رصدت عدة تقارير حقوقية محلية ودولية، تردي أوضاع السجينات في إيران وسط دعوات حكومية وإصلاحية لتحسين معاملتهن خلف أبواب التأديب الكبيرة.

أوضاع السجينات في طهران ليست على ما يرام، إذ تمارس عليهن ضغوط نفسية كبيرة، لم تقتصر عقوبتهن على أحكام القضاء فقط، ولكن امتد الأمر لمعاقبتهن داخل سجونهن بطرق مختلفة وعنيفة، وتختلف العقوبة في الداخل على حسب نوعية التهمة، وتتنوع بين الضرب والإهانة، والتحرش الجنسي، والاغتصاب، ليبدو للمراقبين الحقوقيين الوضع العام للسجينات سيئ للغاية.

القضاء الإيراني  يقرر الإفراج عن عدد من السجناء في ظل انتشار الوباء باستثناء السجناء السياسيين

أما هؤلاء النساء التي يعاملن بأقسى الطرق على الإطلاق هن من تجدهن متهمات على ذمة قضايا سياسية، ليحمل العديد من رجال الدين والسياسيين في طهران على عاتقهم هذه القضية، إذ أبدوا استنكارهم لتلك الجرائم وطالبوا بوقف تلك الانتهاكات التي تشوه المجتمع الإيراني ككل، وجعلت السلطات محط هجمات واسعة من المنظمات الحقوقية المختلفة حول العالم.

السياسة تفرقهن

 تقبع آلاف السجينات المتهمات بقضايا ذات صلة بالنشاط السياسي، في سجون السلطات الإيرانية سواء الصحافيات، أو الناشطات في مجال حقوق الإنسان، إلا أن أماكن احتجازهن مختلفة عن أقرانهن المتهمات بقضايا جنائية، إذ لا يتمتعن بأي حقوق صحية ولا يحصلن على أغذية جيدة وتمنع عنهن الزيارات والمكالمات الهاتفية لعائلتهن بالمخالفة لأحكام القانون.

إحدى السجينات وتدعى “نرجس محمدي” وتعمل كناشطة في مجال حقوق الإنسان، سجنت عدة مرات، كان أخرها عام2014، سربت رسالة تقول فيها أن لم تتمكن تحصل على موافقة بسماع صوت طفلها عبر مكالمة هاتفية لمدة عام كامل، مطالبة وزير الصحة الإيراني بزيارة سجن “زنجان” الذي تقبع فيه، بسبب تدني أوضاع الرعاية الصحية هناك.

واتهمت “نرجس” التي تبلغ من العمر 48 عامًا، السلطات الإيرانية بالعمل الممنهج لتفشي فيروس كورونا في السجون، عبر إطلاق المصابين به بين أركان السجن لتصاب الأخريات من السجينات.

وضع صحي مقلق

بحسب المركز الدولي لدراسات السجون World Prison Brief فإن عدد السجناء داخل إيران تخطي الحد المسموح به داخل السجن ليصبح الأمر أكثر قلقًا في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد.

أما مكتب منظمة العفو الدولية في فرنسا فقال إن وضع السجناء في إيران مذري للغاية، وأن عدد السجناء داخل السجن الواحد يصل إلى مئات الأشخاص، في الوقت الذي ينصح فيه بالتباعد الاجتماعي، لتجنب تفشي “الفيروس”.

 المحامي الإيراني “بيامدر فشان” الذي دافع عن إحدى الناشطات على موقع نشر الصور والفيديوهات “إنستجرام” والتي لقبت بأنجلينا جولي الإيرانية، أكد أن الوضع الصحي سيئ لجميع السجينات، وأنهن لم يتلقن العلاج الكافي عند أصابتهن “بالفيروس المستجد”.

جاء ذلك تزامنًا مع قرار القضاء الإيراني بالإفراج عن عدد من السجناء في ظل انتشار الوباء باستثناء السجناء السياسيين، وما ما جعل الناشطة الحقوقية “نسرين ستودده”، تبدي اعتراضها على استثناء السياسيين، مشيرة إلى أن السلطان الإيرانية تتبع نهج التضليل في التعامل مع عائلات السجينات.

 أما والدة المعتقلة السياسة “نرجس المحمدي” فانتقدت قرار القضاء الإيراني باستثناء المعتقلات السياسيات، مشيرة إلى أن السجون لا يتوفر فيها أدنى مقومات الحياة الأدمية، إذ يعتدى عليهن بالضرب والسب، حسبما نقلت صحيفة “إيران فوكس”.

