اعتقال له لمدة يومين سنة 1972، علي إثر مظاهرات الطلبة من أجل تحرير سيناء، وكان آخر اعتقال أيضًا ليومين سنة 2011، وبينهما كان اعتقاله سنة 1973 بعد مشاركته في الاحتجاجات علي خطاب السادات وتأخره في اتخاذ قرار بالحرب مع إسرائيل، وأفرج عنه مع زملائه قبل حرب أكتوبر بأيام، بعد أن قضى 8 أشهر في السجن.

أما أطول فترات اعتقاله فكانت سنة 1983، حيث قضى 5 سنوات في سجن القلعة، الذي وصفه بأنه كان أبشع بكثير من سجن طرة في التعذيب، بتهمة الانتماء إلى تنظيم يساري، حيث قُبض على 16 شخصًا، أُفرج عن 11 منهم وبقي سيف و4 من زملائه، وكان من بين الاتهامات التي وجهت إليهم حيازة سلاح، وتعرض سيف أثناء هذه الفترة للضرب والتعذيب بالكهرباء والعصي وكسرت قدمه وذراعه، وتقدم وقتها ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة ولكن لم يحقق أحد فيه، وقد ولدت ابنته منى أثناء وجوده في السجن.

في أوائل أيامه بالسجن ولدت ابنته منى، والتي سارت على خطى أبيها فيما بعد

أبناء من نضال

في أوائل أيامه بالسجن ولدت ابنته منى، والتي سارت على خطى أبيها فيما بعد، وأسست بعد 25 يناير حركة “لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين”، أثناء فترة حكم المجلس العسكري.

لم تكن منى وحدها على خطى أبيها، فابنته الثانية سناء ونجله علاء كذلك شاركا أيضًا في الحراك السياسي والتظاهرات نهاية حكم مبارك، وأثناء وبعد قيام ثورة 25 يناير.

“اخترت أن أقضي في السجن 5 سنوات في سجن بلدي أفضل من أن أهرب خارج مصر وأظل محرومًا من بلدي 15 سنة على الأقل”.. أحمد سيف الإسلام

كلمات مؤثرة

تحدث سيف الإسلام، سجن أبناءه، قائلًا: “كانت أمامي فرصة للهروب إلى لندن، حيث كانت زوجتي الدكتورة ليلى سويف وابني علاء، ولكنني تراجعت، على الرغم من أن الأمن نفسه كان سيساعدني على الهرب للتخلص مني كناشط نهائيًا، ورغم ذلك اتفقت مع زوجتي أن أسلم نفسي رغم كل هذه الظروف ورغم أنها كانت حاملا في ابنتي الثانية مني”.

وقال أيضًا: “اخترت أن أقضي في السجن 5 سنوات في سجن بلدي أفضل من أن أهرب خارج مصر وأظل محرومًا من بلدي 15 سنة على الأقل، وسلمت نفسي وقضيت المدة واستغللت تلك السنوات في الدراسة وحصلت علي ليسانس حقوق، وأنا في الأصل حاصلًا على بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية، وولدت ابنتي وأنا في السجن مثلما حدث مع علاء ابني الذي ولد ابنه خالد وهو أيضًا في السجن كأن التاريخ يعيد نفسه”.

أحمد سيف الإسلام
أحمد سيف الإسلام

الحركة الطلابية

شارك سيف الإسلام، في قيادة الحركة الطلابية في السبعينات، واعتقل عدة مرات تعرض خلالها للتعذيب وخاصة في قضية ما سمي بتنظيم الحركة الشعبية، وأثناء وجوده بالمعتقل حصل على ليسانس الحقوق وشارك بعد خروجه متطوعًا للدفاع عن المتهمين من مختلف التيارات في قضايا الرأي.

كان سيف الإسلام أحد المحامين المدافعين عن الـ13 متهمًا بتفجيرات طابا عام 2004

حقوق السُجناء

وكان سيف، عضوًا في فريق المحامين الذي دافع سنة 2008 عن 49 شخصًا حوكموا أمام محكمة أمن الدولة العليا في طنطا، بتهمة الاشتراك في الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في 6 أبريل 2008 تضامنًا مع التحرك العمالي في مدينة المحلة، الذي نظمّه عمال النسيج وشابته أعمال عنف، وانتهت المحاكمات بتبرئة 27 متهمًا وإدانة 22 آخرين.

وكان أحد المحامين المدافعين عن الـ13 متهمًا بتفجيرات طابا عام 2004، والمنتمون لكتائب عبد الله عزام، والصادر ضدهم أحكام بإعدام 3 منهم والسجن المؤبد لآخرين، ولم يصدق المجلس الأعلى للقوات المسلحة علي الاحكام، وتم إعادة محاكمة المتهمين، ودفع سيف الإسلام وقتها بعدم دستورية المحكمة، وبناء عليه تم التأجيل إلى جلسة 13 ديسمبر 2012، لتقديم شهادة إجراءات التي تفيد بعدم دستورية المحكمة، وانتفاء قانون الطوارئ.

توفي الناشط والمحامي المصري المعروف احمد سيف الإسلام في العاصمة المصرية القاهرة جراء مضاعفات صحية إثر إجراء عملية في القلب.