يعاني سكان الريف من أزمات عدة في سبيل تعليم أبنائهم، خاصة فيما يتعلق بطريقة الوصول إلى مدارسهم أو جامعاتهم، نظرًا لافتقار العديد من القرى للخدمات الأساسية بشأن التنقل.

توجد قرى تعيش معاناة يومية بسبب عدم رصف الطرق المؤدية إليها، أو بسبب استخدام عبارات ومعديات متهالكة، كذلك عرقلة الطرق بوسائل نقل قد تودي بحياتهم عند محاولاتهم تجاوزها للوصول للمدارس.

القطار يهدد حياة أبنائنا

أحمد سيد، أحد أهالي قرية كفر عمار التابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة، يقول إن قريته تشهد حوادث مأساوية، نظرًا لأن المدرسة الابتدائية المشتركة تقع في شرق البلاد، ويضطر كل الأطفال الذين يعيشون في غرب القرية إلى المرور على شريط السكة الحديد.

ويضيف أن حوادث وفاة الأطفال أو من يحاولون إنقاذهم من أسفل عجلات القطار تكثر في قريته، ففي نهاية عام 2019 توفي أحد أبناء القرية ويدعى أحمد فراج، عندما حاول إنقاذ طفلتين في الصف الأول الابتدائي، أثناء عبورهما شريط السكة الحديد الواقع وسط القرية، وقت خروج طلاب المدرسة الابتدائية بالقرية.

ويؤكد أن أهالي القرية لطالما تقدموا بشكاوى عدة للمحافظة لإنشاء كوبري عند طريق القطار لحماية الأطفال من المخاطر التي يلاقونها.

دراسة لإنشاء الكباري

المهندس كامل الوزير، وزير النقل، قال في تصريحات سابقة له، إنه يتم دراسة مشروعات لإنشاء “كباري فوق مزلقانات” في عدد من المحافظات المختلفة، مؤكدًا أن لجانا من الهيئة العامة للطرق والكباري، والهيئة العامة لسكك حديد مصر، تقوم بمعاينة طلبات المحافظات بإنشاء كباري علوية فوق بعض المزلقانات على الطبيعة، ضمن دراسة إنشاء تلك الكباري.

وزير النقل أضاف أن هناك 1332 مزلقانا في جميع أنحاء الجمهورية في شبكة السكك الحديدية، مشيرًا إلى أنه تم التخطيط لتطوير الأعمال المدنية لعدد 1102 مزلقان، وتم الانتهاء من 703 مزلقانات منها، كما تم التخطيط لتطوير نُظم التحكم لعدد 1120 مزلقانا وتم الانتهاء من 456 مزلقانًا منها.

عدم تعليم الفتيات

أحمد القناوي، أحد أبناء قرية عزبة صالح بمركز إسنا في محافظة الأقصر، اشتكى من معاناة قريته أيضًا، بسبب عدم رصف الطرق بها، وهو ما يتسبب في إرهاق الطلاب للوصول للمدرسة الابتدائية، خاصة مع وجود الزراعة على الجانبين، وخطورة المنطقة لطلبة الفترة المسائية بشكل عام، والبنات بشكل خاص.

“قناوي” يضيف أنهم يضطرون في أغلب الأحيان لعدم السماح للفتيات بالذهاب للمدرسة بسبب تلك الطرق، وما يحدث فيها من خطف وغيرها من الجرائم التي تمثل خطورة على أبنائهم.

ووفقًا لآخر إحصائية أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فكانت حالة الطرق الرئيسية للقرى في 71.9% منها “مرصوفة وبها مطبات أو حفر”، كما يشير المسح إلى أن 10% من القرى كانت طرقها الرئيسية ترابية، لذلك جاء رصف الطرق وبناء الجسور كثاني أهم الاحتياجات في الريف.

وجاء الـ”توك توك” كأهم وسائل الانتقال في الريف، حيث يتوافر في 78% من القرى، يليه “الميكروباص” الخاص بنسبة 68%، ثم العربات نصف نقل بنسبة 48% بينما لم تزد نسبة وسائل النقل العامة، التابعة للوحدات المحلية على 5%.

معديات الموت

يعاني طلاب المدارس الثانوية لقرى شرق النيل بمركزي ببا والفشن بمحافظة بنى سويف، بسبب الحوادث المتكررة للمعديات المتهالكة العابرة بين ضفتي النيل، ففي النجوع التابعة لقرية الحيبة، ومنها العجرة ودير الحديد تتواجد مدارس الثانوية العامة، والفنية والزراعية والتجارية على الجانب الآخر لمدينة الفشن، والمعديات التي تنقلهم للمدارس متهالكة.

يؤكد أهالي مركز الفشن، أن الطريق للمدارس عبارة عن “عبارات موت” نظرًا لتهالكها، كما أن أغلب طالبات القرى يفضلن المدارس الفنية بنظام المنازل لصعوبة التحرك يوميًا ومن وإلى القرى.

وكذا هي الحال في قرية غياضة، التابعة لمركز ببا، بمحافظة بني سويف، حيث يعبر الطلبة بالقوارب الشراعية للذهاب إلى المدارس الثانوية، وهي أيضًا متهالكة وتتعطل كثيرًا في وسط النيل.

محمد عز، المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات، قال إن الرئيس عبدالفتاح السيسي قد وجه منذ فترة بإلغاء المعديات وإقامة كباري بديلة حفاظًا على أرواح المواطنين، مشيرًا إلى أن تكلفة إقامة الكباري الخرسانية البديلة للمعديات 10 مليارات جنيه.

وأضاف أنه سيجرى التفتيش على جميع المعديات لمراقبة حمولتها حفاظًا على أرواح المواطنين، خاصًة عقب وقوع حادث غرق معدية كوم حمادة بمحافظة البحيرة مؤخرًا.

وذكر “المعديات والمراكب الآلية تابعة للنقل والمعديات الأخرى تابعة للمحليات، لذا أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تكون المعديات تحت إشراف وزارة النقل والمواصلات، وأن يكون الوزير كامل الوزير مسؤولا عن الإشراف عليها ومراقبتها”.

قرى بلا مدارس

ويمثل وجود قرى بلا مدارس، المعضلة الرئيسية التي تدفع الأهالي إلى إلحاق أبنائهم بمدارس خارج القرى، والتي يشكل الوصول إليها مخاطر حقيقية على حياة أبنائهم، خاصة الأطفال منهم.

ووفقًا لإحصائية حديثة أعلنتها وزارة التربية والتعليم، توجد 2300 قرية محرومة من مدارس التعليم الأساسي، حيث احتلت سوهاج المركز الأول في المناطق المحرومة من التعليم.

وفي المركز الثاني جاءت محافظة قنا حيث توجد بها 303 مناطق محرومة من المدارس، بين قرى ونجوع وكفور، وتحتل المنيا المرتبة الثالثة وتوجد بها 291 منطقة محرومة من المدارس، وجاءت البحيرة في المرتبة الرابعة من حيث عدد المناطق المحرومة من المدارس بها، وفيها 270 منطقة بلا مدارس تعليم أساسي.

الدكتور محمد عبد العزيز، الخبير التعليمي، قال إنه لحل أزمة المواصلات التي تواجه طلبة المدارس، خاصة في الريف، فإما تنشئ الوزارة فصولًا ومدارس بالقرب من أماكن سكن الطلبة، وإما أن يتم توفير مواصلات بأسعار رمزية بتعاون وزارة التربية والتعليم مع الجمعيات الأهلية التي وصل عددها مؤخرًا إلى 50 ألف جمعية.