الاعتداء الجنسي على السجينات بلغ حد إجبار الفتيات الصغيرات على زواج المساجين

تعذيب السجينات

يستخدم النظام الملالي طرق التعذيب المختلفة من بينها الاعتداء الجنسي من أجل الحصول على الاعترافات في قضايا بعينها، واعتمدت تلك الطريقة مع السجينات منذ نجاح الثورة الإسلامية عام 1979 في الوصول إلى سدة الحكم، ونشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن الاعتداء الجنسي على السجينات بلغ حد إجبار الفتيات الصغيرات على زواج المساجين، وأن هذه الحيل إحدى إبداعات أحد قيادات الحكم.

كما تعرضت السجينات السياسيات على وجهه الأخص للاغتصاب، إذ كشفت الناشطة الحقوقية الكردية “رويا طلوعي” عن إجبارها أثناء اعتقالها على الاعتراف تحت تهديد الضرب والتعنيف والسباب، والاعتداء الجنسي عليها من قبل أفراد الأمن، وأن هذا الأمر معتاد ومباح داخل السجون الإيرانية وأن الشرطة عمدت إلى ترويعيها وتهديديها، بإشعال النيران في جسد طفلها.

الناشطة الحقوقية المختصة بملف العنف ضد المرأة “رشيدا مانعو” كشفت عن وجود عمليات اعتداء جنسي متكررة قبل تنفيذ عمليات الإعدام

وقائع عدة

الناشطة الحقوقية المختصة بملف العنف ضد المرأة “رشيدا مانعو”، كشفت عن وجود عمليات اعتداء جنسي متكررة قبل تنفيذ عمليات الإعدام المنهجي بحقهن، وإنها مستمرة منذ فترة طويلة وألا يمكن للنظام الإيراني إنكارها، وأشارت إلى أن السجينات يعانين من السب بألفاظ بذيئة، وضربهن على أعضائهن التناسلية، وإجبارهن عن المشي على أيديهن.

تقرير طبي من أحدي الأطباء من الموظفين العسكريين ويدعى “شهرام عزام” كشف أن وفاة السجينة المصورة “زهرة كاظمي” جاءت بسبب كسر غائر بالجمجمة وأن جسدها احتوى على علامات تعذيب واضحة وكذلك أنفها، بالإضافة لكدمات جسدها، كما كشف التقرير أن تعرض الفتاة لعملية اغتصاب وحشي وعنيف قبل مفارقتها للحياة، في الوقت الذي قالت فيه الحكومة الإيرانية أن وفاتها جاءت بسبب نزيف حاد في المخ.

85 % من النساء الإيرانيات السجينات يتعرضن للاغتصاب والتعذيب

انتقادات دولية

الحقوقي المعني بحقوق الانسان الإيرانية في الولايات المتحدة “أحمد شهيد” قال إن 85% من النساء الإيرانيات السجينات يتعرضن للاغتصاب والتعذيب، أما الرجال فيتعرض 35% منهم للاغتصاب في السجون.

 كما أدانت “منظمة العفو الدولية” هذه الجرائم ودعت لتشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن التعذيب والاعتداءات الجنسية، والبحث وراء سبب انتحار العديد من السجينات الإيرانيات عقب الإفراج عنهن.

كما فجرت “منظمة الصحة العالمية” مفاجأة تمثلت في رفض الحكومة الإيرانية زيارة الوفد الخاص بها للسجون وتفقد أحوال السجينات، من بينها سجن “إيفين” الذي يضم عددًا كبيرًا من السجينات السياسيات.

انتقادات داخلية

لم يرضى عديد من المسؤولين الإيرانيين وكبار رجال الدين، عن حال السجينات، وسرعان ما اتخذوا هذه الانتقادات على محمل الجد وأدانوا هذه الأفعال الوحشية، إذ انتقد المرشح السابق للرئاسة “مهدي كروبي” والمحسوب على التيار الإصلاحي، الأساليب العنيفة والظروف القاسية التي تعاني منهن السيدات داخل السجون.

 قبل أن يرسل أحدي رجال الدين المناضلين ويدعى “أحمد الأنصاري” العديد من الوثائق والمستندات إلى كبار مسؤولين الدولة تكشف الجرائم التي تقام في السجون في حق النساء.

رجل الدين الشهير “حسين علي المنتظري” انتقد في كتابة “جرائم النظام الملالي” الاعتداءات في حق السجينات، ونشر عدة وثائق رسمية وقانونية تدين الطرق الوحشية لاغتصاب الفتيات دون السن والسيدات، وأن جميعهن لم يفلتن من يد المغتصب المتمثل في رجل الأمن.